قراءة في بيانات التضخم الأميركية.. ما تأثيراتها على الأسواق؟
17:21 - 13 يوليو 2023بعثت بيانات التضخم في الولايات المتحدة الأميركية، عن شهر يونيو، بعلامات مُشجعة للأسواق، في ظل تباطؤ المعدلات بأعلى من التوقعات السابقة، وبما يعزز التقديرات المرتبطة باقتراب تدريجي من انتهاء ذرورة التشديد النقدي، بينما لا يزال من المتوقع أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة مرة واحدة أخرى على الأقل هذا العام.
- بلغ معدل التضخم السنوي بالولايات المتحدة في شهر يونيو 3 بالمئة (بينما كانت التوقعات تشير إلى تراجع المعدلات إلى 3.1 بالمئة) مقابل 4 بالمئة في مايو.
- على أساس شهري، تباطأ مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بأعلى من المتوقع إلى 0.2 بالمئة، مقابل 0.1 بالمئة في شهر مايو الماضي.
- تباطأ مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي، والذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة، بأعلى من المتوقع إلى 4.8 بالمئة على أساس سنوي، مقابل 5.3 بالمئة في مايو الماضي.
- على أساس شهري، فقد بلغ المؤشر أسعار المستهلكين الأساسي 0.2 بالمئة في يونيو، مقابل توقعات بأن يسجل 0.3 بالمئة.
أدى ذلك إلى انخفاض في محفظة المستهلك العادي بفضل تخفيف الأسعار عبر فئات مثل الطاقة ومحلات البقالة والإسكان.
وبينما يواصل التضخم الانحسار، إلا أنه ربما ليس بالسرعة الكافية لإثناء الفيدرالي الأميركي عن استئناف رفع أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا الشهر، لا سيما بالنظر إلى عددٍ من المؤشرات الأخرى، من بينها أسعار النفط.
تعطي البيانات الأخيرة صورة عامة أكثر تفاؤلاً مما كانت عليه التقديرات السابقة، وتعكس آمال الأسواق بالاقتراب من المعدلات المستهدفة عند 2 بالمئة لمستويات التضخم، وذلك وسط ترقب واسع لقرار الفيدرالي المرتقب، حول أسعار الفائدة ومستقبل سياسة التشديد النقدي.
وتبعاً لتلك المعطيات: كيف يفكر الفيدرالي الأميركي؟ وما انعكاسات ذلك على الأسواق، سواء بالنسبة للأسهم وأسعار النفط والذهب ومؤشر الدولار؟
كيف يفكر الفيدرالي؟
يقول أستاذ الاقتصاد في مدرسة Kogod للأعمال بالولايات المتحدة، جيفري هاريس، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الاحتياطي الفيدرالي كان يرفع أسعار الفائدة من أجل محاولة تهدئة معدل التضخم، ويبدو أن ارتفاعات أسعار الفائدة السابقة كان لها بعض التأثير الجيد في خفض التضخم.
لكن في حين أن معدل التضخم البالغ 4.8 بالمئة على أساس سنوي (مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي) المبلغ عنه، أقل من المعدل المتوقع البالغ 5 بالمئة، إلا أن التضخم لا يزال أعلى من المعدل المستهدف المعلن من بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 بالمئة.
في هذا الصدد، يشير هاريس إلى أن "أرقام التضخم الجديدة هذه تشكل حالة مثيرة للاهتمام"، موضحاً أن "الفيدرالي أمام سيناريوهين، إما تثبيت سعر الفائدة الحالي ليرى ما إذا كان التضخم يواصل الاتجاه الهبوطي، أم ينبغي على بنك الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة لمزيد من الضغط على التضخم؟".
ويضيف: "أتصور أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يزن عوامل أخرى، مثل نمو الناتج المحلي الإجمالي، والبطالة، وعوامل كلية أخرى قبل اتخاذ قرار بشأن المسار الذي يجب أن يسلكه.. وجهة نظري هي أنهم سيشهدون استمرار أرقام التوظيف القوية وسيجدون موعداً لرفع سعر الفائدة مرة أخرى، ربما في الربع أو الربعين المقبلين".
وقالت وزارة العمل الأميركية في تقرير للوظائف، نهاية الأسبوع الماضي، إن الاقتصاد الأكبر في العالم وفر في يونيو أقل عدد من الوظائف خلال سنتين ونصف السنة. وأظهر التقرير أيضاً أن عدد الوظائف التي جرى توفيرها في أبريل ومايو أقل من العدد الوارد في تقارير سابقة بمقدار 110 آلاف وظيفة.
