هل تؤثر قضية المهاجرين على مسار الانتخابات الأميركية؟
01:21 - 26 ديسمبر 2023أثار حديث الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب "القاسي" بشأن دخول المهاجرين إلى البلاد بشكل غير قانوني، رد فعل عنيف من الديمقراطيين، في الوقت الذي تصاعدت التساؤلات بشأن تأثير ذلك على الانتخابات الرئاسية المرتقبة بالنظر لترجمة ذلك لـ"أصوات انتخابية".
وتعرض ترامب الذي يُنظر إليه على أنه المرشح الأوفر حظا لنيل ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة في 2024، لانتقادات حادة بسبب هجماته اللفظية على المهاجرين، حيث قال في تجمع انتخابي بولاية آيوا "صحيح أنهم يُفسدون دماء بلادنا. هذا ما يفعلونه. إنهم يدمرون بلدنا".
تفاصيل الأزمة
• أدان البيت الأبيض، قبل أيام، ترامب، لاستخدامه ما وصفه بأنه خطاب أشبه بالفاشي بعد أن قال إن المهاجرين "يسممون دماء بلادنا".
• اتهمت حملة جو بايدن الرئيس السابق بأنه أشبه "بهتلر"، حتى أن بعض الجمهوريين نأوا بأنفسهم عن تصريحات ترامب، بما في ذلك منافسا الرئاسة حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، ونيكي هيلي.
• ترى شبكة "سي إن إن" الأميركية، أنه بالنظر للخطاب السلبي من ترامب تجاه المهاجرين، يُعتقد أن كلماته ستكلفه بالتأكيد الأصوات الانتخابية، لكن ما تظهره استطلاعات الرأي هو أنه من بين الناخبين بشكل عام، يتمتع ترامب بثقة أكبر بكثير من الرئيس الحالي بايدن خاصة في قضايا الهجرة وأمن الحدود، كما أنه يبلي بلاء حسنا بين الناخبين المهاجرين.
• وفق وكالة "فرانس برس" فإن الهجرة واحدة من أكثر القضايا إثارة للانقسام مع قرب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، المقررة في نوفمبر المقبل.
• بحسب آخر استطلاعين للرأي لـ"سي إن إن" وشركة "إس إس أر إس"، عن عينة من الناخبين ولدوا في بلد آخر غير الولايات المتحدة، حصل بايدن وترامب على النسبة ذاتها في هذا الاستطلاع بنحو 48 بالمئة، للتصويت في الانتخابات المقبلة.
• إذا استمر هذا، فسيكون ذلك تحولا كبيرا عن انتخابات 2020، عندما فاز بايدن بأصوات الناخبين المهاجرين بحوالي 20 نقطة، وفقا للدراسة الانتخابية التعاونية بالولايات المتحدة.
• قد تكون هذه النتيجة مفاجئة للبعض، بيد أن استطلاعات الرأي الأخيرة أظهرت أن ترامب يتفوق على أرقامه لعام 2020 بين الناخبين الملونين (بما في ذلك الناخبين السود واللاتينيين).
• علاوة على ذلك، فإن استطلاعا للرأي قد يفسر سبب عدم انزعاج المهاجرين بكلمات ترامب، لسبب واحد، هو أن الهجرة وأمن الحدود ليست القضية الرئيسية في السباق، بالنظر لإشارة 40 بالمئة من الناخبين إلى المخاوف الاقتصادية (بما في ذلك التضخم) باعتبارها القضية الرئيسية التي تواجه البلاد، بينها تحظى الهجرة وأمن الحدود بنحو 10 بالمئة من الاهتمام.
• في دراسة استقصائية أجرتها كلية الحقوق بجامعة ماركيت في نوفمبر الماضي، قال 50 بالمئة من الناخبين المسجلين إن ترامب سيكون أفضل في مجال أمن الحدود والهجرة، بينما حظي بايدن بـ 27 بالمئة فقط في هذه الدراسة.
• تواجه شرطة مراقبة الحدود الأميركية والعديد من الولايات صعوبة في التعامل مع توافد آلاف المهاجرين الذين يصلون من المكسيك، في أزمة عرّضت الرئيس بايدن لهجمات مكثفة من خصومه الجمهوريين.
• قالت شرطة الحدود إن عدد المهاجرين الذين يعبرون الحدود بلغ في الأشهر الأخيرة 10 آلاف يوميا، وهو ارتفاع طفيف عما كانت عليه في الأشهر السابقة التي شهدت وصول مهاجرين بوتيرة متسارعة.
• قبل أيام، وقّع حاكم تكساس، وهو مناصر لترامب، قانونا يسمح لشرطة الولاية بتوقيف وترحيل مهاجرين يدخلون الولايات المتحدة بشكل غير قانوني من المكسيك.
• كان بايدن قد صرّح في وقت سابق من الشهر الجاري إنه جاهز "لتقديم تنازلات" للجمهوريين في الكونغرس بشأن خطة حول الحدود، بعدما طالبوا بتشديد ملموس لسياسة الهجرة مقابل الاتفاق على حزمة مساعدات جديدة لأوكرانيا.
