حظوظها متساوية.. 3 دول تتنافس لقيادة الـ AI في القارة العجوز
18:00 - 26 يونيو 2023تتطلع العديد من الدول لقيادة العالم في تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ووضع موطئ قدم لها في عالم هذه التقنية التي باتت لا تقدر بثمن، خاصة بعد ظهور الجيل الجديد من الذكاء الاصطناعي، أو ما يعرف بـ "التوليدي" في نهاية 2022، ما فتح الباب على مصراعيه أمام احتدام المنافسة في هذا المجال، الذي سيقود إلى ثورة في مجالات الحياة المختلفة.
ومما لا شك فيه أن الولايات المتحدة الأميركية تقود حالياً ودون منازع، السباق العالمي للذكاء الاصطناعي التوليدي في العالم، بدعم من عمالقة التكنولوجيا مثل غوغل ومايكروسفت وأوبن أيه آي، وهو ما حوّل البلاد إلى لاعب رئيسي في هذه الصناعة، التي من المتوقع أن تصل قيمتها إلى ما يزيد عن 100 مليار دولار بحلول عام 2025، في حين تعزز الصين مركزها الثاني في هذه الصناعة، متخذة خطوات ترى أنها ستتيح لها تجاوز الولايات المتحدة في مرحلة لاحقة.
وفي الوقت الذي تتنافس فيه أميركا والصين للتربع على قمة صناعة الذكاء الاصطناعي في العالم، تحاول فرنسا المشاركة في السباق التكنولوجي الجديد، ولكن بسقف طموحات أقل، وهو أن تكون مركز أوروبا للذكاء الاصطناعي.
فرنسا تسعى للرقم واحد في الـAI في أوروبا
وتبذل فرنسا حالياً جهوداً كبيرة لأن تكون الرقم واحد في الذكاء الاصطناعي في أوروبا، وهذا الأمر ظهر جلياً من خلال فعاليات مؤتمر Viva Tech لعام 2023، الذي انعقد منذ أيام في العاصمة الفرنسية باريس، والذي أعلن خلاله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن بلاده ستستثمر بجنون في التدريب والبحث في مجال الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أن فرنسا تتمتع بمكانة جيدة في هذا المجال، نظراً لقدرتها على الوصول إلى المواهب والشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا.
منافسة ألمانية وبريطانية لفرنسا
وتواجه فرنسا خلال رحلة اكتساب لقب "مركز أوروبا للذكاء الاصطناعي" منافسة قوية من ألمانيا وبريطانيا، إذ كشف كل من البلدين، عن خطط لاستثمار مليارات الدولارات، في البحث والتطوير في تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهي خطوة مدفوعة بالفوائد الاقتصادية لهذه التكنولوجيا الثورية، التي ستفتح الأبواب أمام ظهور طفرات غير مسبوقة في مجالات عديدة.
فرنسا تحرز تقدماً في مجال الذكاء الاصطناعي
ويقول الخبير في التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي بول سمعان، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن فرنسا وتحت قيادة إيمانويل ماكرون، تحرز تقدماً كبيراً في ترسيخ نفسها كمركز للذكاء الاصطناعي في أوروبا، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تأتي مدفوعة بالفوائد الاقتصادية والأهمية الاستراتيجية لهذه التكنولوجيا، حيث تدرك الدول الإمكانات التحويلية لصناعة الذكاء الاصطناعي، ودورها في تحريك الاقتصاد وخلق فرص العمل وتحقيق النمو.
فرنسا تخصص 500 مليون يورو
وبحسب سمعان فإن نوايا ماكرون للاستثمار بكثافة في التدريب والبحث في مجال الذكاء الاصطناعي، تهدف إلى خلق وتعزيز قطاع اقتصادي جديد، وجذب المواهب والاستثمارات من جميع أنحاء العالم، حيث خصصت فرنسا مؤخراً مبلغ 500 مليون يورو، حرصاً منها على تنمية رواد الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أنه من الناحية الاستراتيجية، فإن الهيمنة والتفوق في الذكاء الاصطناعي تمنح نفوذاً للدول، خاصة ما يتعلق بالتطبيقات والأدوات العسكرية المتوقع ظهورها بفضل هذه التكنولوجيا.
سياسات فرنسية داعمة
ويكشف سمعان أن فرنسا تعتمد في مسار ريادتها للذكاء الاصطناعي في أوروبا، على العديد من المزايا المتأصلة التي تمتلكها، بما في ذلك مؤسسة بحثية قوية تتألف من جامعات عالمية ومعاهد بحثية، ومجموعة كبيرة من المهنيين الأكفاء، إضافة إلى قرارات وسياسات حكومية داعمة لهذا الاتجاه، لافتاً إلى أن فرنسا لا تهدف إلى أن تكون رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي فحسب، بل أيضاً إلى إنشاء نظام بيئي للذكاء الاصطناعي مزدهر لمستقبلها.
وشدد سمعان على أن باريس ترى أن التفوق في مجال الذكاء الاصطناعي هو مصدر للفخر الوطني ويعكس هوية فرنسية مميزة في المشهد العالمي للذكاء الاصطناعي.
إضافة 4 تريليون دولار لاقتصاد العالم
من جانبه، يقول مطور التكنولوجيا فادي حيمور، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، رغم أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يعد من التقنيات حديثة العهد، إلا أنه أحدث ضجة كبيرة بسبب الإمكانيات الواعدة التي يكتنزها، وهذا الأمر ليس تكهنات فقد توقع تقرير صادر عن "ماكينزي"، أن الذكاء الاصطناعي التوليدي، قد يضيف ما يتراوح بين 2.6 تريليون و 4.4 تريليون دولار للاقتصاد العالمي كل عام، حيث سيكون تأثير هذه التكنولوجيا مفيداً لجميع الصناعات، لا سيما في البنوك والطب والتجارة، لافتاً إلى أن هذا الأمر باتت تعلمه الدول جيداً، ولذلك فإننا نراها تتسابق لحجز مكان لها على طريق تطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي.
3 دول أوروبية تتسابق للحصول على المركز الأول
وبحسب حيمور فإن هناك ثلاث دول في القارة العجوز، تتبارى لكي تكون الرقم واحد في الذكاء الاصطناعي هي فرنسا وألمانيا وبريطانيا، ولذلك فإن طموحات باريس لاكتساب لقب مركز أوروبا للذكاء الاصطناعي، يتساوى من حيث الحظوظ مع ألمانيا وبريطانيا اللتين أعلنتا أيضاً عن خططهما الكبيرة في هذا المجال، والتي تضمنت تخصيص مبالغ طائلة لدعم هذا التوجه، لافتاً إلى أنه وانطلاقاً مما يحدث حالياً، فإنه يجب الانتظار عدة سنوات لمعرفة من سيتفوق من هذه الدول الثلاث، في سباق قيادة الذكاء الاصطناعي في أوروبا، في حين أن السباق العالمي محسوم لصالح أميركا.
ويختم حيمور حديثه بالإشارة إلى أن العالم قبل الذكاء الاصطناعي التوليدي ليس هو ذاته بعده، خاصة أن التغييرات التي ستدخلها هذه التكنولوجيا، تشمل شتى المجالات، وذلك من صناعة الهواتف مروراً بالصناعة المالية وصولاً إلى العسكرية، ولذلك نرى أن الدول الكبرى تتهافت على الاستثمار في الذكاء الاصطناعي.