COP28.. زخم عالمي واسع في الأسبوع الأول
17:45 - 07 ديسمبر 2023قطع مؤتمر الأطراف COP28 أشواطاً "تاريخية" بارزة في ملف التمويل بشكل خاص، محرزاً تقدمات واسعة على صعيد التعهدات والالتزامات الجديدة التي قطعتها الدول والمؤسسات المعنية على نفسها فيما يتصل بأدوات تمويل العمل المناخي.
وملف التمويل دائماً ما يأتي على رأس الملفات الأكثر إثارة للجدل في مؤتمرات المناخ، لا سيما في ظل الفجوة بين ما يحتاجه العالم من استثمارات مناخية، وما يتم إنفاقه فعلياً، لا سيما في البلدان النامية التي هي الأكثر تضرراً من ارتدادات أزمة المناخ بشكل واسع.
نجح COP28 في حشد تمويلات غير مسبوقة بهذا الزخم، بدعم من القيادة الإماراتية للمؤتمر الذي يُنظر إليها باعتباره محطة فارقة في تاريخ العمل المناخي.
ومن بين أبرز المحطات البارزة خلال الأسبوع الأول في ملف التمويل، ما يلي:
- إعلان الإمارات عن صندوق للحلول المناخية بقيمة 30 مليار دولار جديد للاستثمار في مشاريع صديقة للمناخ في أنحاء العالم.
- إعلان البنك الدولي عن أنه يهدف إلى زيادة تمويل المناخ ليمثل 45 بالمئة من إجمالي قروضه، وهو ما ينطوي على زيادة سنوية 9 مليارات دولار.
- إعلان بنك التنمية للبلدان الأميركية عن أنه سيستثمر أكثر من ملياري دولار سنويا حتى 2030 في أمريكا اللاتينية لمكافحة تغير المناخ.
- إعلان بنك التنمية الآسيوي عن أنه سيخصص عشرة مليارات دولار للاستثمار في الأنشطة المناخية بالفلبين بين عامي 2024 و2029.
- تعهدات مالية من اليابان وفرنسا، أعلنا عن أنهما سيدعمان خطة البنك الإفريقي للتنمية وبنك التنمية للبلدان الأميركية للاستفادة من حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي من أجل المناخ والتنمية.
- تعهدات بنوك إماراتية بحشد تريليون درهم أو حوالي 270 مليار دولار للتمويل الأخضر.
- إجمالي المساهمات المقدمة لصندوق الخسائر والأضرار -حتى الأربعاء- 726 مليون دولار
- تعهدات بقيمة 5 مليار دولار لصندوق المناخ الأخضر (أكبر صندوق دولي في العالم مخصص لدعم الأنشطة المتعلقة بمكافحة تغير المناخ في البلدان النامية).
ويعد ذلك غيضاً من فيض التعهدات التي حظى بها المؤتمر، بخلاف المبادرات الواسعة فيما يخص عديد من الملفات، بما في ذلك مواجهة انبعاثات غاز الميثان، وكذلك المبادرات في ملفات الصحة والتكنولوجيا والطاقة وخلافه.
التمويل المناخي
في هذا الصدد، قال أستاذ اقتصاديات البيئة بالقاهرة، علاء سرحان لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن هناك فرصة كبيرة من خلال COP28 للتوجه نحو زيادة التمويل المناخي وتنوع وتعدد آلياته، لتكون هناك فرصة للدول النامية لتستطيع التأقلم مع التغيرات المناخية.
وثمن الدور الذي تلعبه دولة الإمارات خلال استضافتها COP28 بمحاولتها البناء على ما حققته قمة المناخ بشرم الشيخ في مصر العام الماضي من إنجازات أيضاً، لتكون النسخة الحالية المقامة فيها مُميزة، مستدلًا على ذلك بنجاح الإمارات في تفعيل صندوق التعويضات عن الخسائر والأضرار الذي كان قد تم إنشاؤه من خلال الدبلوماسية المناخية المصرية في القمة الماضية.
