كيف تؤثر التوترات في غزة على شركات الدفاع الأميركية؟
15:42 - 23 أكتوبر 2023يواجه قطاع صناعة الدفاع بالولايات المتحدة الأميركية اختباراً صعباً؛ في ضوء ما يفرضه التصعيد بين حماس وإسرائيل من ضغوطات مع تواصل دعم واشنطن العسكري والمالي لتل أبيب.
بينما يعاني القطاع نفسه من مجموعة من التحديات جراء الدعم الأميركي لأوكرانيا منذ بداية الحرب مع روسيا في 24 فبراير 2022.
وفي هذا السياق، يستعد مصنعو الأسلحة الأميركيون لتسريع إمدادات الأسلحة إلى إسرائيل في وقت يتعرضون فيه بالفعل لضغوط لتسليح أوكرانيا وتجديد مخزون البنتاغون المستنزف، وهو تحد يقول محللون إنه "سيزيد الضغط على قاعدة صناعية دفاعية ممتدة".
وبحسب تقرير نشرته صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، فإنه "على النقيض من أوكرانيا، التي تلقت مئات الدبابات والمركبات المدرعة، فإن إسرائيل:
- تسعى في المقام الأول إلى الحصول على الذخائر، مع وجود صواريخ اعتراضية لنظام الدفاع الصاروخي (القبة الحديدية) على رأس قائمة رغباتها.
- من بين احتياجاتها أيضاً ذخائر جو-أرض دقيقة وقذائف دبابات من عيار 120 ملم.
- لكن مع استمرار الصراع، يقول المحللون إن إسرائيل قد تحتاج إلى نفس النوع من أنظمة الصواريخ الموجهة التي تعاني الآن من نقص في أوكرانيا، بما في ذلك الطائرات المسلحة بدون طيار، بالإضافة إلى قذائف مدفعية عيار 155 ملم.
وأصر الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي تعهد بتزويد إسرائيل وأوكرانيا بكل الأسلحة التي تحتاجانها لدفع حملتهما ضد حماس وروسيا على الترتيب، على أن بلاده يمكنها تلبية المطالب - وإبقاء البنتاغون جاهزًا لحالات طوارئ أخرى، مثل أي حرب على تايوان.
ومع ذلك، يقول المحللون إن:
- حرب أوكرانيا قدمت ما يشبه دعوة للاستيقاظ لصناعة الدفاع الأميركية، التي كانت تقلل من التركيز على إنتاج الأسلحة اللازمة في الحروب البرية التقليدية وتركز أكثر على أنظمة المراقبة والاستطلاع المتقدمة تكنولوجياً اللازمة لمكافحة الإرهاب.
- تعرقلت الحاجة إلى التحول بسرعة إلى زيادة الأسلحة التقليدية بسبب نقص الإمدادات والعمالة بعد وباء كورونا.
دعم متزامن.. لأوكرانيا وإسرائيل
من جانبه، يقول الأكاديمي الأميركي أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هاملتون في نيويورك، آلان كفروني، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إنه "من المؤكد أن الولايات المتحدة لديها القدرة المالية لدعم كل من أوكرانيا وإسرائيل"، مستشهداً بتصريحات وزيرة الخزانة جانيت يلين، والتي أكدت أن "أميركا يمكنها بالتأكيد الوقوف إلى جانب إسرائيل ودعم احتياجات إسرائيل العسكرية، كما يمكننا ويجب علينا دعم أوكرانيا في صراعها ضد روسيا". وهذا ما أكده خطاب بايدن أيضاً.
ويشير إلى التزامات واشنطن لأشهر وربما لسنوات مقبلة. وبطبيعة الحال، سوف يتطلب مثل هذا الدعم تعيين رئيس جديد لمجلس النواب. وعندما يحدث ذلك، ستجمع إدارة بايدن الدعم لإسرائيل وأوكرانيا، من أجل ضمان الأموال للأخيرة التي عارضها العديد من الجمهوريين في مجلسي النواب والشيوخ.
ويضيف: "سيزداد الدعم الأميركي لإسرائيل، الذي يبلغ حالياً 3.8 مليار دولار سنوياً، إلى حد كبير من خلال تجديد الصواريخ الاعتراضية الدفاعية لـ "القبة الحديدية" وكذلك القنابل والمدفعية الدقيقة. وفي يوم واحد من الأسبوع الماضي، أفادت التقارير بأن إسرائيل ألقت 6000 قنبلة على غزة. وستكون هناك حاجة إلى الكثير إذا شن الجيش الإسرائيلي، كما يبدو مرجحاً، هجوماً واسع النطاق على غزة".