وتشير بيانات شهر يونيو، إلى تراجع معدل البطالة بشكل طفيف، إلى 3.6 بالمئة نزولاً من 3.7 بالمئة في مايو، على الرغم من تباطؤ نمو الوظائف غير الزراعية في الاقتصاد الأميركي.
وذكر مكتب إحصاءات العمل الأميركي أن عدد الوظائف غير الزراعية ارتفع بـ 209 آلاف وظيفة، مقارنة بتوقعات بمقدار 230 ألف وظيفة (وذلك في أقل عدد شهري من نهاية 2020).
وبحسب تقرير سابق لشبكة بلومبيرغ، فإن بيانات الوظائف الأخيرة تشير إلى أن سوق العمل فقدت جزءاً من قوتها مع ارتفاع أسعار الفائدة وتراجع الإنفاق الاستهلاكي؛ ما يعزز المخاوف بشأن أداء الاقتصاد.
سيناريوهان لأسعار الفائدة
أستاذ الاقتصاد بكلية ويليامز الأميركية، كينيث كوتنر، يقول في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":
- جاء معدل التضخم أقل مما توقعه معظم الخبراء، وهو خبر سار للغاية.
- لا يزال تضخم الخدمات مرتفعاً إلى حد ما، لكن تضخم السلع والطاقة الآن ضعيف تماماً.
- هذا يجعل الأمور مثيرة للاهتمام بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي.
ويتابع: "في السابق، كان الفيدرالي قد أشار بقوة إلى أنه سيرفع هدف معدل الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس أخرى في الاجتماع القادم.. الآن، هذا ليس مؤكداً، فقد يقرر بنك الاحتياطي الفيدرالي إبقاء السعر دون تغيير في الوقت الحالي ويصدر بياناً بأنه (ينتظر ليرى) كيف ستأتي البيانات المستقبلية.
أو يمكنه رفع هدف معدل الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس كما فعل من قبل وكما كان متوقعاً، مع إصدار بيان يشير إلى أن الزيادات المستقبلية في أسعار الفائدة غير مرجحة، باستثناء حدوث انتعاش غير متوقع في التضخم.
وفي اجتماع يونيو الماضي، لم يخالف بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي معظم التوقعات السابقة، عندما أعلن تثبيت معدلات الفائدة الرئيسية ضمن نطاق 5 - 5.25 بالمئة للمرة الأولى منذ يناير 2022، لكنه ألمح حينها إلى زيادات إضافية محتملة (مرتين) هذا العام.
وجاء قرار الإبقاء على سعر الفائدة بعد 10 مرات متتالية بدأها في مارس 2022، قام الفيدرالي خلالها برفع معدلات الفائدة، وذلك بعد أن فضّل الفيدرالي التوقف مؤقتاً عن رفع الفائدة كفرصة لـ "تقييم الموقف" بعد الزيادات الأخيرة، ومع تباطؤ معدلات التضخم.
انتهاء ذروة سياسة التشديد النقدي
وإلى ذلك، يشارك المدير التنفيذي بشركة VI Markets أحمد معطي، في القراءة التي أعدها موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، حول بيانات التضخم في أميركا وتأثيراتها على الأسواق، بالإشارة إلى أن البيانات التي جاءت أقل من التوقعات، انعكست على توقعات الأسواق، وسط تقديرات سابقة بأن يرفع الفيدرالي الفائدة مرتين (في يوليو وسبتمبر)، وبينما كان 22 بالمئة يتوقعون الرفع في اجتماع سبتمبر، تراجعت تلك النسبة أخيراً -بعد صدور بيانات التضخم- إلى 13 بالمئة، بينما مسألة رفع الفائدة في يوليو محسوم بشكل كبير.
ترى الأسواق أن هناك فرصة بنسبة 92 بالمئة لرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة 25 نقطة أساس في اجتماع السياسة النقدية يومي 25 و26 يوليو، وفقاً لخدمة فيدووتش التابعة لمجموعة سي.إم.إي.
يعكس ذلك قرب انتهاء ذروة سياسة تشديد السياسة النقدية التي يتبعها الفيدرالي (تشديد السياسة النقدية: مجموع الإجراءات التي تتبعها البنوك المركزية لتقليل الطلب على النقود).
وحول تأثير بيانات التضخم الحديثة على الأسواق، يلفت معطي إلى أن تلك البيانات انعكست بشكل مباشر على الذهب، والذي سجل ارتفاعات فوق الـ 1950، فضلاً عن ارتفاعات الأسهم الأميركية.