وفي اليوم الأول لـ"COP28" كان مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28)، قد تبنى قراراً تفعيل إنشاء صندوق "الخسائر والأضرار" المناخية لمساعدة الدول الأكثر تضررًا من تغيّر المناخ، في خطوة تاريخية في اتجاه تخفيف التوترات المتعلقة بالتمويل بين دول الشمال والجنوب، والذي كان كوب 27 قد أقر إنشاؤه مبدئيًا لكن لم يتمّ تحديد خطوطه العريضة، مما يسلط الضوء على الإنجاز الذي تحقق في الدورة الحالية.
قيادة إماراتية
كما أشار أستاذ اقتصاديات البيئة بالقاهرة، إلى اتخاذ دولة الإمارات زمام المُبادرة، خلال النسخة الحالية من القمة بإنشاء صندوق بقيمة 30 مليار دولار للحلول المناخية على مستوى العالم، لتكون مثالًا تحتذي به الدول الأخرى خاصة المُتقدمة والغنية، حتى يكون كوب 28 أكثر اهتماما لإيجاد فرص حقيقية للدول النامية لتنفيذ برامج التكيف مع التغيرات المناخية.
- أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة صندوقاً لتحفيز التمويل المناخي (ALTÉRRA) بقيمة 30 مليار دولار.
- يهدف إلى تحفيز جمع واستثمار 250 مليار دولار بحلول عام 2030، ولاحقا تعهدت دولة الإمارات بتمويل قيمته 200 مليون دولار من حقوق السحب الخاصة بها لدى صندوق النقد الدولي.
- تخصيص 150 مليون دولار من دولة الإمارات لحل المشاكل المتعلقة بنقص الموارد المائية، وحلول الأمن المائي في المجتمعات الهشة والضعيفة في العالم.
وقال أستاذ اقتصاديات البيئة بالقاهرة، إن التعهدات المالية لم تترجم إلى إجراءات ملموسة منذ سنوات خلال النسخ السابقة لمؤتمر الأطراف مشددًا على ضرورة أن تتحول تلك التعهدات إلى حقيقة خلال كوب 28، ومن خلال دور الإمارات المُحفز بمتابعتها لالتزام الدول بتعهداتها ووضعها في صندوق الخسائر أو الأوعية الأخرى.
وأكد على أن دولة الإمارات ناجحة في العمل الجماعي والدبلوماسية، وتستطيع أن نكون لها قدرة أن يكون هناك حراك تجاه التعهدات، لافتًا إلى أن هناك مؤشرات تقول أنها خلال هذه النسخة لم تكن مجرد تعهدات مالية، لكن هناك دوافع لذلك منها:
- العالم شهد ارتفاعًا تاريخيًا في درجات الحرارة، إضافة إلى حدوث كوارث طبيعية، وهو ما سيحفز الدول تجنبًا لحدوث أضرار مستقبلًا.
- حدوث انفراجة بالاقتصاد الدولي الذي يواجه مشكلات كثيرة.
أعلن مرصد كوبرنيكوس الأوروبي، الأربعاء، أن العام 2023 سيكون "الأكثر حرّاً" في التاريخ المسجّل بعد أن كان نوفمبر المنصرم "استثنائياً" إذ أصبح سادس شهر على التوالي يحطّم أرقام حرّ قياسية.
وبحسب المرصد فإن "العام 2023 بات يضمّ 6 أشهر وفصلين قياسيِّين. إنّ شهر نوفمبر الاستثنائي هذا، يضمّ خصوصاً يومين كانت فيهما درجات الحرارة أعلى بدرجتين مئويتين بالمقارنة مع حقبة ما قبل الثورة الصناعية، ما يعني أنّ 2023 هو العام الأكثر حرّاً على الإطلاق في التاريخ المسجّل".
زيادة التمويل
وأكد الخبير البيئي في معرض حديثه مع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" على أن هنالك المزيد من الآمال ملقاة على كوب 28 أن يكون هناك دفعة أكبر للتمويل.
