مع "عدوى التسريح".. نصائح للتعامل مع "انعدام الأمن الوظيفي"
13:57 - 17 يوليو 2023اضطرابات عديدة مرَّ بها العالم خلال السنوات الأخيرة، خلقت أزمات اقتصادية مختلفة، انعكست بدورها على أسواق العمل، مع تحديات ومتغيرات واسعة، أفضت إلى اتساع المخاوف بشأن "انعدام الأمن الوظيفي"، بعد أن صار الكثيرون مهددون بفقدان وظائفهم وأعمالهم تبعاً لتلك الضغوطات الاقتصادية الراهنة.
عادة ما يرتبط الأمان الوظيفي بحالة الاستقرار الأوسع على المستوى العام، لكن في ضوء الضغوطات المتراكمة التي يعيشها العالم أخيراً، بدءاً من فترة جائحة كورونا وحتى الحرب في أوكرانيا، تتزايد عوامل "انعدام الأمان الوظيفي" بالنسبة للأشخاص.
وتبعاً لتلك الأوضاع تتصاعد حدة المخاوف المرتبطة بانعدام الأمن الوظيفي؛ خاصة مع زيادة الأعباء التضخمية، وأيضاً مع التوسّع في استخدامات الذكاء الاصطناعي وبما عرّض الكثير من الوظائف لخطر مباشر، وغيرها من العوامل ذات الصلة.. فكيف يُمكن التعامل مع "انعدام الأمن الوظيفي"؟ وما هي البدائل التي يُمكن أن تضفي نوعاً من الطمأنينة بالنسبة للعاملين في ظل تلك الأوضاع؟
في البداية، أوضحت خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، أن الأزمات الاقتصادية المتكررة دفعت الكثير من الشركات للاستغناء عن بعض الوظائف، فيما تم الاهتمام بوظائف أخرى، موضحة أنه على من يدخل إلى سوق العمل في الوقت الحالي البحث عن القطاعات الأكثر طلباً والأقل استغناء، وأن يحاول بقدر الإمكان أن يوظف إمكاناته مع تلك الاحتياجات.
وأكدت خلال حديثها مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن حالة عدم الأمان الوظيفي تؤثر بالسلب على سوق العمل، موضحة أنه حينما تعلن شركات معروفة وكبيرة عن تسريح العاملين بها في تلك الحالة يكون هناك عدم ثقة تهدد بيئة العمل، ذلك في وقت يشهد فيه العالم حالات واسعة لتسريح العاملين بشركات عالمية.
وحول تأثير أمان العمل على الاقتصاد، أشارت إلى أن معدلات الدوران العالية للعمالة (وهي خروجهم من وظائفهم) لا تخدم خطط التنمية.
نصائح مهمة
وخلال حديثها، وجهت خبيرة أسواق المال مجموعة من النصائح لمن هم يواجهون حالة من عدم الأمان الوظيفي، على النحو التالي:
• التنازل عن حلم الراتب المرتفع: فإذا كان الشخص يحتاج إلى أن يضمن استمرارية تواجده في الوظيفة، عليه أن يقلل من طموحه المالي فيما يخص راتبه الذي يحصل عليه مقابل وظيفته.
• المكمل الوظيفي: أن يحاول الشخص تقديم إمكانات (مهارات) إضافية في عمله، ليصبح لديه مهمة إضافية تضمن استمراريته إضافة إلى زيادة راتبه.
• مشروع إضافي وبديل: على الشخص أن يقوم بتأسيس مشروع معاون لوظيفته ليحسن من خلاله دخله ويحقق الأمان المالي لديه.
• البحث عن وسيلة من وسائل الاستثمار: من خلال البحث عن أية وسيلة استثمارية يضخ فيها الشخص مدخراته بهدف تحقيق نوع من الاتزان المعيشي؛ فعلى سبيل المثال البعض كانوا معرضين للفصل من أعمالهم ونجحوا في استثمارات متعلقة بالبورصة والتداول إلى أن أصبحت مهنتهم الأساسية هي التداول في البورصة!
• تشكيل الموهبة والاستفادة منها: كل شخص لديه موهبة فعلية عليه أن يشكل تلك الموهبة والاستفادة منها مادياً، على سبيل المثال بأن يقوم شخص يتميز في مادة علمية بتدريسها.
حمى التسريح
في الولايات المتحدة على سبيل المثال، أظهرت بيانات مكتب إحصاءات العمل الأميركي مطلع العام، عن أن ما يقرب من 49 مليون عامل تركوا وظائفهم في 2021 واستقال أكثر من 50 مليون عامل في العام 2022، وهو ما يعكس جانباً من التحولات التي تشهدها أسواق العمل.
