الصين تصعد نبرتها في معركة الرقائق الإلكترونية مع أميركا
22:19 - 25 مايو 2023تمثّل القيود التي فرضتها بكين على شركة ميكرون الأميركية لصناعة الرقائق خطوة كبيرة في ردها على الضغوط التي تمارسها واشنطن وقد تفتح الباب أمام مزيد من الإجراءات في المواجهة الجيوسياسية، بحسب محللين.
لكنهم حذروا من أن قدرة الرئيس شي جين بينغ على رفع الرهانات ستكون محدودة إذ إن أولويته هي إنعاش ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعدما أضعفته ثلاث سنوات من سياسة مكافحة جائحة كوفيد، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.
حظرت الصين الأحد استخدام رقائق شركة ميكرون في مشاريع البنية التحتية الحيوية وبررت بكين ذلك بأنها تشكل "أخطارا أمنية كبيرة للشبكة" قد تؤثر على "الأمن القومي".
وأعربت واشنطن عن "مخاوف جدية" بشأن القرار الذي جاء في الوقت الذي وقع قادة دول مجموعة السبع بيانا يحض بكين على إنهاء "الإكراه الاقتصادي".
تمثل هذه الخطوة تحولا كبيرا في استجابة الصين للتدابير الأميركية التي استهدفت قطاع التكنولوجيا في البلاد، وقد وصفها غاري نغ، كبير الاقتصاديين في شركة "ناتيكسيس" المتخصصة في تجارة الرقائق العالمية، بأنها "حالة فارقة".
وشدّد على أن هذا أول تحقيق صيني ضد شركة أجنبية منذ تشديد بكين في العام 2021 قواعد الأمن السيبراني.
أشباه الموصلات 4: هل يحرر التنين نفسه؟
وقال غاري نغ "لن أُفاجأ إذا استخدمت الهيئات الناظمة هذه المراجعات أداة للانتقام في المستقبل" عند مواجهة قضايا جيوسياسية أخرى.
من جهتها، أوضحت إميلي واينستين، الباحثة في جامعة جورج تاون والمتخصصة في المنافسة التكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين، أن تعريف ما يندرج تحت "البنية التحتية للمعلومات الحساسة" كان واسعا للغاية، بدءا من خدمات حكومية عبر الإنترنت ومسائل دفاعية وصولا إلى الرعاية الصحية والإرشاد المائي.
وأشارت إلى أن "الصين كانت دائما تتذرع بالأمن القومي أو بأسباب أخرى لإنشاء حواجز حمائية" بما في ذلك اتفاقات إلزامية لنقل التكنولوجيا تتطلب من الشركات تخزين كل البيانات محليا ومن الكيانات الأجنبية إقامة مشاريع مشتركة مع شركاء محليين في العديد من القطاعات.
"صب الزيت على النار"
بدأت الصين تحقيقا ضد شركة ميكرون أواخر مارس، بعد خمسة أشهر من كشف الولايات المتحدة قيودا شاملة تهدف إلى قطع وصول بكين إلى الرقائق المتطورة ومعدات صناعة الرقائق والبرمجيات المستخدمة في تصميم أشباه الموصلات.
وقال بول تريولو، خبير التكنولوجيا الصينية في شركة أولبرايت ستونبريدج للاستشارات "من الواضح أن هذا جزء من رد انتقامي على ما تعتبره بكين دعما من واشنطن لميكرون وصناعة أشباه الموصلات الأميركية".
وأضاف أن ميكرون اختيرت لإرسال رسالة سياسية موضحا أن مراجعات سابقة للأمن السيبراني لشركات محلية مثل "ديدي" و"أوبر" الصينية، ركزت على البيانات بدلا من توسيع النطاق ليشمل الأمن القومي.
وفي العام 2022، حظرت واشنطن شركات مصنعة للرقائق من بينها "يانغتسي ميموري تكنولوجيز" أيضا تحت غطاء "تهديدات للأمن القومي".
وجاء الإعلان الصيني في الوقت الذي قالت دول مجموعة السبع إنها ستتجه إلى "إزالة الأخطار وليس الانفصال" عن الصين فيما تضغط واشنطن على الحلفاء للتوحد في تقييد صادرات معدات الرقائق إلى الصين.
وقال نغ "البيان القوي من مجموعة السبع ربما صب الزيت على النار".
ومع ذلك، فإن رغبة شي في محاربة ما يعتبره هيمنة أميركية يجب أن تكون متوازنة مع تأثير إجراءات مماثلة على الاقتصاد.
وفقا لمحللين، كانت ميكرون هدفا سهلا للصين إذ يمكن استبدال أشباه الموصلات التي تصنعها بمنتجات من "إس كيه هاينكس" و"سامسونغ" الكوريتين الجنوبيتين.
وسيكون من الصعب استهداف شركات أميركية أخرى مثل "إنتل" و"كوالكوم" لأن تقنياتها تُستخدم في سلع استهلاكية بما فيها الهواتف الذكية التي تُصنع في البلاد وتُشحن إلى الخارج.
المراهنة على كوريا الجنوبية
وقال جا إيان تشونغ، الأستاذ المشارك في العلوم السياسية في جامعة سنغافورة الوطنية، إنه "من خلال استهداف شركات أميركية مثل مايكرون، فإن الهدف هو إرسال إشارة مفادها أن بكين مستعدة لتقديم بعض التضحيات في معركتها مع الولايات المتحدة".
وأضاف بحسب بلومبرغ نيوز "لكن بكين حريصة على الحد" من هذه التضحيات.
ووفقا لتوبي تشو، المحلل في شركة "كاناليٍس"لبحوث السوق، فإن الحظر سيؤثر بشدة خصوصا على الشركات التي تقدم خدمات سحابية أو مراكز بيانات لأنها تستخدم أجهزة تتطلب شرائح ذاكرة متطورة.
وأوضح لوكالة فرانس برس أن منتجات السلع الاستهلاكية لشركة ميكرون "يمكن استبدالها كلها" بأخرى من موردي رقائق محليين وكوريين جنوبيين.
بدوره، قال تريولو إن بكين "تراهن على التحول إلى الموردين الكوريين الجنوبيين".
لكن البيت الأبيض حضّ الشهر الماضي صانعي الرقائق في كوريا الجنوبية على عدم التصدير إلى الصين لسد أي فجوة يخلفها حظر على الواردات الأميركية من أشباه الموصلات.
وأعلنت هولندا واليابان قيودا على صادرات الرقائق، بناء على طلبات من واشنطن.