مصر.. وجبات طعام طلاب المدارس في قبضة التضخم
14:18 - 23 سبتمبر 2023يستقبل المصريون العام الدراسي الجديد في ظل حالة من الغلاء الممتد الذي يشمل أسعار الكثير من المواد الاستهلاكية الأساسية، مع الضغوط التضخمية التي تلقي بظلالها على مختلف القطاعات، بينما تسعى الدولة المصرية لاحتواء تلك الأزمات بمبادرات للتخفيف عن كاهل المواطنيين، جنبا إلى جنب والإجراءات المرتبطة بالسياسات الاقتصادية والنقدية.
ومع بداية العام الدراسي 2023-2024 تحسب كل أسرة حساباتها بشأن تكلفة احتياجات الأبناء اليومية، والتي يأتي على رأسها حافظة الطعام أو "اللانش بوكس" الذي يحتوي على وجبة إفطار الأبناء خلال يومهم المدرسي، ويكون غنياً بالعناصر الغذائية المختلفة، والذي ارتفعت تكلفته؛ متأثرة بالارتفاع الكبير في أسعار السلع الغذائية التي تدخل في تحضيره مثل منتجات الألبان واللحوم والخبز إضافة إلى الفاكهة والعصائر وعناصر أخرى.
وقفز معدل التضخم السنوي في مصر في أغسطس الماضي إلى مستوى غير مسبوق بلغ 37.4 بالمئة، مقابل 36.5 بالمئة في يوليو، وجاء ذلك مدفوعاً بالزيادة الكبيرة في أسعار الغذاء والتي بلغت 71.4 بالمئة على أساس سنوي، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن أسعار الطعام والمشروبات، ارتفعت على أساس سنوي، بنسبة 71.9 بالمئة، مع زيادة أسعار اللحوم والدواجن 97 بالمئة، والخضروات 98.4 بالمئة والأسماك والمأكولات البحرية 86 بالمئة.
ارتفاع الأسعار يثقل كاهل الأسر
في هذا الإطار، قالت هالة الشحات، ربة منزل، وأم لطفلين، إن أسعار المنتجات الغذائية التي تحتويها وجبة الطلاب تضاعفت تقريبا مقارنة بالعام الماضي، لدى شرائها من تجار التجزئة، مستطردة بأن ذلك قد أصبح عبئًا كبيرًا على كاهل المواطنين بكل فئاتهم.
وأضافت: محتويات الوجبة تختلف من مدرسة إلى أخرى ومن سن طفل لآخر ومن أسرة لأسرة حسب الإمكانات المادية.. على سبيل المثال يكتفي بعض الأطفال بأخذ ساندويتشات أجبان مختلفة مع عبوة عصير (جاهز أو محضر بالبيت)، مشيرة إلى أن تلك الوجبة تكلف الأسرة يوميًا ثلاثين جنيهًا في اليوم الواحد لأسرة بها طفلين.
وأفادت بأن الوضع يختلف كثيرًا بالنسبة لأسر أخرى، فتحتوي وجبة الطفل على قطعة كيك مع ساندويتش من أي أشكال اللحوم كالبرغر أو الكفتة أو قطع الدجاج، إضافة إلى علبة اللبن والعصير وزجاجة المياه، مشيرة إلى أن تكلفته اليومية تتراوح بين أربعين إلى خمسين جنيهًا، أي أكثر من ألف جنيه شهريًا تقريبا (الدولار يعادل31 جنيها تقريبا في السوق الرسمية).
وتابعت: أسعار المنتجات سواء كانت ألبان أو لحوم تخطت الضعف، لافتة إلى أن البرغر وهو وجبة سريعة من اللحوم يمكن تحضيرها سريعا للأبناء، تخطى سعره 250 جنيهاً، بينما كان سعره العام الماضي 100 جنيه، وبالنسبة للكفتة فكان سعرها 80 والآن تخطت 250 جنيهاً أيضاً.
وحول أسعار الأجبان، فأوضحت أن ثُمن كيلو الجبن يكلف 40 جنيهًا، واللانشون 30 جنيها للثُمن، وعلبة الجبنة المثلثات 20 جنيهًا بحد أدنى، وهي كمية تكفي بالكاد مدة أربع أيام، إلى جانب تكلفة شراء المخبوزات، التي قالت إن سعرها زاد من نصف جنيه إلى جنيهين، مشيرة إلى أنه حال كانت الأسرة تفكر بطريقة اقتصادية وموفرة باستخدام مكونات متوفرة بالمنزل، ستجد نفسها أيضًا تتكلف مبلغ 20 جنيها يوميًا.
أسعار المنتجات الغذائية
وشهدت أسعار الألبان والأجبان، ارتفاعًا تخطى الضعف عن أسعارها في العام الماضي، عقب انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار. وخلال الأسابيع الماضية، ارتفعت مدفوعة بارتفاع أسعار الأعلاف التي تمثل 50 بالمئة من تكلفة إنتاج الألبان والأجبان، وجاءت الأسعار بالمتاجر كالتالي:
-الألبان: سعر اللبن المعبأ نحو 38 جنيهًا، فيما تراوح سعر كيلو لبن سائل بين 25 و30 جنيهًا، كيلو اللبن المجفف 100.5 جنيه
-الأجبان: ارتفعت أسعار الأجبان أيضًا، ويتفاوت السعر بحسب نوع الجبن، ليبدأ سعرها من 85 جنيها لكيلو الجبنة القريش، ليصل إلى 410 جنيهًا سعر كيلو من نوع الجبنة الشيدر.
