كيف تؤثر حرب غزة على قطاع السفر والسياحة في الشرق الأوسط؟
21:34 - 16 نوفمبر 2023بعد أن نفض غبار جائحة كورونا وشهد انتعاشاً قوياً، تلقى قطاع السفر والسياحة وتحديداً في منطقة الشرق الأوسط ضربة جديدة، بسبب التصعيد في قطاع غزة.
وتسبب التصعيد في إلغاء الكثير من حجوزات الطيران والفنادق وخصوصاً إلى الدول القريبة من منطقة الصراع مثل مصر والأردن ولبنان، بحسب خبراء سياحة أكدوا في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن قطاع الأعمال حالياً هو المسيطر على حركة السفر إلى المنطقة وخصوصاً إلى دول الخليج.
وتراجع الطلب على السفر إلى منطقة الشرق الأوسط منذ بدء التصعيد في السابع من أكتوبر، وتنفيذ إسرائيل بعدها ضربات جوية وعمليات برية على قطاع غزة، حيث أظهرت بيانات لشركة "فوروارد كيز" لتحليل حركة السفر، انخفاض حجوزات الطيران الدولية على مستوى العالم خاصة في الأميركتين مع إلغاء الناس رحلاتهم إلى الشرق الأوسط ومختلف أنحاء العالم.
وبحسب بيانات الشركة انخفضت تذاكر الطيران الدولية الصادرة في منطقة الشرق الأوسط 9 بالمئة في الأسابيع الثلاثة التي أعقبت 7 أكتوبر، مقارنة بعدد التذاكر الصادرة قبل الأسابيع الثلاثة من الصراع، وتراجعت حجوزات الرحلات الدولية للسفر إلى المنطقة 26 بالمئة في الأسابيع الثلاثة التي أعقبت الصراع، وهبطت حجوزات الرحلات الدولية في المتوسط 5 بالمئة عبر المناطق.
كما أعلنت بعض شركات الطيران العالمية أنها لن تطير دول منطقة الشرق الوسط لأسباب أمنية، ومنها "لوفتهانزا" و"يورو وينغز" والخطوط الجوية السويسرية، التي أوقفت رحلاتها إلى لبنان في منتصف أكتوبر الماضي، وانخفضت تذاكر السفر إلى مصر 26 بالمئة على أساس سنوي وإلى الأردن بنسبة 49 بالمئة وإلى لبنان بنسبة 74 بالمئة، وفقاً لبيانات "فوروارد كيز".
المسافرون يحولون مسارهم عن منطقة الصراع
في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، يقول الخبير السياحي وليد العوا: "يمكن أن نتحدث عن اتجاهين لتوصيف حركة السفر إلى منطقة الشرق الأوسط، الأول يشير إلى حدوث إلغاءات في حجوزات السفر والفنادق وتحديداً إلى الدول المحيطة بمنطقة الصراع، حيث لاحظنا إلغاء حجوزات كثيرة باتجاه مصر والأردن ولبنان على سبيل المثال".
أما عن الاتجاه الثاني، فهناك زيادة ملحوظة في أعداد المسافرين من فئة رجال الأعمال إلى منطقة الخليج بالإضافة إلى ارتفاع نسب الإشغال الفندقي من قبل هذه الفئة مقارنة بالعام الماضي، وذلك بسبب تحويل المسافرين لمسارهم من منطقة الصراع والدول المحيطة بها إلى الدول المستقرة في الشرق الأوسط والبعيدة عن منطقة الصراع، بمعنى أن قطاع الأعمال هو المسيطر على السفر في شهر نوفمبر، بحسب العوا.
ولكن الخبير السياحي العوا يوضح أن تأثير حرب غزة على قطاع السفر والطيران في المنطقة سيتضح أكثر خلال فترة العطلات الشتوية التي ستبدأ في منتصف ديسمبر المقبل، متوقعاً أن يكون التأثير شديداً وواضحاً على معظم دول المنطقة بما فيها الدول القريبة من الأحداث الجارية لكنه لن يكون ملحوظاً في منطقة الخليج.