- في ختام جلسة الأربعاء وبعد صدور بيانات التضخم، ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز (بنسبة 0.75 بالمئة)، ليغلق عند 4472.66 نقطة، كما ارتفع مؤشر ناسداك (بنسبة 1.16 بالمئة) مغلقاً عند 13921.00 نقطة. وارتفع مؤشر داو جونز الصناعي (بنسبة 0.27 بالمئة) مغلقاً عند إلى 34353.59 نقطة.
- ارتفعت أسعار الذهب الخميس إلى أعلى مستوى لها في قرابة شهر بدعم تراجع الدولار بعد بيانات التضخم الأميركية.. وقد انخفض الدولار إلى أدنى مستوى في 15 شهراً. حيث يتمتع الاحتياطي الفيدرالي بنجاح نسبي في احتواء ارتفاع الأسعار.
- ارتفع الذهب في المعاملات الفورية 0.1 بالمئة إلى 1959.79 دولار للأونصة بحلول الساعة 0241 بتوقيت غرينتش، مسجلا أعلى مستوياته منذ 16 يونيو.
- صعدت أسعار النفط في التعاملات الآسيوية المبكرة، الخميس، بعد أن أثارت بيانات التضخم والاقتصاد في الولايات المتحدة آمالا في وتيرة أقل لرفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة في أكبر اقتصاد في العالم.
- ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 32 سنتا إلى 80.43 دولار للبرميل بحلول الساعة 0327 بتوقيت غرينتش. وارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 27 سنتا إلى 76.02 دولار.
ويشير معطي إلى أن ثمة حالة من التفاؤل باقتراب تدريجي من انتهاء تشديد السياسة النقدية، مع تراجع فرص الوصول إلى الركود حال أقدم الفيدرالي على الرفع لمرة واحدة، متوقعاً أن يخرج الفيدرالي ليؤكد على نفس خطابه الخاص بأنه لا يعتمد على بيانات دون غيرها، إذ ينظر إلى مختلف البيانات والمؤشرات وتأثيراتها على معدلات التضخم "مسألة أن النفط يرتفع عن الـ 80 دولاراً بعد كان قد وصل إلى 70 دولاراً من قبل، تؤثر على التضخم، وعامل مهم في حسابات الفيدرالي، الذي سيؤكد أن المعركة مع التضخم لم تُحسم بعد"، وعليه يعتقد بأنه سوف يتم رفع الفائدة في الاجتماع المقبل.
التوقعات الاقتصادية التي كشف عنها مجلس الاحتياطي الفيدرالي، بعد اجتماعه السابق، أشارت إلى أن تكلفة الاقتراض سترتفع على الأرجح بواقع نصف نقطة مئوية أخرى بنهاية العام الجاري في ظل قوة الاقتصاد عن المتوقع وبطء انحسار التضخم.
- يتوقع الفيدرالي وصول الفائدة إلى 5.6 بالمئة بحلول نهاية العام الجاري.
- رفع الفيدرالي توقعاته للنمو إلى 1 بالمئة هذا العام، بينما خفضها للعامين 2024 و2025 بشكل طفيف.
- يرى الفيدرالي أن معدلات التضخم "لا تزال مرتفعة"، وقال إنه سيواصل العمل على إعادتها لمستهدفاتها. فيما استبعد في الوقت نفسه دخول الاقتصاد الأميركي في ركود للعام الحالي.
- توقع الفيدرالي وصول معدلات البطالة عند 4.1 بالمئة في 2023 بالمقارنة مع 4.5 بالمئة في توقعات شهر مارس الماضي.
المعركة مع التضخم
وتبعاً لتلك المعطيات "سيكون الفيدرالي أقل استعجالاً للإبقاء على رفع الفائدة بعد أرقام التضخم التي صدرت (الأربعاء)"، طبقاً لكبير استراتيجي الأسواق لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في BDSwiss، مازن سلهب، والذي يضيف قائلاً:
- صحيح أن التضخم الأميركي يكون بذلك عند أدنى مستوى منذ مارس 2021 لكن المعركة لم تنته بعد ولم يصل الفيدرالي إلى الانتصار (المعدل المستهدف عند 2 بالمئة).
- وصلت الفائدة حالياً في أميركا إلى 5.25 بالمئة، وباعتقادنا أن الأرقام الجديدة لن تجعل الفيدرالي يوقف رفع الفائدة بالمطلق بل سيجعل رفع الفائدة قريباً من نهايته.