كما تطلب أوكرانيا تجديدًا هائلاً للصواريخ المضادة للدبابات، فضلاً عن الصواريخ الدقيقة طويلة المدى والدبابات وناقلات الجنود المدرعة.
- على عكس أوكرانيا، تمتلك إسرائيل صناعتها الدفاعية الخاصة بها وأسلحتها المتقدمة، والتي لم يتم استهداف أي منها من قبل قوة عظمى.
- كما أنها تتلقى مساعدة كبيرة من الولايات المتحدة، التي تقدم ما يقرب من 4 مليارات دولار من المساعدات العسكرية للبلاد سنوياً، بما في ذلك حوالي 500 مليون دولار للدفاعات الجوية والصاروخية.
- تنفق إسرائيل أيضاً بشكل كبير على الأسلحة الأميركية، حيث اشترت ما قيمته 53.5 مليار دولار تقريبًا على مدى العقود السبعة الماضية، وفقاً لوكالة التعاون الأمني الدفاعي، بما في ذلك 6.5 مليار دولار في السنوات الخمس حتى العام 2022.
ذخائر ومعدات
وفي هذا السياق، نقل تقرير الصحيفة البريطانية تصريحات لمسؤول دفاعي أميركي، ذكر خلالها أن الولايات المتحدة تزود الجيش الإسرائيلي بسرعة بموارد إضافية بما في ذلك الذخائر والمعدات. وقد وصلت أول شحنتين من المساعدات العسكرية العاجلة إلى إسرائيل (بعد أسبوع من بدء الصراع)، بما في ذلك قنابل صغيرة القطر وذخائر أخرى.
وقالت الولايات المتحدة إنها ستزيد شحنات الصواريخ الاعتراضية لنظام القبة الحديدية الإسرائيلي، وهو درع دفاع جوي متطور قصير المدى مصمم للحماية من الصواريخ وقذائف المدفعية من النوع الذي يتم إطلاقه من غزة.
وقال مسؤول الدفاع الأميركي: "لقد خرجت بعض صواريخ القبة الحديدية الاعتراضية من المخزون الذي كان لدى الولايات المتحدة في البلاد وذهبت إلى الإسرائيليين في وقت قصير.. سنرسل المزيد من صواريخ القبة الحديدية الاعتراضية حتى تتمتع إسرائيل بالقدرات التي تحتاجها للحفاظ على أنظمتها الدفاعية ذات القبة الحديدية وحماية مواطنيها ومدنها".
ويتوقع المسؤولون الأميركيون أن تحتاج إسرائيل إلى صواريخ اعتراضية إضافية تتجاوز تلك المدرجة بالفعل في حزمة المساعدات الأميركية الفتاكة للبلاد.
وبحسب كفروني، فإنه ليس من المستغرب أن ترتفع مخزونات شركات تصنيع الأسلحة الأميركية الكبرى، بما في ذلك لوكهيد مارتن ونورثروب غرومان وجنرال دايناميكس وآر تي إكس (رايثيون سابقًا)، حتى من المستويات الأعلى بالفعل الناتجة عن الحرب في أوكرانيا (..) ويُتوقع أن يطلب بايدن 106 مليارات دولار لأوكرانيا وإسرائيل.
ويشدد على أن ذلك لا يعكس زيادة توفير الأسلحة في الحروب الحالية فحسب، بل يعكس أيضاً احتمال قيام الولايات المتحدة وأوروبا بتعزيزات عسكرية كبيرة في السنوات المقبلة.
قيود قطاع الدفاع
ويعتقد بأنه "في الأمد القريب، لن تكون المشاكل المتعلقة بالإمدادات العسكرية مالية، بل إنها تعكس القيود الكبيرة المفروضة على إنتاج قطاع الدفاع، والذي يواجه بالفعل تحديات هائلة بعد ثمانية عشر شهراً من الحرب في أوكرانيا".
- يتم إنتاج الصواريخ الاعتراضية، المعروفة أيضاً باسم صواريخ تامير، من قبل شركة الدفاع الأميركية RTX، وشركة Raytheon Technologies سابقاً، ومجموعة Rafael Advanced Defense Systems الإسرائيلية، ويتم تجميعها في إسرائيل.
- الأسلحة الأخرى التي تسعى إسرائيل إلى الحصول عليها - بما في ذلك أنظمة جو-أرض مثل ذخائر الهجوم المباشر المشترك (JDAMs)، وصواريخ هيلفاير والقنابل ذات القطر الصغير (SDBs) - يمكن أن يكون من الأسهل على الولايات المتحدة توريدها، وذلك بفضل الاستثمار الضخم في الإنتاج. وستكون القفزة في الطلب بمثابة فرصة للمصنعين.
