عكس التيار.. ما سر قوة سوق الهواتف الذكية بالعالم العربي؟
00:52 - 29 أغسطس 2023في وقت تعاني فيه سوق الهواتف الذكية في العالم من انخفاض مستمر في المبيعات بضغط من التحديات الاقتصادية التي تواجه الإنفاق الاستهلاكي، استطاعت منطقة الشرق الأوسط كسر هذا المسار التراجعي خلال الربع الثاني من 2023 محققة نسبة نمو قدرها 2 بالمئة.
وبحسب تقرير لشركة "Canalys" لأبحاث السوق، فقد قام منتجو الهواتف الذكية في العالم، بشحن 9.5 مليون هاتف ذكي إلى منطقة الشرق الأوسط، باستثناء تركيا، وذلك في الربع الثاني من عام 2023، وهو ما يمثل نمواً سنوياً نسبته 2 بالمئة.
وهذا في نفس الوقت الذي تراجعت فيه شحنات الهواتف إلى السوق العالمي بنسبة 10 بالمئة.
ثلاث أسواق تدعم مبيعات الهواتف في الشرق الأوسط
ووفقاً لتقرير "Canalys" فإن التقدم الذي حققته سوق الهواتف الذكية في الشرق الأوسط خلال الربع الثاني من 2023، أتى بدعم من ارتفاع المبيعات في أسواق ثلاث دول هي العراق، السعودية والإمارات، حيث أن السوق العراقية حققت نمواً مطرداً بلغت نسبته 24 بالمئة، في حين ارتفعت شحنات الهواتف في المملكة العربية السعودية بنسبة مذهلة، بلغت 19 بالمئة على أساس سنوي، لتحقق السوق الإماراتية نمواً جيداً أيضاً بلغت نسبته 6 بالمئة بدفع من تدفق السياح إلى البلاد.
في المقابل انخفضت شحنات الهواتف الذكية حول العالم بنسبة 10 بالمئة، إلى 258.2 مليون وحدة خلال الربع الثاني من عام 2023، مسجلة سادس هبوط لها على التوالي، منذ بداية عام 2022، حيث تكبدت سوق الهواتف الذكية خسارة ضخمة منذ ذلك التاريخ، جرّاء التباطؤ الاقتصادي العالمي الناجم عن رفع البنوك المركزية لأسعار الفائدة، وتبعات الحرب الروسية الأوكرانية، إضافة إلى عمليات الإغلاق المرتبطة بوباء كوفيد 19 بعدد من الدول.
وبحسب Canalys أيضاً، فإن شركة سامسونغ الكورية، كانت الشركة الأكثر تحقيقاً للمبيعات في الشرق الأوسط خلال الربع الثاني من 2023، مع شحنها لـ 3.4 مليون هاتف ذكي، ما أتاح لها السيطرة على حصة 36 بالمئة من السوق.
ولكن ورغم احتلالها المرتبة الأولى فقد سجلت سامسونغ تراجعاً نسبته 9 بالمئة على صعيد سنوي.
أما المفاجأة فكانت في المرتبة الثانية التي احتلتها شركة "ترانسشن" الصينية، محققة نسبة نمو حجمها 29 بالمئة، مع شحنها لـ 1.7 مليون هاتف ذكي، لتسيطر على حصة 18 بالمئة من السوق، خلال الربع الثاني من 2023، في حين حلت شركة شاومي الصينية في المرتبة الثالثة، حيث شحنت 1.3 مليون هاتف بحصة سوقية بلغت 14 في المئة.
أما شركة أبل الأميركية فقد تراجعت إلى المرتبة الرابعة، خلال الربع الثاني من 2023، مسجلة تراجعاً نسبته 5 بالمئة على صعيد سنوي، ليصبح حجم حصتها في السوق 12 بالمئة، لتتبعها علامة ريلمي الصينية في المرتبة الخامسة، بحصة سوقية حجمها 4 بالمئة مع شحنها لنحو 400 ألف هاتف ذكي.
