مصر.. كيف تأثر سوق الملابس الجاهزة في عيد الفطر؟
21:47 - 22 أبريل 2023مع زيادة الطلب على الأسواق المصرية في خضم استعدادات عيد الفطر المبارك، تأتي سوق الملابس على رأس قائمة الطلب المتزايد، وهي السوق التي شهدت اضراباً كبيراً خلال السنوات الماضية على وقع وباء كورونا وحرب أوكرانيا، فكيف بدا المشهد هذا العام؟
بينما يستعد تجار الملابس الجاهزة لاستقبال موسم عيد الفطر المبارك، كانت المؤشرات الاقتصادية مقلقة بعض الشيء بحسب أحدث بيانات للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري، حيث:
- سجّل معدل التضخم في مصر لشهر مارس 2023، 33.9 بالمئة، مقابل 12.1 للشهر ذاته من العام الماضي.
- بينما سجّل الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين في مصر لشهر مارس 2023، ارتفاعاً قدره 3.2 بالمئة عن شهر فبراير الماضي
انتعاشة غير متوقعة
من جانبه، يقول نائب رئيس شعبة الملابس الجاهزة بغرفة القاهرة التجارية، خالد فايد، في حديث خاص لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إنّ سوق الملابس الجاهزة في مصر شهد إقبالاً ملحوظاً في الأيام القليلة الماضية قبل قدوم عيد الفطر المبارك، وبالأخص منذ حلول عيد القيامة لدى المسيحيين المصريين، وذلك يُعد أمراً نادراً الحدوث؛ مما ساعد على تحقيق تغييراً كبيراً في مبيعات الملابس، بنسبة وصلت إلى 30 بالمئة.
ويوضح فايد: "كافة التوقعات كانت تشير إلى حدوث حالة من الركود التام في السوق المصري للملابس، لكن ما حدث هذا العام كان غير متوقع، وشهدت المحال التجارية بمختلف محافظات مصر انتعاشة جديدة في تسويق وبيع بضائعها، بالتزامن مع أعياد المسلمين والأقباط".
وبحسب التقرير الصادر في مايو 2022، عن غرفة صناعة الملابس الجاهزة باتحاد الصناعات المصرية، تبيّن الآتي:
- بلغ متوسط استهلاك مصر من الملابس 16.5 مليار دولار سنوياً.
- تنتج مصر 80 في المئة من الملابس، بقيمة 13.2 مليار دولار.
- تستورد مصر 20 في المئة من الملابس، بقيمة 3.3 مليار دولار.
- تستورد مصانع الملابس المصرية مدخلات الإنتاج، بقيمة 3 مليارات دولار.
منافسة غير شرعية
يشير فايد إلى أكبر أزمة تواجه تجار الملابس في الوقت الحالي، وهي دخول الملابس إلى مصر بطرق غير شرعية، وبيعها في الأسواق بأسعار أقل من الأصلية؛ ما يتسبب في حدوث ركود بالمتاجر الرسمية التي تخضع لرقابة الجهات المعنية، وتشمل هذه المنافسة غير الشرعية: -
- بيع الملابس المستعملة عبر منصات التواصل الاجتماعي على أنها جديدة، وتحمل أسماء علامات تجارية عالمية، دون فواتير مبيعات أو فواتير إلكترونية، رغم منع استيراد الملابس المستعملة نهائياً.
- حصول الجمعيات الخيرية سواء الخاصة بالمسلمين أو الأقباط، على تبرعات من الخارج (ملابس)، وبيعها في مصر بأسعار زهيدة، بعيداً عن رقابة الجهات المعنية، أو الحصول على شهادات صحية لها.
- تهريب الملابس من الدول الخارجية عن طريق البالة، وعدم وجود رقابة على هذا الأمر حتى وقتنا الحالي.