وأضاف أن التمويل المناخي يهدف إلى مساعدة الدول نفسها على التكيف وعمل بنية أساسية قادرة على الصمود والتصدي للتغيرات المناخية، وما زاد عن قدرة هذه الدول يكون من خلال صندوق التعويضات الذي يعد ملاذا أخيرًا.
- وفقًا للأمم المتحدة فمنذ العام 2009، أفضت المحادثات العالمية بشأن المناخ إلى الاتفاق على تعبئة 100 مليار دولار سنويًا للدول النامية من قبل الدول الغنية، من خلال المنح والقروض، لاتخاذ إجراءات مناخية، سواء للتكيف مع تغير المناخ أو خفض الانبعاثات
- وبحسب تقرير أصدرته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية "OECD" في نوفمبر الماضي، وصل إجمالي تمويل المناخ الذي قدمته البلدان المتقدمة للدول النامية في عام 2021 عند 89.6 مليار دولار، أي بزيادة قدرها 7.6 بالمئة عن مستويات العام 2020.
امتداد لمؤتمر شرم الشيخ
فيما أكد الخبير في العلاقات الدولية، أحمد سيد أحمد، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن كوب 28 يأتي استكمالًا لقمة المناخ السابقة بمصر، من خلال العمل على ضرورة إلزام الدول الغنية والمتقدمة بمساعدة الدول النامية.
وأوضح أن مساعدة الدول النامية من قبل الدول الكبرى يكون من خلال مستويين، هما:
- تقديم مساعدات مالية بقيمة 100 مليار دولار لمواجهة تأثيرات التغيرات المناخية السلبية المتعلقة بتصاعد التصحر والجفاف وشح المياه وانتشار حرائق الغابات
- تزويد ومساعدة الدول بالتكنولوجيا المتطورة لمساعدتها على التوسع في الاقتصاد الأخضر، وهي تكنولوجيا متطورة تحتاج إلى أموال طائلة في ظل الاتجاه العالمي نحو تقليل الانبعاثات الحرارية.
وذكر أن تمويلات مواجهة التغيرات المناخية تعاني من بعض المشكلات التي تتسبب في عدم ترجمتها لواقع في وقت سابق، ومن بينها:
- الدول الغنية منها على سبيل المثال أميركا وأوروبا واليابان والصين، وهم المسؤول الأكبر عن الانبعاثات، والذين أعطوا وعودًا كثيرة لكنها لم تترجم حتى الآن على أرض الواقع بالالتزام بتلك التعهدات، وبالتالي كان هناك تراجع كبير من هذه الدول فيما يتعلق بالمساعدات تجاه الدول النامية.
- حالة الاستقطاب والصراع بين الدول الكبرى خاصة أميركا والصين وهو ما له انعكاسات سلبية على ما يتعلق بتقليل الانبعاثات أو تقديم المساعدات المالي،ة فهما دولتان تمثلان جزء من الاسهامات في هذا الصندوق.
- غياب آليات مُلزمة من مجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي لإرغام الدول الكبرى والضغط عليها لتنفيذ تعهداتها، وبالتالي عدم وجود آليات لمحاسبتها ومعاقبتها على عدم تنفيذها، ففي ظل الخلل في النظام الدولي والقانوني ليس هناك ضمانات أو آليات لإلزامها ومحاسبتها على تقديم هذه المساعدات.
وشدد على أن مؤتمر الأطراف للمناخ في الإمارات له أهمية كبيرة، ويعد بمثابة خطوة مهمة في اتجاه بناء رأي عام عالمي على مسارين:
- الاستمرار بتقليل الانبعاثات.. وقد قدمت الإمارات إلى جانب مصر نموذجا مهما لبقية الدول في التوسع بالاقتصاد الأخضر وتقليل الانبعاثات
- بناء تيار عالمي للضغط على الدول الغنية والمتقدمة لتقليل الانبعاثات من ناحية وتقديم مساعدات للدول الأكثر تضررا من تأثيرات التغيرات المناخية.