لهذه الأسباب.. سوق دبي المالي يحقق أعلى مستوى في 8 أعوام
16:45 - 04 يوليو 2023أكد خبراء اقتصاد في تصريحات خاصة لـ"اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن المكاسب المتواصلة التي يسجلها سوق دبي المالي منذ بداية العام الجاري وتحقيقه أعلى مستوى منذ ثمانية أعوام لم يأت من فراغ، مرجعين ذلك إلى جملة من العوامل الرئيسة، أهمها ارتفاع سوق العقار وعودة قطاع السياحة إلى زخمه واستقطابه للسياح الصينيين، بعد إزالة ثاني أكبر اقتصاد في العالم قيود كورونا إلى جانب أساسيات اقتصادية يتمتع بها اقتصاد دبي.
وارتفع مؤشر سوق دبي المالي في النصف الأول من العام الجاري بنسبة 13.7 بالمئة إلى مستوى 3791.99 نقطة، مدعوماً بقفزة أسهم العقارات، في حين تخطى مؤشر السوق خلال تعاملات الثلاثاء، مستوى 3938 نقطة متجاوزاً مستوى 3900 نقطة للمرة الأولى منذ أغسطس 2015، حيث سجل المؤشر نسبة ارتفاع بنحو 1.26 بالمئة.
وتعززت مكاسب سوق دبي منذ مطلع عام 2023، بدعم من المستثمرين الأجانب الذين ضخّوا في السوق نحو 2.3 مليار درهم محصلة شراء، كما تعززت القيمة السوقية للسوق بإدراج أسهم "الأنصاري" للخدمات المالية خلال النصف الأول من العام الجاري.
ولعب سهم إعمار المدرج في بورصة دبي دوراً كبيراً في رفع أسهم دبي إلى أعلى مستوياتها منذ 2015، حيث ارتفع السهم في جلسة الثلاثاء بأكثر من 2 بالمئة، مسجلاً أعلى مستوى منذ يناير 2018، بعد أن رفعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني تصنيفها لإعمار الإماراتية إلى BBB من BBB- مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وإعمار شركة عقارية إماراتية مدرجة ببورصة دبي، وهي من أكبر المطورين العقاريين في الإمارات، ولديها العديد من المشاريع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا، ولديها محفظة أراض تصل إلى 1.7 مليار قدم مربعة في الإمارات وخارجها، حيث ارتفعت أرباح إعمار العقارية في الربع الأول 2023 بنسبة 43 بالمئة لتصل إلى 3.206 مليار درهم، مقارنةً بـأرباح قدرها 2.239 مليار درهم بنهاية الربع الأول من العام 2022.
سوق دبي ضمن الأفضل عالمياً
وفي حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" يؤكد مازن سلهب كبير استراتيجي الأسواق في "BDSwiss MENA" أن ارتفاع مؤشر سوق دبي المالي DFM إلى أعلى مستوى منذ 2015 (يتداول حالياً عند 3938 نقطة) لم يأت من فراغ، مشيراً إلى أن مؤشر السوق حقق مكاسب وصلت إلى 20 بالمئة تقريباً منذ بداية العام، وأكثر من 26 بالمئة ارتفاع في عام كامل، ليكون من الأفضل عالمياً.
أساسيات اقتصادية
ويرجع سلهب هذا النمو بشكل أساسي الى أسهم قطاع الشركات العقارية (مباشرةً أو المرتبطة بها) إضافةً إلى البنوك، لكنه يؤكد أن وراء هذه الأرقام أيضاً أساسيات اقتصادية أكثر من كونها مضاربات سريعة.
ويمكن القول إن الزخم المرتبط بالإدراجات الأخيرة في الأسواق الإماراتية جعل من السيولة الكبيرة داخل الدولة تستهدف أسهماً وقطاعات محلية لم تكن متاحةً من قبل (إدراج الأنصاري للصرافة في سوق دبي المالي، وكذلك وحدة أدنوك للخدمات والأعمال اللوجستية والغاز في سوق أبو ظبي المالي)، دون أن ننسى أن سهم اعمار ارتفع 16 بالمئة تقريباً منذ بداية العام، وسهم بنك الامارات دبي الوطني مرتفع تقريباً 17 بالمئة كذلك لنفس الفترة، وفقاً لسهلب.
ويشير كبير استراتيجي الأسواق في "BDSwiss MENA" إلى أن ما نراه من أرقام حالياً هو نتيجة عمل متواصل منذ أن بدأت الجائحة إذ كانت الإمارات من أكثر الدول والحكومات كفاءةً في مواجهتها فحقق اقتصاد دبي نمواً بنسبة 6.2 بالمئة في 2021، وقرابة 5 بالمئة في 2022 وتشير توقعات وكالة S&P Global إلى نمو بنسبة 3 بالمئة هذا العام.
