بسبب الصراع.. إلى أين يتجه التبادل التجاري بين مصر والسودان؟
12:51 - 22 أبريل 2023يواجه التبادل التجاري بين مصر والسودان، أزمة كبيرة، لا سيَّما بعد نشوب صراع مسلح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بالعاصمة الخرطوم، وما تبع ذلك من توقف معظم الأنشطة الاقتصادية بالبلاد.
وبحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، فقد سجّلت قيمة التجارة بين مصر والسودان ارتفاعًا بنسبة 18.2 بالمئة خلال عام 2022، لتبلغ 1.434 مليار دولار في مقابل 1.212 مليار دولار خلال عام 2021.
ويستحوذ السودان، على 13.2بالمئة من إجمالي قيمة التبادل التجاري بين مصر والقارة الإفريقية، حيث بلغت صادرات مصر للسودان نحو 929 مليون دولار خلال العام الماضي، بينما وصلت صادرات السودان لمصر في 2022، لنحو 504.5 مليون دولار.
تأثير متبادل
الدكتور كريم العمدة أستاذ الاقتصاد الدولي، تحدث في تصريحات خاصة مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" عن حجم التبادل التجاري بين مصر والسودان، وأهم القطاعات النشطة بين البلدين، وتأثير الصراع الدائر على محفظة تعاملات الدولتين قائلاً: -
- بحكم الجوار والعلاقات التاريخية، يعتبر السودان واحداً من أهم الدول في التعاملات التجارية مع مصر، وتأثير الأزمات يمتد لكليهما.
- إجمالي التبادل التجاري بين البلدين ارتفع لقرابة مليار ونصف دولار في العام الماضي 2022، بعدما سجّل نحو 900 مليار دولار في العام 2021.
- مصر تُصدّر للسودان: مواد البناء والتشييد بمختلف أشكالها (أسمنت- حديد- سيراميك)، أجهزة كهربائية، كيماويات، دهانات، والأغذية المُصنعة.
- اللحوم تُشكِّل الهيكل الأساسي لواردات مصر من السودان، إضافة إلى بعض المنتجات الزراعية والمواد الزيتية.
- السودان ومصر يشتركا في عدد كبير من المشروعات، على غرار القاهرة كيب تاون، والربط الكهربائي بمقدار 300 ميجا تقريباً، ووجود معبرين حدوديين للتبادل التجاري (قسطل – أرقين).
- كذلك تشترك مصر والسودان في شركة وادي النيل للنقل النهري، إضافة إلى وجود تصور للربط السككي بين البلدين، وإنشاء خط سكة حديد من أسوان إلى الخرطوم.
- حجم اقتصاد السودان يناهز 35 مليار دولار، وهو مستوى متواضع بالنسبة للإمكانيات التي تتمتع بها الدولة، إضافة إلى أن حجم الديون ارتفع إلى 55 مليار دولار، ما يشكل قرابة 150 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي.
- السودان يعاني من تباطؤ النمو الاقتصادي بشكل ملحوظ في السنوات الخمس الأخيرة، وانعكس ذلك في انكماش الناتج المحلي من مستوى 60 مليار دولار لـ 35 مليار دولار حالياً.
التبادل التجاري يتقلص
يذهب العمدة إلى أنّ حجم التبادل التجاري سوف يشهد تراجعاً إذا ما استمرت المعارك على ذات الوتيرة التي نشهدها اليوم، ويوضح:
- الدولتان ستتأثران بشكل كبير على مستوى التعاملات الاقتصادية، خاصة في ظل أن السودان يستحوذ على 13 بالمئة من إجمالي التبادل التجاري لمصر مع القارة الإفريقية.
- الأزمة ستنعكس على أسعار السلع في مصر بشكل سلبي، خاصة المواد الخام التي يتم استيرادها من السودان، على غرار السمسم، والمنتجات الزيتية والصمغ، واللحوم بشكل أكبر.
