أضرار صحية وبيئية.. "زحف البلاستيك" يثير القلق في تونس
20:20 - 13 يونيو 2023عاد الجدل في تونس من جديد حول استعمال المواد البلاستيكية بسائر أنواعها، وما يشكله من مخاطر بيئية وصحية دفعت كثيرا من المنظمات والخبراء إلى دق ناقوس الخطر، والتنبيه من الآثار الوخيمة لزحف هذه المادة على نمط الحياة اليومية.
وأشارت منظمات بيئية حكومية وخاصة، إلى أن الأرقام المفزعة لاستعمال مادة البلاستيك في تونس، أصبحت بمثابة "هاجس قوي" يستوجب مزيدا من القوانين والإجراءات لتحديد مجال استخدام هذه المواد، وفرض قيود صارمة لضبط المخالفين.
وتهدف هذه الإجراءات إلى الحد من انتشار المواد البلاستيكية، سواء في الشوارع أو في الفضاءات العامة والخاصة.
وفي سبتمبر 2022، بدأت الحكومة بتطبيق قانون تحديد استعمال البلاستيك، ومنع استخدام الأكياس البلاستيكية ذات الاستعمال الواحد بهدف تقليص انتشار النفايات، لكن ذلك أثار حفيظة مصانع البلاستيك التي اشتكت بدورها من الآثار الاقتصادية التي ستترتب عليها في المقابل.
خطر محدق بالبيئة
- اتخذت تونس الكثير من الإجراءات بشكل تدريجي، للحد من استعمال البلاستيك، خاصة الأكياس التي تستخدم عادة لوضع الخبز والخضراوات والغلال وسائر المقتنيات.
- لكن ذلك لم يضع حدا لانتشار النفايات البلاستيكية في الأماكن العامة والخاصة وفي الطرقات والشواطئ.
- أطلقت وزارة البيئة في تونس في 2022، حملة وطنية لمكافحة تدفق النفايات البلاستيكية الموجودة بالسواحل.
- أظهرت نتائج الدراسة التي قام بها خبراء في الوزارة، أن 9.5 كيلوغراما من البلاستيك تتدفق يوميا على كل كيلومتر واحد من السواحل التونسية، التي يبلغ طولها الإجمالي 1500 كيلومتر تقريبا.
- حسب الدراسة ذاتها، فإن شواطئ محافظات المنستير ونابل المهدية وصفاقس ومدنين، هي الأكثر تلوثا بالنفايات البلاستيكية، وذلك باعتبارها الوجهة المحبذة للمصطافين في فصل الصيف والأكثر استقطابا للسياح.
- أقرت وزارة البيئة سنة 2023 تنظيم تظاهرة "سنة النظافة"، وتعمل مصالحها بالتعاون مع 11 خبيرا من البنك الدولي على إعداد استراتيجية تحت شعار "ساحل دون بلاستيك"، للتوعية بمخاطر صحية متحملة للبلاستيك بمختلف استعمالاته.
ماذا يقول الخبراء؟
وصف نضال عطية عضو شبكة "تونس الخضراء"، وهي منظمة تدافع عن القضايا البيئية وحق المواطن في العيش في بيئة نظيفة، زحف المواد البلاستيكية في الاستعمالات اليومية للتونسيين بكونها "آفة خطيرة تهدد صحة الإنسان، وتستوجب فرض مزيد من الإجراءات الصارمة".
وقال عطية في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية":
- "المؤشرات الحالية للنفايات البلاستيكية المنتشرة في البحر المتوسط مفزعة، إذ أن نحو 8500 طن من النفايات ملقاة في مياه البحر، وأن نحو 4.2 مليار كيس بلاستيكي يتم استعمالها سنويا في العالم".
- "نمط الحياة في تونس أصبح قائما على استخدام البلاستيك بشكل مهول، فالمطاعم تعتمد على أكياس البلاستيك لحفظ المأكولات، كما أن مصانع النسيج تعتمد بدورها على مواد تحتوي على البلاستيك حتى وإن كانت بنسبة ضئيلة".
- "هذا الاستنزاف في استعمال المواد البلاستيكية يمثل خطرا محدقا على صحة الإنسان وعلى البيئة والمحيط".
- "جهود مكافحة الاستخدام المفرط لتلك المواد والحد من الأضرار الناجمة عنها، يتطلب أيضا إعادة النظر في أنماط الأوعية أو الأكياس التي تنتجها مصانع البلاستيك، واستبدال الأكياس أو المنتجات الحالية مثل الأواني أو الأكواب البلاستيكية التي تستخدم في المقاهي بمواد أخرى قابلة للتدوير أو لاستعمالات أخرى".