وكان قطاع السفر العالمي يسير بقوة نحو الانتعاش والتعافي من تداعيات جائحة كورونا، ليأتي الانخفاض الحالي معاكساً لهذا الاتجاه حيث أظهرت الحجوزات قبل يوم واحد من بدء الصراع أن السفر الجوي العالمي في الربع الأخير من العام سيتعافى بنسبة 95 بالمئة من مستويات عام 2019، لكن اعتباراً من أواخر أكتوبر، انخفضت التوقعات إلى 88 بالمئة، وفقاً لبيانات "فوروارد كيز".
كما يؤكد اتجاه القطاع للتعافي التام ما أعلنه الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) في أحدث تقاريره عن نمو الطلب في قطاع السفر الجوي خلال شهر سبتمبر 2023، مشيراً إلى أن شركات الطيران في الشرق الأوسط شهدت زيادة بنسبة 26.6 بالمئة في حركة المرور خلال شهر سبتمبر مقارنة بالعام الماضي.
التأثير الأكبر يطال مصر والأردن ولبنان
بدوره، يرى الخبير الاقتصادي على حمودي في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن التأثير الأكبر للحرب على غزة سيكون على الوجهات الشهيرة في الشرق الأوسط، خاصة مع اقتراب عيد الميلاد، في وجهات مثل الأردن والأراضي المقدسة ومصر، وسيبتعد الكثير من السياح الدوليين عن هذه الوجهات، لذلك أعتقد أن صناعة السياحة والسفر في المنطقة ستتأثر على الأرجح على المدى القصير لأن معظم المسافرين الأجانب، وخاصة المسافرين الغربيين، لا يفهمون تماماً أن الروابط بين الأجزاء المختلفة من المنطقة من حيث التأثير الحقيقي المباشر نتيجة للحرب في غزة".
ومع تداول حرب غزة في الأخبار على مدار 24 ساعة يومياً فمن المؤكد أن ذلك سيترك شعوراً سلبي تجاه رغبة الناس في السفر، وخاصة السفر الترفيهي، بحسب حمودي الذي أشار إلى انخفاض حجوزات الطيران الدولي بنسبة خمسة بالمئة في الأسابيع الثلاثة التي تلت هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، مقارنة بعدد التذاكر الصادرة قبل ثلاثة أسابيع من الهجوم، ما أدى إلى تراجع الانتعاش العالمي في السفر الدولي من الوباء.
من جهته، يقول المستشار السياحي وائل الباهي في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": "هناك تأثير مباشر لحرب غزة على قطاع السفر والسياحة في منطقة الشرق الأوسط وذلك على دول مثل مصر والأردن اللتان تعدان من أفضل الدول في مجال السياحة بمنطقة الشرقة الأوسط".
أما بقية الدول في المنطقة مثل سورية ولبنان والعراق واليمن بطبيعتهم متأثرين بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية، بينما لم نلحظ في دول منطقة الخليج إلغاء حجوزات بشكل واضح للسفر إليها، بل نجد انتعاش السوق الصيني وخصوصاً باتجاه دولة الإمارات بعد انتهاء قيود الجائحة حيث يوجد حجوزات كبيرة في إمارة دبي، وكذلك حجوزات من السوقين الروسي والهندي، طبقاً لمنا قاله الباهي.
من جانبه، يقول سعيد العابدي رئيس مجموعة "العابدي القابضة للسياحة والسفر": "إن قطاع السفر والسياحة حساس تجاه الكثير من العوامل منها الطبيعية كالكوارث وكذلك الحروب والإضرابات وغيرها، ولا شك في أن الصراع الدائر الآن في قطاع غزة يؤثر على حركة السفر والسياحة في منطقة الشرق الأوسط، ولكن التأثير لا يزال محدوداً باستثناء بعض الدول المحيطة بفلسطين مثل الأردن ومصر ولبنان حيث لاحظنا إلغاء الكثير من حجوزات السفر إليها، ونتمنى أن تتوقف الحرب وتنتهي المأساة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الشقيق".
ويشير العابدي في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن حركة السفر والسياحة في دول منطقة الخليج بعيدة عن تأثيرات الحرب، لكنه أوضح أنه على المدى الطويل يمكن أن تطال الحرب كل منطقة الشرق الأوسط في حال استمرار الحرب وخروجها عن نطاقها الجغرافي.