- نعتقد بأن الفيدرالي سيرفع الفائدة مرة واحدة فقط في النصف الثاني من 2023 قبل أن يجعلها مستقرة، ومن ثم يوجه الأسواق إلى مسار آخر في العامين المقبلين.
ويشير سلهب، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن التضخم مازال بعيداً عن الهدف عند 2 بالمئة، ومن غير المتوقع أن يصل لذلك الهدف مع نهاية العام إلا في حالة الركود، سواء كان عميقاً أو مؤقتاً.. لابد من الأخذ بعين الاعتبار عدة عوامل مهمة:
- أولاً: ماذا لو عادت أسعار الطاقة للارتفاع، حيث ارتفعت أسعار النفط 10 بالمئة في شهر كامل؟ إن الارتفاع في أسعار النفط سيجعل من أسعار الغذاء والطاقة ترتفع مجدداً وهي أكثر مكونات مؤشر التضخم تقلباً.
- ثانياً: الارتفاع في مستويات الأجور والأداء القوي في مؤشر مديري المشتريات للخدمات يجعل من التضخم الأميركي عنيداً ولن يتراجع بسهولة.
- ثالثاً: لن تكون أرقام شهر واحد كافية لرسم صورة كاملة، لكن عموماً اقتربت دورة رفع الفائدة من النهاية سواءً بالمقارنة التاريخية لأسعار الفائدة أو بالمدة الزمنية لهذه الدورة مقارنةً مع سابقاتها.
يقود ذلك للاعتقاد بأن التصحيح في مؤشر الدولار لم ينته بعد (وصل 100.60 نقطة الأدنى منذ أبريل 2022) وكسر مستويات فنية مهمة ويمهد الطريق إلى تراجع قد يصل 2 بالمئة أخرى عند 97/98 نقطة.
ويضيف كبير استراتيجي الأسواق لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في BDSwiss، في هذا السياق قائلاً: " لا نتوقع تصحيحاً قاسياً أو انهياراً في مؤشر الدولار الأميركي لعوامل ترتبط بفرق العوائد مع بقية العملات حالياً. ولن نرى تراجعاً قاسياً إلا بفعل تأثير سياسي وتبعات تجارية".
وبخصوص انعكاسات المؤشرات الراهنة على الذهب، يلفت إلى أن تراجع التضخم وبقاء العوائد مستقرة، خاصة في المدى القصير (3 و 6 و 12 شهراً على السندات الأميركية) سيجعل من هذه العوائد إيجابية (العوائد ناقص التضخم)، والعوائد الإيجابية ليست مفضلة عند الاستثمار في الذهب.
"لكن مع ذلك نعتقد بأن مكاسب الذهب لم تنته بعد؛ مستفيدةً من تراجع مؤشر الدولار الأميركي إضافةً إلى إعادة التموضع في أسواق السندات العالمية؛ لأننا نرى فرصةً في شراء السندات من هذه المستويات المرتفعة نسبياً للعوائد، حيث تستقر العوائد حالياً عند 3.86 بالمئة في سندات العشر سنوات، وهي قريبة من الأعلى هذا العام، لكن وبمجرد العودة إلى الاستقرار في السندات سيتراجع الذهب مجدداً، ولكن ليس قبل الوصول الى 2000$ مجدداً (التي كان قد وصلها قبل شهر).
وعليه "ستبقى السياسة النقدية للفيدرالي الأميركي متكيفة.. كانت كذلك وستبقى حتى لو حذف الفيدرالي هذا المصطلح في بياناته وتقاريره"، وفق سلهب الذي يتحدث في الوقت نفسه على تأثير تلك المؤشرات على أسعار النفط، بقوله إن "التأثير في أسعار النفط سيكون شكل غير مباشر؛ لأن الضغوط الانكماشية على الاقتصاد لو تحققت في الربع الأخير من هذا العام سيجعل غالباً من الطلب على الطاقة يتراجع.. هذا باعتقادنا قد يجعل مكاسب النفط قصيرة الأجل".
وكان رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، قد قال في وقت سابق الشهر الماضي، إن البنك قطع شوطاً طويلاً في محاربة التضخم، وإن الأثر الكامل للتشديد النقدي سيظهر لاحقا، مؤكداً في الوقت ذاته التزام الفيدرالي بخفض التضخم إلى مستهدفاته عند 2 بالمئة. كما أشار إلى أنه لن يكون من الملائم خفض معدلات الفائدة خلال العام الجاري.