- يتم تصنيع صواريخ هيلفاير بواسطة شركة لوكهيد مارتن، بينما تنتج بوينغ صواريخ JDAM وSDB
- قال محللون إنه سيكون من السهل زيادة إنتاج صواريخ JDAM على وجه الخصوص، وهناك قدرة فائضة على صواريخ Hellfire لأن الحكومة الأميركية أبطأت مشترياتها في السنوات الأخيرة. وستحتاج إسرائيل أيضاً إلى قذائف دبابات من عيار 120 ملم، من إنتاج شركة جنرال دايناميكس.
حروب قصيرة
من جانبه، يشير رئيس مؤسسة GeoStrategic Analysis، بيتر هوسي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إلى أن الإطاحة السريعة بطالبان في العام 2001 والنصر السريع في العراق في العام 2003 بالنسبة للولايات المتحدة، هي عوامل عكست "الأداء الرائع لجزء كبير من التكنولوجيا العسكرية الأميركية".
ويضيف: "هذا ما أقنع مخططي الدفاع بأن الحروب ستكون قصيرة.. وهكذا، كان لدينا إلى حد كبير مخزون صغير نسبياً من الأسلحة؛ لأننا افترضنا أن الحروب ستكون محدودة المدة".
ويوضح أن "المخزونات الكبيرة ذات كلفة مالية باهظة.. وعلى هذا فقد تبنت الأذرع التنفيذية المسؤولة والكونغرس الأميركي افتراض الحرب القصيرة، لكن هذا الافتراض لم تتم مناقشته بشكل صريح".
ويتابع: "الآن لدينا مشكلة حرب على جبهتين، حيث الصواريخ والقذائف الصاروخية والدفاعات والمدفعية والطائرات بدون طيار هي "عملة العالم". والإمدادات ضعيفة والقاعدة الصناعية ممتدة".
ووفق "فاينانشال تايمز" فقد ارتفعت أسهم شركات (لوكهيد وآر تي إكس ونورثروب غرومان، وجنرال ديناميكس) وهم أربع من الشركات المتعاقدة الكبرى مع البنتاغون - بشكل حاد منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر.
بينما تظل الأسئلة الأكبر المتعلقة بإمدادات الأسلحة تدور حول شكل الحرب - وما إذا كان الهجوم البري الإسرائيلي المتوقع في غزة سيجذب ميلشيات مسلحة أخرى، بما في ذلك "حزب الله"، الذي اشتبك مع القوات الإسرائيلية عبر الحدود اللبنانية بشكل متقطع في الأيام الأخيرة.
وفي هذا السياق، يشير محللون إلى أن الصراع مع حزب الله من شأنه أن يزيد بشكل كبير احتياجات إسرائيل من الأسلحة، مما يضعها في منافسة مباشرة أكبر مع أوكرانيا على الإمدادات الأميركية.
المزيد من الأسلحة
وقالت الولايات المتحدة، مساء السبت، إنها سترسل المزيد من أنظمة الأسلحة المتطورة إلى الشرق الأوسط.
وأعلن وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، عن أنه سيرسل بطارية دفاع جوي على ارتفاعات عالية (ثاد) وأنظمة دفاع جوي إضافية من طراز باتريوت إلى مواقع في جميع أنحاء الشرق الأوسط بعد التحدث مع الرئيس جو بايدن حول "التصعيد الأخير من قبل إيران والقوات العميلة لها في جميع أنحاء المنطقة".
وقال أوستن إنه وضع عدداً إضافياً لم يكشف عنه من القوات تحت أوامر "الاستعداد للنشر" لتعزيز جهود الردع الإقليمية بعد أن تعرضت قاعدتان عسكريتان تستضيفان قوات أميركية في العراق لهجوم من قبل مسلحين الأسبوع الماضي.
وقد نشرت الولايات المتحدة بالفعل مجموعتين من حاملات الطائرات ووضعت 2000 من مشاة البحرية على أهبة الاستعداد للانتشار في المنطقة.
وجاء النشر الإضافي وسط تحذيرات من تصعيد إقليمي محتمل. في وقت اتهم فيه الجيش الإسرائيلي الأحد حزب الله في لبنان بممارسة "لعبة خطيرة للغاية" تهدد "بجر لبنان إلى حرب لن يكسب منها شيئا، لكنه سيخسر الكثير".