وهذا النجاح في مواجهة الجائحة دفع بالكثير من سكان الدول الأخرى للقدوم إلى دبي والاستقرار فيها من آسيا وروسيا وبريطانيا، حيث ارتفع عدد سكان دبي 1.48 بالمئة في 2023 ووصل حالياً 3.6 مليون نسمة، وفقاً لأرقام مركز دبي للإحصاء، وبالمقابل فإن تراجع أسعار العقارات في فترة كورونا، دفع تقييمات هذه الشركات العقارية إلى مستوى متدني ومخاطر مرتفعة، وعندما بدأ التعافي كانت أسعار الأسهم والعائد على توزيعاتها وربحية السهم في مستوى جيد بمعايير عالمية دفعت الكثيرين وخاصةً من المستثمرين طويلي الأجل الى استهداف هذه الأسهم، طبقاً لما قاله سلهب.
ماذا تقول بقية الأرقام؟
ويتابع سلهب: من المهم الإشارة إلى أنه على الرغم من تراجع أسعار النفط -11 بالمئة تقريباً في النصف الأول من 2023 إلا أن الأسعار حققت مكاسب 7 بالمئة في 2022 و55 بالمئة في 2021 بعد تراجعها -21 بالمئة في ختام 2020 ووصلت حالياً 70 دولاراً للبرميل في خام غرب تكساس الخفيف وهي مستويات أكتوبر 2018. لكن ماذا تقول بقية الأرقام؟
تشير الأرقام الى أن مؤشر مديري المشتريات في الإمارات ارتفع 55.5 نقطة في شهر مايو الماضي وهذا يعني توسعاً، بينما استمرت هذه الأرقام بالتراجع دون 50 نقطة في منطقة اليورو، أمريكا والصين في مرحلة انكماشية، وهذه الأرقام الجيدة في الإمارات كانت مدفوعة بأداء قوي في القطاع غير النفطي، والطلبات الجديدة مع ارتفع الطلب المحلي داخلياً.
وارتفعت أيضاً أرقام التوظيف بقوة إلى ثاني أسرع نمو منذ يوليو 2016 بينما يبدو تأثير ارتفاع الأسعار محدوداً بسب التحسن الملحوظ في سلاسل الامداد العالمية وتراجع تكلفة الشحن دولياً. ولا ننسى أن مؤشر S&P Global أشار أن معنويات التفاؤل تحسنت للشهر الخامس على التوالي في مايو الماضي 2023 لتصل أعلى مستوى منذ أكتوبر 2021 حيث يبقى الرهان مرتفعاً على استمرار زخم الطلب القوي، وهذه كله يدفعنا للاعتقاد أن الزخم موجود وسيستمر لفترة مقبلة وأتوقع أن سلوك المستثمرين لن يتغير إلا بتأثير من عوامل خارجية أكثر من كونها داخلية، طبقاً لما قاله كبير استراتيجي الأسواق في "BDSwiss MENA".
4 عوامل محركة للنمو
بدوره، يشير الرئيس التنفيذي ورئيس الاستثمار في " ATA Global Horizons" علي حمودي في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أربعة أسباب رئيسية دفعت سوق دبي المالي للارتفاع وهي:
• عودة السياح الصينيين إلى دبي بعد أن ألغت الصين منذ بداية العام الجاري قيود جائحة كورونا
• تحسن أسعار النفط شكل دافعاً إيجابياً للسوق
• الارتفاعات التي شهدتها التي شهدتها الأسواق العالمية وما تركته من أثر إيجابي على نفسية المستثمرين وتحديداً المؤسسات والمستثمرين الأجانب عبر تنويع استثماراتهم لدخول الأسواق المحلية وخاصة سوق دبي.
• ارتفاع سوق العقار والذي انعكس إيجاباً على الأسهم العقارية
لكن حمودي استبعد استمرارية الارتفاعات في القطاع العقاري خلال النصف الثاني من العام الجاري وكذلك العام المقبل بنفس المستويات التي شهدناها في النصف الأول من 2023 لأنها وصلت إلى ذروتها، متوقع استقرارها من الآن فصاعداً.
ويشير الرئيس التنفيذي ورئيس الاستثمار في " ATA Global Horizons" إلى أن العرض لا يزال كبير جداً في السوق العقاري بدبي وأن أي ارتفاعات أخرى ستكون شبه "مضاربية" غير مدعومة بشكل أساسي بما يحدث على الأرض، مؤكداً أن استقرار القطاع العقاري مهم جداً لأي اقتصاد حتى يستمر بالنمو.