العقوبات ردا على "انقلاب النيجر" تزيد من حرمان السكان
15:47 - 22 سبتمبر 2023ليس الحرمان الحاد غريبا على النيجر، إحدى أفقر دول العالم، لكن العقوبات التي فرضتها دول غرب إفريقيا ردا على التحركات السياسية التي وقعت في 26 يوليو زادت أوضاع المواطنين سوءا.
يشكو الجميع من التضخم الناتج عن التدابير الاقتصادية والمالية القاسية التي فرضتها الجماعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا "إكواس" في 30 يوليو، بعد أربعة ايام من التحرك الذي أطاح الرئيس المنتخب محمد بازوم.
في هذا البلد الصحراوي المترامي الذي يفتقر الى واجهة بحرية ويعول في شكل كبير على جيرانه، بات ثمن كيس من الأرز المستورد بوزن 25 كلغ بـ 14 الفا و500 فرنك إفريقي (23.4 دولار) مقابل 11 الفا و500 فرنك (نحو 19 دولار) قبل العقوبات.
وقال شايبو تشيومبيانو الامين العام لنقابة التجار المصدرين والمستوردين في النيجر "حتى الآن ليس هناك نقص. سيتيح مخزون السلع للبلاد أن تصمد حتى ديسمبر".
لكنه نبه إلى أن قيام الصين وتايلاند بتقليص صادراتهما من الأرز قد يتسبب بـ"ندرة" هذا الغذاء المطلوب بشدة في النيجر.
ومنذ العقوبات، اتجه السكان إلى الأرز المنتج محليا، لكن نشاط المصانع تباطأ بسبب تعليق نيجيريا المجاورة تزويد النيجر بالكهرباء وقيامها بإغلاق الحدود المشتركة، وفق وزارة التجارة النيجرية.
ونيجيريا، العملاق الاقتصادي الذي يتولى رئيسه بولا تينوبو حاليا الرئاسة الدورية لإكواس، تزود النيجر نحو 70 بالمئة من حاجاتها من الكهرباء.
وإذا كانت الأسواق لا تزال ممتلئة بالمواد الغذائية، فإن آثار الحصار تظهر خصوصا في مخزونات الأدوية، التي تدخل غالبية شحناتها عبر ميناء كوتونو في بنين المجاورة التي أغلقت حدودها أيضًا، علما أن 80 بالمئة من بضائع الشحن النيجري تمر عبر هذه الحدود.
وأوضح الأمين العام لنقابة الصيادلة في النيجر أمادو سيني مايغا لوكالة فرانس برس أن "نسبة النقص في الأدوية تراوح بين 30 و55 بالمئة منذ 19 سبتمبر، في حين أن السقف المسموح به هو 7 بالمئة".
وللحؤول دون حصول "كارثة"، طالب بـ"رفع" الحصار المفروض على الأدوية.
شبكات تهريب
على الحدود مع بنين، تمنع مئات الشاحنات المحملة بالبضائع من دخول النيجر، إذ بات الجسر الوحيد فوق نهر النيجر مقطوعا بالشاحنات والحاويات الكبيرة.
في المقابل، تقوم قوارب برحلات مكوكية غير قانونية بين ضفتي النهر لنقل الركاب والبضائع والماشية.
وفي النيجر، تحاول شبكات التهريب التي تسيطر عليها جهات نافذة ضمان إمداد العديد من المناطق في غرب البلاد وجنوبها بما تحتاج اليه، بينها منطقتا زيندر ومرادي على الحدود مع نيجيريا.
أما المناطق الشمالية من النيجر فتجنبت حتى الآن تداعيات الحصار.
وأكد رئيس بلدية أغاديز عبد الرحمن توراوا لوكالة فرانس برس أنه "بفضل الممرين الجزائري والليبي، نتلقى إمدادات جيدة للغاية، بحيث تصل الشاحنات بانتظام محملة بالمعكرونة والزيت والدقيق والأجهزة المنزلية ومواد البناء".
وبات النظام العسكري النيجري يعول على الموارد المالية الداخلية، بعد تجميد أصول البنك المركزي في بلاد تنتج اليورانيوم والنفط والذهب.
وفي هذا السياق، أشاد رئيس الوزراء الذي عينه العسكريون علي محمد الأمين زين، بتمكنه من دفع رواتب الموظفين وعناصر قوات الأمن عن شهري يوليو وأغسطس من الإيرادات الداخلية وحدها.
وأكد وزير التجارة سيدو أسمان للتلفزيون الوطني أن الحكومة "تستكشف جميع المصادر الممكنة" للاستمرار.
وبعدما أوقفت غالبية الدول الغربية مساعداتها التنموية، باشر النظام العسكري البحث عن حلفاء آخرين، وخصوصا في المنطقة.
وأظهرت بوركينا فاسو التي يقودها عسكريون أيضا، تضامنها مع النيجر عبر إبقاء حدودها مفتوحة.
وارتفعت أصوات عديدة خارج النيجر ضد سياسة العقوبات، بينها منظمة "أطباء بلا حدود" التي دعت في بداية سبتمبر إلى "الكف عن تبني أي منطق يقوم على العقاب الجماعي".