ويطالب نائب رئيس شعبة الملابس الجاهزة بغرفة القاهرة التجارية، في ختام حديثه، بضرورة مراجعة الجمعيات الخيرية وأعداد العاملين بها، وأيضاً مصادر البضائع التي يستلمونها ويتم بيعها في الأسواق دون خضوعها للرقابة أو إصدار أي فواتير رسمية لها، وذلك من اختصاص ثلاث جهات (وزارة التموين - الجمارك - حماية المستهلك)؛ لأن هذا الأمر يسبب أزمات عديدة لتجار الملابس وأصحاب المحال التجارية في بيع الملابس الخاصة بهم، وخاصة في ظل فترة الأعياد.
غياب الإنتاج
وفي السياق، تؤكد مدير عام المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى، الدكتورة هدى الملاح، أنّ المشكلة الرئيسية التي تواجه قطاع الملابس في مصر، هي غياب الإنتاج المحلي بشكل كبير، والاعتماد فقط على الملابس المستوردة، في ظل زراعة القطن المصري بمعايير محددة خلال الفترة الماضية، وأيضاً صناعة المنسوجات التي تقوم على مدخلات كانت تستوردها مصر من الخارج، (السلع الوسيطة التي تدخل مكونات الإنتاج)، ولكن مع ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه المصري، أصبح من الصعب استيراد مكونات الإنتاج، وبالتالي انخفض معدل تصدير الملابس، وارتفعت التكلفة الإنتاجية للصناعة.
وتضيف الملاح لموقع "سكاي نيوز عربية": "تجارة الملابس (أونلاين) لم تؤثر بشكل كبير على مبيعات المحال التجارية، لأن الملابس التي يتم ترويجها عبر منصات التواصل الاجتماعي ليس متعارف على مصدرها أو نوع القماش الخاص بها، ومن الممكن أيضاً أن يُخدع المستهلك في المقاسات المعروضة، لذا يُفضل المواطنون التوجه إلى المحال التجارية، للاطلاع على بضائعهم بشكل مباشر قبل اقتنائها".
حلول مقترحة
أما عن الحلول التي يمكن تنفيذها لاستعادة مكانة سوق الملابس الجاهزة في مصر، تقول خبيرة دراسات الجدوى إنّه يمكن التواصل مع الدول المشتركة في منظمة التجارة العالمية، والعمل على تنشيط فكرة حرية التجارة التي توفرها المنظمة، وتعمل الدولة على إزالة كافة العقبات والقيود والضرائب الجمركية مع كل دولة والأخرى.
وتتابع: "يجب الحصول على المعلومات الخاصة بالدول المشاركة التي تعمل في مجال المنسوجات، وتنسيق العمل معها في المستقبل لتنشيط تجارة الملابس في مصر من جديد".
وتستطرد: "ثمة حلول أخرى يمكنها استعادة مكانة الملابس المصرية، وهي التواصل مع دول الكوميسا وكافة الاتفاقيات التجارية الأخرى، والحصول على معلومات عن مدى احتياجهم لمنتجات الملابس، ثم العمل على إنتاجها والتصدير لها، كما يمكن أيضاً استغلال غياب الصين عن تصدير الملابس في الآونة الأخيرة، بعد أن اتجهت للذكاء الاصطناعي، وتكون مصر بديلاً لها في عالم تجارة المنسوجات، من خلال الاعتماد على الدول الكبرى التي انسحب الصين من تصدير الملابس لها".
وفي ختام الحديث، توضح الملاح أنّه من أجل إدارة هذه المهمة التجارية بشكل ناجح، يجب توفير مكونات الإنتاج في المقام الأول؛ لأن هناك حالة عامة في مصر من ضعف الاستيراد وانخفاض قيمة الجنيه المصري، وارتفاع التضخم بسبب الأزمات العالمية الأخيرة، ومن المفترض تيسير إجراءات صناعة المنسوجات، لاستعادة مكانة مصر في هذا المجال مرة أخرى.