• في المقابل، وخلال حملته الانتخابية الأولى للبيت الأبيض، قال ترامب في 2015 إن بعض المهاجرين من المكسيك "مغتصبون" و"يجلبون الجريمة"، وتعهد حينها ببناء جدار ضخم على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك لمنع المهاجرين من الدخول، إلا أنه ورغم بناء مئات الكيلومترات من الجدار إلا أن حالات عبور المهاجرين استمرت في الارتفاع.
اهتمام متزايد
يرى الباحث الأميركي المتخصص في شؤون الأمن القومي، سكوت مورغان، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الهجرة غير الشرعية وأمن الحدود، كانت إحدى القضايا التي حظيت ببعض الاهتمام في القانون الجديد بتكساس حيث يمكن لسلطات الولاية احتجاز الأفراد الذين دخلوا بطرق غير شرعية، في حين كانت هذه قوة يجب أن تقع على عاتق الحكومة الفدرالية ولكنها لم تطبّق على مدى السنوات القليلة الماضية.
وأوضح مورغان أن إدارة بايدن تقاضي تكساس بسبب هذا القانون، ومن ثم فإن هذه القضية يمكن أن تدفع الناس إلى صناديق الاقتراع لكل من الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء.
وأشار الباحث إلى أنه كان من المتوقع أن تكون قضية الهجرة قضية رئيسية خلال الانتخابات النصفية الأخيرة للكونغرس لعام 2022، لكن معظم الديمقراطيين قالوا إنها لم تكن قضية رئيسية كما أن الجمهوريين تجاوزوها.
وبشأن مدى مساهمة تلك القضية في زيادة حظوظ بايدن أو ترامب الانتخابية، قال مورغان إنه "في الوقت الحالي، تظهر استطلاعات الرأي أن الشعب الأميركي يعتقد أن أداء الجمهوريين في هذه القضية أفضل من أداء الديمقراطيين، وبالتالي مرشح الحزب الذين في الأغلب ستكون له الأفضلية فهو ترامب".
مخاوف مشروعة
الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، إيرينا تسوكرمان، أوضحت في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الهجرة في حد ذاتها لن تكون القضية التي تتصدر الاهتمام خلال الانتخابات الرئاسية، على الرغم من كونها قضية رئيسية تتطلب المناقشة والإصلاح.
وأشارت تسوكرمان إلى أنه في الآونة الأخيرة دخل أكثر من 14 ألف شخص إلى الولايات المتحدة بشكل غير قانوني عبر الحدود، مسجلين بذلك رقما قياسيا و"بعض هؤلاء الأشخاص هم من المجرمين والبعض الآخر رجال في سن الخدمة العسكرية من الصين، ومجموعات تفرّ من صراعات متنوعة في إفريقيا وجنوب شرق آسيا".
وبيّنت أن هناك "العديد من المخاوف المتعلقة بالقضايا، بدءا من نقص الموارد اللازمة لإقرار تأمين صحي لكل هؤلاء الأشخاص، إلى نقص الموارد الفدرالية لاستقرارهم في مدن الملاذ الآمن مثل نيويورك، إلى المحاكم المكتظة التي لا يمكنها مراجعة كل هذه القضايا حتى عشر سنوات من الآن، إلى انتشار الجرائم في ولايات أخرى، وكل هذه الأمور تمثل تحديا إضافية للشرطة الأميركية".
وتابعت تسوكرمان قائلة إن هذه القضية "أصبحت حرجة للغاية لدرجة أنها تؤثر بشكل خطير على فرص بايدن في إعادة انتخابه، في حين يطالب الجمهوريون بتخصيص موارد إضافية كبيرة لحل الأزمة وليس مجرد معالجة أفضل، إذ يسعون لإقرار سياسات جديدة من شأنها أن تؤدي إلى الحدّ من دخول المهاجرين إلى البلاد في المقام الأول، فضلا عن حل مشكلة المهاجرين الذين دخلوا بالفعل إلى مختلف الولايات الأميركية، والذين ينظر إليهم على أنهم استنزاف كبير للموارد".
وبدوره، يرى عضو الحزب الجمهوري والمحلل السياسي الأميركي ماك شرقاوي، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن قضية المهاجرين غير الشرعيين الذين دخلوا من الحدود الجنوبية تمثل مشكلة كبيرة للديمقراطيين، خاصة مع زيادة الأعداد لنحو 8 ملايين حتى الآن، وبالتالي فإن ميل الحزب لفكرة الحدود المفتوحة يمثل تهديدا للأمن القومي الأميركي بدخول عناصر تشكل قلقا للشرطة والأمن العام.
واختتم شرقاوي حديثه قائلا إن هذه القضية كانت نقطة ضعف في تقييم إدارة الرئيس بايدن، وستكون مشكلة تواجه الحزب الديمقراطي في الانتخابات المقبلة ويعوّل عليها الحزب الجمهوري كثيرا لحسم مرشحه تلك الانتخابات.
انتخابات أميركا.. الجمهوريون وصراع التيارات