وشدد رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي على أن جميع مسؤولي البنك تقريباً يتوقعون المزيد من رفع أسعار الفائدة هذا العام، مشيراً إلى أنه حتى مع عدم اتخاذ المسؤولين قرارا بما سيفعلونه في هذا الصدد في الاجتماعات المقبلة، فإن اجتماع اللجنة الاتحادية للسوق المفتوحة لشهر يوليو قد يشهد زيادة أخرى في سعر الفائدة. لكنه لفت حينها لى أنه من المتوقع تراجع الفائدة بنسبة 1 بالمئة في 2024، و2 بالمئة بحلول نهاية العام 2025. وقال إن "الطريق طويلة أمام إعادة التضخم إلى 2 بالمئة".
أسعار النفط والذهب
في السياق نفسه، يتحدث في تصريحات خاصة ضمن القراءة التي أعدها موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" الرئيس التنفيذي لمركز "كوروم للدراسات الاستراتيجية" طارق الرفاعي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، حول أثر المؤشرات الأميركية المذكورة على أسعار النفط والطاقة، على النحو التالي:
- بيانات التضخم المُعلن عنها أخيراً كانت جيدة، وهذا دليل على أن سياسة الفيدرالي برفع الفائدة بوتيرة أسرع من البنوك المركزية الأخرى كانت ناجحة.
- الفيدرالي يسير في نفس الاتجاه ولا أعتقد بأنه سوف يعدل عنه في اجتماع المقبل في 25 و26 هذا الشهر.. سوف يرفع الفائدة بـ 25 نقطة أساس (ربع نقطة مئوية).
- بخصوص الذهب، فقد انخفض خلال الشهر الماضي عن المستويات التي كان عليها من قبل، وهذا الانخفاض يمكن أن يستمر في الوقت القريب على الأقل تبعاً للوضع الراهن.
- النفط كان أعلى مستوى له منذ شهر عند الـ 80 دولاراً للبرميل. ولا أعتقد بأن أسعار النفط سوف ترتفع لأكثر من ذلك المستوى (رغم التقديرات الخاصة بوصولها لـ 85 دولاراً).
- عامل رئيسي من ارتفاع معدلات التضخم خلال السنوات الماضية كان السبب فيه ارتفاع الطاقة، وبالأخص النفط، فكلما ارتفع النفط كلما يضغط في الأشهر المقبلة على عودة ارتفاع التضخم، والفيدرالي لا يريد ذلك بالطبع.
التضخم "تحت السيطرة"
ويرى الأستاذ الزائر بجامعة فلوريدا الأميركية، جاي ريتر، أن أرقام التضخم الأخيرة "تزيد بشكل كبير من فرصة عدم قيام الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بزيادة أسعار الفائدة".
ويشير في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" حول تبعات البيانات الأخيرة وانعكاساتها على اتجاهات الفيدرالي الأميركي، إلى أن السبب الرئيسي لزيادة أسعار الفائدة كان السيطرة على التضخم، وبالتالي فإنه إذا التضخم تحت السيطرة ، فلا يوجد سبب لزيادة أسعار الفائدة بشكل أكبر. وليس من المستغرب أن سوق السندات انتعشت اليوم بسبب معدل التضخم المنخفض.
ويقترب معدل التضخم الرئيسي من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 بالمئة بعد أن بلغ ذروته عند أكثر من 9 بالمئة العام الماضي. ومع ذلك، فقد ثبت أن التضخم الأساسي -الذي يستبعد تكاليف الغذاء والطاقة المتقلبة- أكثر ثباتاً، مما رفع التوقعات بأن البنك المركزي الأميركي سيحتاج إلى رفع أسعار الفائدة أكثر.
وتتناقض الصورة الإيجابية نسبياً التي تُظهرها بيانات التضخم الصادرة يوم الأربعاء، بشكل حاد مع الاقتصادات المتقدمة الأخرى، مثل المملكة المتحدة، حيث يكافح هناك بنك إنجلترا للسيطرة على التضخم البالغ 8.7 بالمئة.
وفي حين يبدو أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يقترب من نهاية حملة التشديد النقدي، فمن المتوقع أن يمضي كل من بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي قدماً في رفع أسعار الفائدة هذا العام.
وبحسب تقديرات المحللين التي نشرتها صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، فمن المتوقع أن يرفع بنك إنجلترا سعره القياسي بمقدار نقطة مئوية أخرى تقريباً هذا العام إلى ما يزيد قليلاً عن 6 بالمئة بحلول أوائل العام 2024. كما من المتوقع أن يرفع البنك المركزي الأوروبي الفائدة حوالي نصف نقطة مئوية.