- تعتبر مصر من أكثر الدول العربية والإفريقية تضررا من الصراع الدائر في السودان، سواء على المستوى الاقتصادي أو الأمني وكذلك السياسي.
- هناك ثلاث أطر مؤسسية اقتصادية تربط بين مصر والسودان، وهم: منطقة التجارة الحرة العربية، ومنطقة التجارة الحرة للقارة الإفريقية، وكذلك اتفاقية الكوميسا.
أمد الصراع يُحدد
على الجانب الأخر، يرى الخبير الاقتصادي السوداني، الدكتور وائل فهمي بدوي، أنّ حجم التبادل التجاري بين مصر والسودان لن يتأثر كثيراً حال انتهى الصراع القائم حالياً بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في وقت قريب، وسيتحدد وفقا لأمد هذا الصراع.
وأضاف الخبير الاقتصادي في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أنه عقب انتهاء النزاع القائم، سيكون ثمّة حاجة لزيادة حجم التعاون مع مصر، لا سيّما في ظل حالة "الشلل" التي يعاني منها النشاط الاقتصاد السوداني حالياً، وتوقف معظم الأنشطة، مشيراً إلى أنّ القاهرة تعتبر رقم واحد للخرطوم في مسار التبادل والتعاون التجاري.
وعن المشروعات المشتركة التي يجري تنفيذها بين البلدين على غرار مشروع (القاهرة-كيب تاون) الذي يمر بالخرطوم ويصل طوله لأكثر من 10 آلاف كيلو متر، وكذلك اعتزام الربط السككي بين البلدين، نوّه الدكتور وائل فهمي بدوي، بأن العمل بهذه المشروعات سيستمر بشكل طبيعي، نظرا للحاجة الماسة لها، ووجود أعداد كبير من الجالية السودانية بمصر تقدر بالملايين، إضافة لوجود عدد من الطلبة والمقيمين المصريين بالسودان.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أنّه مع حجم التجارة المتزايد بين القاهرة والخرطوم، تزداد الحاجة للطرق البرية، وخطوط ربط السكك الحديد، وذلك لتجاوز الأزمتين الاقتصاديتين اللتين تعصفا بكلا البلدين.
واختتم بالإشارة إلى أنّ تنفيذ المشروعات المشتركة سيستمر، بغض النظر عن الحكومة التي ستتولى إدارة السودان، مشددا على أنّ مصر والسودان تجمعهما علاقة "استثناء" على مدار التاريخ، والشعبين يرتبطا ببعضهما البعض بشكل كبير، بعيداً عن الحكومات المسؤولة.
علاقات متعددة الروافد
"العلاقات المصرية السودانية، هي علاقة متعددة الروافد، وبها جوانب عدة، أمنية وعسكرية وسياسية واقتصادية، وما يتعلق بالصحة والتعليم"، هكذا تحدث السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الإفريقية، في تصريحاته مع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، مشدداً على أن الصراع الحالي هو صراع مؤقت، وسينتهي بانطلاق حوار سياسي بين الطرفين المتنازعين.
وحذر السفير صلاح حليمة، من استمرار الاقتتال، مشيراً إلى أنه قد يؤدي لتقسيم السودان لمناطق نفوذ، ويُخلّف ملايين اللاجئين والمشردين، وما يتبع ذلك من التأثير على النشاط الاقتصادي، وتعاملات السودان التجارية مع مصر ودول الجوار، منوهاً بأن الضرر سيقع على جميع المجالات وليس المجال التجاري أو الاستثماري.
واختتم نائب رئيس المجلس المصري للشئون الإفريقية بالتأكيد على ضرورة تنفيذ الاتفاق الإطاري ودمج قوات الدعم السريع، سواء على المستوى العسكري، أو الحياة المدنية، في أسرع وقت، وإقحام المزيد من الأحزاب السياسية في حوار سياسي يجمع كافة القوى السودانية، للوصول لاتفاق يُنهي الصراع القائم، ويعيد وحدة السودان.