تحركات أوروبية تجاه الهند.. والهدف "النفط الروسي"
06:52 - 17 مايو 2023باتت مشتريات الهند من النفط الروسي تحت نظر الاتحاد الأوروبي، الذي هدد للمرة الأولى باتخاذ "إجراءات صارمة" حيال نيودلهي التي تعيد بيع نفط موسكو كوقود مكرر بما في ذلك الديزل إلى أوروبا، في الوقت الذي تتحرك فيه الدول الغربية لتشديد العقوبات على قطاع الطاقة الروسي.
و الهند هي واحدة من أكثر الدول التي تشتري النفط الروسي خلال العام الأخير، في أعقاب فرض مجموعة من العقوبات الاقتصادية على موسكو، استهدفت في المقام الأول تضييق الخناق على قطاع الطاقة الروسية باعتباره صاحبة العائد الأكبر بالبلاد.
وتعد تلك الإجراءات التي يعتزم الاتحاد الأوروبي اتخاذها، جزءًا من حزمة عقوبات أوسع نطاقا من المرجح أن تستهدف قيام دول ثالثة بتعزيز التجارة مع روسيا، بما في ذلك الهند والصين، بالإضافة إلى ملحق لاستدعاء دول ومنتجات معينة.
وسبق أن أعلنت روسيا أن صادراتها النفطية إلى الهند زادت 22 مرة في 2022، في مؤشر إلى تحولها إلى عمالقة القارة الآسيوية في خضم النزاع في أوكرانيا.
كيف تفكر أوروبا؟
في تصريحاته لصحيفة "فاينانشال تايمز"، قال منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل:
إن التكتل يدرك أن المصافي الهندية تشتري كميات كبيرة منالنفط الخام الروسي قبل تحويله إلى وقود للبيع في أوروبا، وعلى الاتحاد الأوروبي التحرك لوقفه.
أن تشتري الهند النفط الروسي، هذا طبيعي(...) لكن إذا استخدموا ذلك من أجل أن يصبحوا مركزا يتم فيه تكرير النفط الروسي وبيع المنتجات الثانوية لنا، فعلينا أن نتصرف".
أصبحت الهند واحدة من أكبر مشتري النفط الخام الروسي منذ حرب أوكرانيا، حيث تكسب مصافيها أرباحا كبيرة من خلال شراء النفط الخام المنخفض السعر والذي أصبح الآن ممنوعا من الاتحاد الأوروبي، قبل بيع الوقود بسعره الطبيعي إلى أوروبا.
تعرضت نيودلهي لانتقادات من المؤيدين لفرض عقوبات أشد على روسيا، حيث يقولون إنها سمحت لموسكو بالاستمرار في جني عائدات كبيرة من مبيعاتها النفطية.
أثار "بوريل" قضية شراء النفط الروسي ثم ضخه مجددًا لأوروبا خلال اجتماعه مع وزير الخارجية الهندي إس جيشانكار.
من المرجح أيضا أن يتعرض رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لضغوط من قادة مجموعة الـ 7 في قمة في اليابان حيث سيكون التعامل مع التهرب من العقوبات موضوعا رئيسيا للنقاش.
تستخدم المصافي الهندية، الخام المستورد من عدة دول مختلفة بما في ذلك روسيا، مما يجعل تحديد الأصل الدقيق لبرميل الديزل أو البنزين أمرا صعبا.
قد تستهدف عقوبات الاتحاد الأوروبي مشتري الوقود المكرر الهندي الذي يعتقد أنه مشتق من الخام الروسي.
في مارس الماضي، أعلنت شركة النفط الروسية العملاقة "روسنفت"، توقيعها عقدا مع شريك هندي من أجل "زيادة" شحنات النفط الروسي "بشكل كبير".
بحسب بيانات لوزارة التجارة الهندية، أصبحت روسيا العام الماضي وللمرة الأولى في تاريخها، أحد الشركاء التجاريين الخمسة الرئيسيين للهند، فيما بلغ حجم التجارة بين البلدين 38.4 مليار دولار.
الهند في طريقها لتصبح أكبر مورّد للوقود المكرر لأوروبا هذا الشهر، بينما تشتري في الوقت نفسه كميات قياسية من الخام الروسي، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ".
صعوبة تتبع الشحنات
من جانبه، يرى مستشار الطاقة الدولي عامر الشوبكي، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية" أنه:
على الرغم من كون الهند بوابة رئيسية لبيع منتجات النفط الروسي، بيد أنه من الصعب للغاية تتبع شحنات النفط الروسي بعد تكريرها.
حدد "الشوبكي" تبعات الإجراءات الأوروبية المرتقبة إزاء الهند في عدد من النقاط، قائلًا:
من الواضح أن النفط الروسي يتسرب إلى الأسواق الأوروبية عبر معامل تكرير موجودة في الهند، لكنها تستورد أيضا من عدد آخر من الدول، وبالتالي من الصعب تمييز المشتقات النفطية المُصَّدرة من الهند سواء كانت أصلها روسي أم لا.
هناك خطوات لكبح جماح المشترين الأوربيين، بجانب مناقشات ستتم بين مسؤولي الاتحاد الأوروبي والحكومة الهندية لسؤالهم عن كيفية بيع النفط الروسي ومنتجاته من الهند إلى أوروبا، كما أعتقد أنه ستكون هناك مساءلة لمشتري النفط في أوروبا.
يجب إدراك حقيقة أن هذا الأمر هو ما ساهم في الواقع للوصول للأسعار الحالية للنفط التي ينعم بها الاتحاد الأوروبي، إذ أن مزيدًا من تدفق النفط الروسي ومنتجاته للأسواق ساهم بالانخفاضات التي جرت على جزء كبير من أسعار النفط مؤخرًا، باستثناء مخاوف الركود الاقتصادي.
إذ ما اتخذ التكتل الأوروبي قرارات جدية تجاه النفط الروسي المباع عبر الهند، ستفقد روسيا سوقًا مهما كان يتم من خلاله إعادة بيع النفط ومنتجاته الروسيهة، وهو سوق استهلاكي أصبح يستحوذ على قرابة ثلث الصادرات الروسية من النفط، وبالتالي إذا لم تجد روسيا أسواقًا أخرى سيؤثر بالطبع على أسعار النفط.
الهند استفادت بشكل كبير من هذا الوضع، إذ كانت الشركات الهندية تنعم بأسعار مخفضة في الشراء وخصم يصل لـ 30 دولارًا للبرميل، وبالتالي تجني أرباحا هائلة من التكرير.
ومع ذلك، سيواجه الأوروبيين صعوبة في الحصول على منتجات بترولية وسيلجأون إلى أسواق أخرى مما قد يرفع أسعار تلك المنتجات.