مصر.. كيف تؤثر "لحوم تشاد" على الأسعار المحلية؟
23:15 - 15 مارس 2023شهدت أسعار اللحوم في مصر ارتفاعات واسعة خلال الفترة الماضية، عززتها مجموعة من العوامل المتزامنة، ضمن تداعيات ارتفاع الأسعار عالمياً على وقع التطورات الجيوسياسية التي ألقت بظلالها على مختلف الأسواق منذ بدء الحرب في أوكرانيا في الرابع والعشرين من شهر فبراير من العام الماضي.
وتتفاقم أزمة أسعار اللحوم في مصر مع قرب حلول شهر رمضان المعظم، الذي عادة ما ترتفع فيه معدلات الطلب والاستهلاك بالنسبة للسلع الأساسية، ومن بينها اللحوم الحمراء، فيما تعمل الحكومة المصرية على ضبط الأسواق وتحقيق التوازن في الأسعار.
وفي هذا السياق، ينتظر المصريون طرح اللحوم الواردة من دولة "تشاد" التي استقبلت مصر الدفعة الأولى منها، الثلاثاء، بالتعاون بين وزارة الدولة للإنتاج والتحول الزراعي في دولة تشاد، وحزب حماة الوطن.
- يُعول على تلك الشحنات في سد الفجوة الغذائية المتعلقة بإنتاج اللحوم الحمراء
- كما يُعول عليها أيضاً في السيطرة على ارتفاع أسعار اللحوم البلدي في الأسواق حالياً
- يُستهدف استيراد 660 طناً شهرياً من تلك اللحوم، طبقاً للأمين العام لحزب حماة الوطن والوكيل الأول للجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشيوخ، اللواء طارق نصير
ثبات الأسعار على أقل تقدير
ومع التداعيات الاقتصادية للتطورات الجيوسياسية والحرب في أوكرانيا، أسهمت عدة عوامل متزامنة في ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بالسوق المصرية، حددها رئيس شعبة القصابين بغرفة القاهرة التجارية، محمد وهبة، في ارتفاع الأسعار العالمية، ولا سيما ارتفاع أسعار الأعلاف، الأمر الذي أثر بدوره على أسعار السلع الأساسية.
وفي تصريحات خاصة لـ "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، يشير وهبة إلى أن اللحوم الواردة من دولة تشاد، من المتوقع أن تسهم في التأثير على الأسعار، لجهة "استقرار الأسعار" على أقل تقدير في المرحلة المقبلة.
ويوضح أن سعر كيلو اللحوم الحمراء الآن يُباع في الأسواق المصرية بدءاً من 200 جنيه (6.5 دولارات أميركية تقريباً)، ومع زيادة الطلب خلال شهر رمضان يمكن للحوم الواردة من تشاد أن تساعد على استقرار الأسعار وثباتها.
وتشير إحصاءات سابقة للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إلى تراجع استهلاك المصريين للحوم بنسبة 93.9 بالمئة خلال 2022، نتيجة تبعات الحرب في أوكرانيا.
من 180 إلى 200 جنيه للكيلو الواحد
نائب رئيس شعبة القصابين بالغرفة التجارية في القاهرة، هيثم عبد الباسط، يقول في تصريحات خاصة لـ "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن اللحوم التشادية إن لم تسهم في خفض الأسعار بالسوق المحلية في مصر، فإنها يُمكن أن تسهم في خلق نوع من التوازن بالأسعار.
ويعتقد بأن الأسعار يُمكن أن تتراوح في نفس حدود أسعار اللحوم السودانية، بدءاً من 180 جنيهاً (5.8 دولارات تقريباً) وحتى 200 جنيه، مردفاً: "أعتقد بأنه سوف يتم طرحها للمواطنين بالمنافذ والأسواق بأسعار مخفضة".
ويشدد عبدالباسط في الوقت نفسه على أن "الأسعار خاضعة للأسعار الخارجية، ومرتبطة بسعر الدولار واليورو، ولاسيما في ظل استيراد مصر معظم حاجتها من الخارج، بما في ذلك علف الحيوان.. وبالتالي لا يمكن الحديث عن أن التاجر المصري هو سبب زيادة الأسعار التي هي مرتبطة بسعر المُنتج المورد من الخارج".
وطبقاً لأحدث البيانات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإنه خلال الأشهر الـ 11 الأولى من العام 2022 ارتفعت قيمة واردات مصر من اللحوم، مسجلة مليارا و429 مليون دولار، مقارنة بمليار و244 مليون دولار في نفس الفترة من 2021 (بزيادة 185 مليون دولار).
ويضيء نائب رئيس الشعبة على واحدة من الأزمات التي تعاني منها الثروة الحيوانية في مصر، والمرتبطة بتغير منظومة الغذاء بالنسبة للحيوان، والاعتماد على العلف المستورد، وبما يرفع التكلفة ويسهم في هروب المربين البسطاء الصغار من تربية اللحوم البلدية.
وكانت تقارير محلية قد نقلت عن مصادر بهيئة الخدمات البيطرية، ترجيحاتها أن تصبح السوق التشادية من أكبر موردي اللحوم المبردة للسوق المصرية، في ضوء مساعي الحكومة المصرية لتنويع مصادر الحصول على البروتين الحيواني المستورد.
ويُتوقع أن تصل واردات مصر من اللحوم التشادية إلى 2000 طن شهريا خلال 2025. في وقت تستعد وزارتا الزراعة والتموين لطرح 10 آلاف طن لحوم مستوردة من تشاد في المنافذ.
مساعٍ لتحقيق التوازن بالأسعار
من جانبه، يشير الخبير الاقتصادي الدكتور السيد خضر، في تصريحات خاصة لـ "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إلى أنه بينما يهل شهر رمضان بُعيد أيام قليلة، فإن معدلات الاستهلاك عادة ما تكون مرتفعة، ولاسيما بالنسبة لسلع مثل اللحوم والدواجن والأسماك، وبالتالي لابد أن تكون هناك وفرة كبيرة في الأسواق؛ خاصة أن الفترة الأخيرة شهدت ارتفاعاً كبيراً في أسعار تلك السلع الأساسية، ومن ثم تسعى الدولة جاهدة لتحقيق التوازن في الأسعار.
ويتابع: "استيراد اللحوم من تشاد، ومن استثمارات مصرية هناك، يمثل خطوة مهمة لسد الفجوة الغذائية فيما يتعلق باللحوم في ضوء ارتفاع الأسعار في الفترة الأخيرة".
ويعتقد خضر بأن أسعار اللحوم تبعاً لذلك سوف تنخفض بشكل تدريجي، ربما يصل الكيلو إلى 145 جنيهاً كما يُتداول، وهو ما يساعد على خلق رواج في الأسعار، ولاسيما أن الدولة سوف تعمل على زيادة حجم المنافذ لتصل إلى كل مكان؛ لمحاربة الغلاء. كما ستكون هناك منافسة قوية تساعد على خفض الأسعار.