وانعكست أسعار اللحوم على اللحوم المصنعة، بينما يحرص الكثير من أولياء الأمور على إضافتها إلى وجبات أبنائهم المدرسية، كنوع من البروتين يسهم في إمداد أجسامهم بالطاقة التي تساعدهم على القيام بالأنشطة المدرسية.
ووفقًا لوزارة التموين المصرية، جاءت أسعار اللحوم المصنعة كالتالي:
- سعر كيلو البانيه 110- 140 جنيهًا وفقًا للنوع.
- سعر كيلو استربس دجاج بين 130 و140 جنيهًا وفقًا للنوع.
- سعر كيلو البرجر يبدأ من 110 حتى 150 جنيهًا حسب نوعه.
- سعر كيلو سجق مجمد بين 120 و130 جنيهًا حسب النوع.
- سعر كيلو سوسيس بين 100 و120 جنيهًا وفقًا للنوع.
وتطرح المنافذ الحكومية غالبية السلع الأساسية بأسعار مخفضة، وهي منافذ منتشرة بمختلف المحافظات المصرية، من أجل التخفيف عن المواطنين.
تداعيات أزمة الأعلاف
وأرجع مختصون في تصريحات متفرقة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أسباب ارتفاع أسعار المواد الغذائية في مصر إلى انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار، وهبوط قيمته لأكثر من 50 بالمئة في الأشهر الأخيرة، إضافة إلى أزمة الأعلاف التي أثرت على الكثير من أسعار المنتجات الغذائية على رأسها منتجات اللحوم والألبان.
ونفى رئيس شعبة الألبان بدمياط، عبدالمنعم قتيلو، خلال تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، ارتباط ارتفاع أسعار منتجات الألبان باقتراب موسم بدء العام الدراسي الجديد وزيادة إقبال المواطنين على شرائها.
وأرجع ارتفاع أسعار الألبان ومنتجاتها خلال هذه الفترة، إلى تداعيات أزمة الأعلاف التي عانى منها القطاع منذ شهر أبريل الماضي، والتي أثرت على حجم إنتاج اللبن بانخفاضه مع ارتفاع تكلفة إنتاجه، مشيرًا إلى أن سعر اللبن ارتفع بنسبة 30 بالمئة بينما ارتفعت أسعار منتجات الألبان بنسبة 20 بالمئة.
وأشار إلى أن اللبن نوعين، أحدهما لبن جاموسي والآخر بقري، وأن الأول سعره أعلى لأنه يحتوي على نسبة أعلى من الدسم، بينما البقري يكون درجات كان سعره 16 جنيهًا أصبح 20 (بالجملة) والثاني كان سعره 13 أصبح 17 جنيهًا.
وأكد أن أسعار الألبان في الوقت الحالي هي أسعار عادلة لتكلفة إنتاج كيلو اللبن، تمكن البلاد من الحفاظ على ثروتها الحيوانية، بعد أن وصل عجز إنتاج الألبان إلى 30 بالمئة بسبب اتجاه المزارعين لذبح المواشي نتيجة لأزمة الأعلاف، مستبعدًا تخفيض أسعار الألبان خلال الفترة المقبلة.
نقص مواد الإنتاج
وذكر محمد رأفت أبو رزيقة، عضو مجلس غرفة الصناعات الغذائية، باتحاد الصناعات، في تصريح خاص لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية أمر طبيعي نتيجة لنقص مواد الإنتاج التي يتم استيراد أغلبها من الخارج بالدولار، الذي أصبح هناك صعوبة في تدبيره.
وأشار إلى أن الحرب في أوكرانيا تسببت في انقطاع كثير من الخامات التي تحتاجها البلاد في تصنيع المواد الغذائية، وكذلك ارتفاع أسعار المحروقات، ما أثر على أسعار السلع.
وقال إن أسعار اللحوم والبيض ومنتجات الألبان تأثرت بارتفاع أسعار الأعلاف نتيجة نقصها في الأسواق، مشيرًا إلى أن تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية تنطبق على مصر مثلها مثل باقي دول العالم، وأن كثيرا من الدول تشهد ارتفاعًا في أسعار المواد الغذائية، متوقعًا حدوث انفراجة خلال الفترة المقبلة مع انتهاء أزمة الأعلاف، وانتهاء فصل الصيف الذي عادة ما يشهد انخفاضًا في إنتاجية الألبان من الماشية.
وتعرضت المالية العامة في مصر على مدى السنوات الثلاث المنصرمة لضغوط كبيرة في ظل نقص مستمر في العملة الأجنبية مصحوب بزيادة حادة في المعروض النقدي. وفقدت العملة المصرية نحو نصف قيمتها مقابل الدولار منذ مارس 2022 بعد أن كشفت الأزمة الأوكرانية عن نقاط ضعف في اقتصادها.
وتتبنى الحكومة المصرية عدة إجراءات للتغلب على أزمة نقص العملة، من بينها "برنامج الطروحات" المتعلق ببيع أصول الدولة. وفي شهر يوليو 2023، أعلنت الحكومة عن بيع أصول بقيمة 1.9 مليار دولار من حصص مملوكة للدولة في بعض الشركات، ضمن ذلك البرنامج. كما أعلنت أخيراً عن بيع 30 بالمئة من أسهم الشركة الشرقية للدخان بقيمة 625 مليون دولار.
وطبقاً لبيانات البنك المركزي المصري، فإن الاحتياطي النقدي ارتفع إلى 34.928 مليار دولار في أغسطس من 34.879 مليار دولار في يوليو، بزيادة 49 مليون دولار.