يضاف إلى ذلك "حمى التسريح" التي عرفتها عديد من الشركات الكبرى، لا سيما الشركات التكنولوجيا منذ العام الماضي، والمتواصلة حتى الآن بوتيرة أسرع.
تشير بيانات Layoffs.fyi وهي شركة ناشئة تتعقب عمليات تسريح العمالة التقنية منذ جائحة كورونا، إلى أنه خلال الفترة المنقضية من العام الجاري 2023 تم تسريح 216364 موظفاً من 844 شركة تقنية، بينما في العام 2022 تم تسريح 164709 موظفاً من 1058 شركة.
القطاعان الخاص والحكومي!
من جانبه، أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور سيد خضر، أنه "بداية من جائحة كورونا شاهدنا الكثير من حالات فقدان الوظائف"، مرجعاً ذلك لسبب تأثير تداعيات الأزمة على الأوضاع الاقتصادية الدولية وتوقف عديد من المصانع، خاصة في أوروبا التي شهدت توقفاً لصناعات كبيرة.
وأشار خلال حديثه مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن معظم الشباب يحاول العزوف عن العمل في القطاع الخاص والاتجاه نحو العمل الحكومي بحثاً عن الاستقرار والأمان الوظيفي مدى الحياة، مشدداً على ضرورة تغيير هذا الفكر.
ولفت إلى أن عدداً من الدول العربية يتسم سوق العمل فيها بالأمان الوظيفي، ذلك بسبب الالتزام بقوانين العمل التي تضمن حقوق العاملين، لا سيما في دول الخليج، التي عادة ما تكون منصفة للعامل.
وشدد في هذا السياق على أهمية تشجيع "العمل الخاص" من خلال تشريعات تسهل المهمة في هذا السياق، وأن تقف الدول إلى جانب عمالها وموظفيها، الذين يعدون أساساً للإنتاج، فدون الإنتاج البشري لا تتحرك عجلة الاقتصاد، وبالتالي لابد أن يتوفر الاستقرار الوظيفي والأمان من خلال التأمينات الاجتماعية والصحية لإرضاء العامل الذي يزيد من الكفاءة الاقتصادية أو الإنتاجية، وبالتالي تنعكس على المنتج وهو له دور في تحسن الأداء الاقتصاد ي في الدول.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الصين على سبيل المثال تعد من أهم الدول التي تهتم بالاستثمار البشري، وحولت البطالة المقنعة والتحديات التي تواجه الاستثمار البشري إلى فرص ومقاصد استثمارية كبيرة، حيث حولت المليار و400 مليون نسمة إلى تروس عاملة تسهم بقوة في الاقتصاد، معتمدة عليهم في دعم الاقتصاد الوطني، مشدداً على ضرور أن تنتهج الدول خاصة مرتفعة الكثافة السكانية منها النهج الصيني، بتحويل الموارد البشرية إلى فرص استثمارية.
وأكد على أن قوانين العمل أهم أولوية في دعم الاستثمار، والتي بدورها تجعل من العامل شريكاً استراتيجياً ومساهماً في نجاح الشركة أو المصنع، وذلك لن يحدث إلا من خلال الاستقرار الوظيفي التام.
فرص بديلة
ونصح من يواجهون حالة من عدم الأمان الوظيفي بما يلي:
• مواكبة متطلبات سوق العمل: لابد أن لا يقتصر الشخص على الدراسة النظرية والأكاديمية، وأن يكون هناك تطوير مستمر لمهاراته.
• تنمية المدخرات: ذلك من خلال سوق التجارة الإلكترونية لعدم ارتباطه بوقت، وهي تجارة سريعة وسهلة يمكن تحقيق مكاسب منها، وتوفر فرص عمل غير مباشرة.
• زيادة الإنتاجية: هي طريقة يمكن من خلالها أن يثبت الشخص قيمته في العمل، فلابد أن يضع أمامه أهداف تتعلق بالإنتاج بشكل مستمر شرط أن تكون تلك الأهداف قابلة للتحقق.
• تنمية الاحتياطات المالية: من الحافظ على ميزانية مناسبة. قد توفر هذه الاحتياطات حماية مؤقتة في حالة فقدان الوظيفة أو حدوث ظروف اقتصادية صعبة.
• استكشاف فرص جديدة: وذلك من خلال توسيع نطاق البحث عن فرص العمل، واستكشاف أسواق العمل الأخرى والشركات الناشئة والفرص الحرة، إذ يمكن إيجاد فرص جديدة تساعد على تحقيق الأمان الوظيفي.