عام 2023.. بريق نجم وأفول آخر في غرب إفريقيا
11:38 - 29 ديسمبر 2023أعادت موسكو فتح سفارتها المغلقة منذ عام 1992 في بوركينا فاسو، فيما اتخذت فرنسا قرارا بإغلاق سفارتها في النيجر المجاورة، في حدثين يلخصان حصيلة عام 2023 للبلدين في إفريقيا، والذي شهد صعودا للنجم الروسي مقابل خفوت النجم الفرنسي.
وأعادت روسيا، الخميس افتتاح سفارتها، وفق ما أفادت مصادر حكومية في واغادوغو، والسفير الروسي في كوت ديفوار المجاورة، المعتمد في بوركينا فاسو، أليكسي سالتيكوف.
ونقلت وكالة الأنباء الروسية الرسمية "تاس" عن سالتيكوف قوله: "وصلنا إلى واغادوغو لاستئناف أنشطة السفارة الروسية في هذا البلد الذي يعد شريكنا منذ فترة طويلة وتربطنا به، روابط صداقة متينة".
في المقابل، أنهى الجيش الفرنسي، في 22 ديسمبر الجاري، انسحابه من النيجر المجاورة لبوركينا فاسو، وفق ما أعلن الجيش النيجري في احتفال بالعاصمة نيامي، وذلك بناء على طلب نيامي من باريس؛ نتيجة الدعم الفرنسي للرئيس محمد بازوم، الذي عزله الجيش النيجري في انقلاب 26 يوليو الماضي.
كما قررت باريس إغلاق سفارتها في النيجر "لفترة غير محددة؛ لأنها باتت غير قادرة على العمل بشكل طبيعي"، كما جاء في تقرير لموقع "مونت كارلو".
تعاون متسارع
- في 19 ديسمبر، صرح رئيس وزراء النيجر، علي الأمين زين، بأن بلاده تعزز علاقاتها بموسكو في عدة مجالات، ومنها المجال العسكري لمواجهة التهديد الإرهابي.
- لتعزيز التعاون العسكري والاستثمارات، زار وزير الدفاع الروسي، يونس بك يفكوروف، إفريقيا أكثر من مرة، أحدثها في 3 ديسمبر إلى ليبيا؛ حيث التقى قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، لبحث سبل التعاون المشترك.
- في 22 نوفمبر أعلنت شركة "فاغنر" العسكرية الروسية الخاصة، دورها في دعم جيش دولة مالي في استرداد مدينة كيدال الإستراتيجية من يد "المتمردين" في شمال البلاد، عقب ظهورها في فيديو ترفع رايتها السوداء فوق حصن المدينة بعد انتهاء المعارك.
- في أكتوبر، أعلنت بوركينا فاسو أنها وقعت اتفاقا مع روسيا لبناء محطة نووية لتغطية احتياجات السكان من الطاقة، في بلد لا تصل الكهرباء فيه لسوى ربع السكان.
دوافع التوجه لإفريقيا
كثَّفت موسكو خطواتها للتعاون مع القارة بشكل ملحوظ بعد العقوبات التي فرضها عليها خصومها في أوروبا والولايات المتحدة بعد ضمها شبه جزيرة القرم عام 2014، وزاد ذلك بعد عقوبات أخرى نتيجة الحرب الدائرة بينها وبين أوكرانيا منذ 2022.
استغلت روسيا الضيق الشعبي من الماضي الاحتلالي القديم لفرنسا في دول وسط وغرب إفريقيا بشكل خاص، في تقديم نفسها للأفارقة هناك كقوة صديقة، ليس لها إرث احتلالي، ويمكنها المشاركة في النهضة العسكرية والاقتصادية بدون شروط مجحفة.
تبلور النجاح الروسي في ذلك بعقد القمة الروسية الإفريقية الأولى في سوتشي عام 2019، التي حضرها قادة 43 دولة من القارة البالغ عدد دولها 54.
كذلك تردد صدى هذا التعاون مع رفض كثير من دول إفريقيا الاشتراك في فرض العقوبات على روسيا بعد حرب أوكرانيا، ودعمها في جلسات مجلس الأمن الدولي التي طلبت أطراف في أوروبا والولايات المتحدة عقدها لإدانة موسكو.
وفي مارس 2023 وقَّع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على وثيقة الاستراتيجية الجديدة للسياسة الخارجية، والتي كان أقرها في سبتمبر 2022، وتسير في اتجاه توثيق العلاقات مع إفريقيا.
أبرز أشكال التعاون هذا العام تجلت في الجانبين العسكري والأمني، وعبر شحنات الأسلحة الروسية والتدريب؛ حيث تعد موسكو أكبر مورد أسلحة للقارة بنسة 44%، كما ترسخ وجود مجموعة "فاغنر" في عدة دول، منها مالي، وذلك بجانب دعم إنشاء محطات نووية، واستثمارات التعدين.
فرنسا وإفريقيا.. كيف تسيطر على عدة دول بورق ملون؟
مصالح متبادلة
عن أحد أبرز أشكال التعاون بين روسيا ودول بالقارة في نهاية العام، وهو تمدد مجموعة "فاغنر"، يقول الباحث المتخصص في شؤون غرب إفريقيا، تشارلز أسيجبو، ن وضع "فاغنر" الآن في مالي يحقق مصالح كل طرف من التعاون بينهما.
ويضيف موضحا، أن المجموعة الروسية "تستغل" شركائها هناك في الاستفادة من الموارد الطبيعية للبلاد، وترسيخ قدم روسيا لملء الفراغ بعد رحيل القوات الفرنسية، فيما تستفيد منها السلطة الحاكمة في "الحفاظ على سلطتها السياسية".
إلا أن أسيجيو يلفت في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" إلى أن "فاغنر" ترتكب "انتهاكات" لحقوق الإنسان، مستدلا بتقرير للأمم المتحدة أشار إلى أنها قتلت 500 شخص في قرية في مالي عام 2022.
ومن ناحيته، يلفت الباحث في العلاقات الدولية، هاني الجمل، إلى أن وجود "فاغنر" في مالي يعتبر "وجودا شرعيا"؛ نتيجة توقيع اتفاقية عسكرية بين السلطات المالية وبين موسكو، وعلى أساسها دخلت المجموعة في معركة كيدال (بين الحكومة والمتمردين وانتهت بانتصار حكومي)، مشيرا بدوره إلى أن روسيا ترى في هذا التعاون فرصتها لترسيخ وجودها هناك محل فرنسا.
ويضيف لموقع "سكاي نيوز عربية" أن مقاتلي المجموعة تم نقلهم من ليبيا وسوريا إلى مالي لمساعدة الجيش في معركة كيدال، عقب خروج بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام "مينوسيتا" من المدينة.