الشرق الأوسط يسير عكس التيار
قال الكاتب والمحلل المختص بالهواتف والذكاء الاصطناعي ألان القارح، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن تقرير شركة "Canalys" لأبحاث السوق، يكشف عن 4 تغييرات رئيسية حصلت في سوق الهواتف الذكية في منطقة الشرق الأوسط، أولها أن هذه السوق، باتت تسير عكس التيار العالمي الذي يشهد تراجعاً في المبيعات، في حين يكمن التغيير الثاني بالتقدم الصاروخي الذي حققته هواتف شركة "ترانسشن" الصينية، أما التغيير الثالث فهو التراجع الكبير في ترتيب صانعة "أيفون"، ليكون التغيير الرابع بخروج علامة أوبو من قائمة أكثر 5 شركات مبيعاً للهواتف الذكية لتحلّ مكانها علامة ريلمي.
ويرى القارح أن النمو الذي حققته سوق الهواتف الذكية في الشرق الأوسط، مرده إلى تحسن الوضع الاقتصادي في المنطقة، وظهور المزيد من الهواتف التي تنتمي إلى الفئة المتوسطة والرخيصة، إلى جانب العروض الترويجية التي تم اطلاقها من قبل التجار، خلال فترة عيدي الفطر والأضحى، الأمر الذي ساهم في دعم المبيعات بنسبة كبيرة.
وأشار إلى أن تقرير "Canalys" كشف أن ارتفاع طلب المستهلكين تركز على الهواتف الذكية الملائمة للميزانية أي الهواتف الرخيصة ومتوسطة السعر، في حين عانت شحنات الهواتف الذكية من الفئة المتميزة من تراجع في المبيعات، وذلك كون الإنفاق الاستهلاكي في المنطقة لا يزال حذراً.
ويضيف القارح أن المفارقة الكبرى في عالم الهواتف الذكية في الشرق الأوسط، خلال الربع الثاني من 2023، تمثلت ببروز شركة "ترانسشن" كقوة صاعدة في هذا المجال، لتزيح شركة أبل من المركز الثاني، الذي كانت قد احتلته في الربع الأول من 2023.
و"ترانسشن" هي شركة صينية لتصنيع الهواتف، تمتلك علامات تكنو وأيتيل وإنفينيكس، حيث أن هذه جميع هذه الهواتف، مشهورة بتقديمها لموصفات جيدة بأسعار منافسة جداً، وهذا تحديداً ما ساعد الشركة في تحقيق اختراق كبير لسوق الشرق الأوسط، خاصة في الدول التي تعاني من أزمات اقتصادية.
وبحسب القارح فإن التراجع الذي سجلته آبل في الشرق الأوسط، مرده إلى اتجاه المستهلكين نحو الخيارات الأقل تكلفة، حيث من المعروف أن هواتف أيفون، تنتمي إلى فئة الهواتف الفاخرة مرتفعة الثمن، وهو ما لم يتناسب مع توجهات السوق في المرحلة السابقة.
كما توقع أن يكون تراجع شحنات هواتف أيفون في المنطقة آني، وذلك كون علامة أبل لا تزال تحظى بحضور قوي في المنطقة، مع توقعات بمعاودة تقدمها في السوق خلال الربع الأخير من 2023.
خروج مثير للاستغراب
من جهته يقول مبرمج التطبيقات الهاتفية ربيع البابا في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الأمر المثير للاستغراب في التقرير كان بفقدان علامة "أوبو" للهواتف الذكية لمقعدها، ضمن أكثر علامات الهواتف مبيعاً في الشرق الأوسط.
وأوضح أن أوبو احتلت المرتبة الخامسة، من حيث شحنات الهواتف في الربع الأول من عام 2023، وذلك كنتيجة للثقة التي اكتسبتها في العديد من الأسواق العربية، خلال السنوات الأخيرة بدعم من جودة أجهزتها والحملات الإعلانية، التي شجعت المستهلكين على اقتناء هذه الهواتف.
وبحسب البابا فإن الأداء القوي لسوق الهواتف الذكية في الشرق الأوسط خلال الربع الثاني من 2023، يدل على أن المسار التراجعي انتهى وأن المبيعات ستستمر في استعادة مسار النمو، خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي وذلك بدفع من قوة السوق المحلية والسياح، إضافة إلى إطلاق شركات مثل أبل وسامسونغ، هواتفها الجديدة من الفئة المتميزة والتي عادة ما تحقق مبيعات كبيرة عند اطلاقها.