- "الكثير من أوجه الأضرار البيئية والمناخية متمثلة أساسا في الاحتباس الحراري الناتج عن تصنيع البلاستيك، ولا يبدو أن هناك تمشيا للتقليص من استعمال هذه المواد غير المكلفة، والتي تشجع أسعارها البخسة وتنوع أشكالها وأصنافها على الاستمرار في استخدامها رغم أضرارها".
- "المرأة أكثر عرضة من الرجل لمخاطر البلاستيك، بحكم أنها الأكثر استخداما لتلك المواد الموجودة بكثرة في المطبخ".
هاجس دولي
من جانب آخر، رأت الخبيرة في الشأن البيئي آمال جراد، أن "أضرار استخدام المواد البلاستيكية والمخاطر الناجمة عن النفايات أصبحت هاجسا دوليا وليس فقط في تونس"، مضيفة أن الكثير من المعاهدات الدولية المنبثقة عن الأمم المتحدة "تعمل للحد من تلك الآفة البيئية والصحية".
واستطردت جراد لموقع "سكاي نيوز عربية":
- "المصدر الأساسي للبلاستيك هو البترول، الذي يتم من خلاله صناعة المواد البلاستيكية، وبالتالي فإن الثورة الصناعية هي العامل الأول في تفشي المخاطر المنجرة عن استخدام البلاستيك في الحياة اليومية".
- "البلاستيك أصبح موجودا في كل الأنشطة المنزلية واليومية من دون استثناء، فمثلا عندما تزور مستشفى فإن جل المواد بلاستيكية، والأمر نفسه ينطبق على المدرسة والمطعم والفضاءات العامة والخاصة".
- "النفايات المنتشرة في الطبيعة تشكل خطرا كبيرا على صحة الإنسان، خصوصا عندما نعلم أن 30 بالمائة من البلاستيك يتم التخلص منه بإلقائه في الطبيعة".
- "الخطر الأكبر لآفة البلاستيك يكمن في ترسب النفايات في البحر ثم تفككها في المياه، مما يشكل ضررا فادحا على صحة الإنسان وعلى التنوع البيولوجي، بحكم أن مكونات تلك المواد عند تحللها هي أساسا الهيدروجين والكربون".
أضرار اقتصادية
وكانت مصانع الأكياس البلاستيكية في تونس قد احتجت على إجراءات حظر استخدام وبيع الأكياس البلاستيكية، بحجة أن ذلك سيزيد من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها.
وكشف المسؤول عن قطاع البلاستيك بمجمع مصنعي المواد البلاستيكية في تونس أسامة المسعودي، أن "أزمة القطاع هي أزمة قوانين، باعتبار أن الدولة أقرت الإجراءات التي تتجه نحو الحد من استعمال الأكياس المصنوعة من تلك المادة، من دون التفكير في التداعيات الاقتصادية والاجتماعية الوخيمة على نشاط المصانع."
وفي تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، قال المسعودي:
- "المشكلة انطلقت منذ 3 سنوات، عندما تم سن قانون منع استعمال الأكياس البلاستيكية ذات الاستعمال الواحد، الذي كان يستوجب أن ترافق الدولة المصنعين للمساعدة على تجاوز الانعكاسات السلبية المحتملة على القطاع، لكن ذلك لم يحدث مما عمق الأزمة في كل المصانع".
- "طالبت الحكومة التونسية مصانع الأكياس البلاستيكية بالاتجاه إلى صناعات بديلة، مثل الأكياس القماشية والكرتونية، لكن الآلات المستعملة حاليا غير قادرة على إنتاج أنواع أخرى من الأكياس غير البلاستيكية".
- "الناشطون في القطاع يقترحون تعليق القانون الذي يحظر تصنيع أكياس البلاستيك، إلى حين توفر الآلات الخاصة بإنتاج أكياس أخرى، أو أن تتم مساعدة المصانع ماديا لتتجاوز مصاعبها الاقتصادية والاجتماعية".
- "يوجد في تونس قرابة 80 مصنعا للأكياس البلاستيكية، تؤمن نحو 3 آلاف فرصة عمل مباشرة، وتواجه تلك المصانع صعوبات اقتصادية، إلى جانب عدم قدرتها تقنيا على صناعة الأكياس المطلوبة من قبل وزارة البيئة".