معدل التضخم يربك الأسواق في مصر قبيل شهر رمضان
16:41 - 11 مارس 2023يأتي شهر رمضان هذا العام على الشعب المصري في ظروفٍ استثنائيّة؛ إذ يعاني الناس من ارتفاعٍ في الأسعار، ومعدّلات تضخم غير مسبوقة في المدن سجّلت نحو 31.9 بالمئة، وهو أعلى معدّل خلال خمس سنوات، ما يربك حسابات المواطنين، ويصعب من مهمة الحكومة في عملية ضبط الأسواق قبل شهر رمضان.
هذه الظروف الاستثنائية تنعكس على مظاهر احتفالات المصريين واستقبالهم للشهر الذي ينتظرونه من عام للآخر، حيث يواجهون ارتفاعًا في الأسعار ليس فقط المأكولات الخاصة بالشهر مثل "الياميش"، وهو بعض الفواكه المجففة، بجانب أدوات الزينة والفوانيس، ولكن في السلع الغذائية أيضًا؛ لذلك يتجّه أغلب المصريون لاستبدال هذه المظاهر بالسلع الأساسية.
ويأتي ارتفاع التضخم في أعقاب سلسلة من قرارات خفض قيمة العملة المصرية بدأت في مارس 2022، وسط شحّ في العملة الأجنبية منذ فترة طويلة.
ورغم أنّ شهر رمضان في مصر يرتبط بحالة الرواج والانتعاش التي تشهدها الأسواق، عبر حرص المصريين على شراء فوانيس رمضان، والألعاب للأطفال، للتعبير عن فرحتهم بقدوم هذا الشهر إلا أن تراجع القوّة الشرائية للشعب المصري في الآونة الأخيرة، أظهر ضعف الإقبال على هذه المظاهر.
وبحسب متخصصين بالغرف التجارية، فإنّ سوق الياميش والفوانيس تضرر كثيراً، وانخفضت المبيعات بشكلٍ جذري، مُرجعين ذلك إلى عاملين: الأول، ضعف القوّة الشرائية، ارتفاع الأسعار.
أوضاع صعبة
يعلّق مجدي توفيق، نائب رئيس شعبة العطارة بالغرفة التجارية في القاهرة، بالقول إنّ "الإفراجات الجمركية التي حدثت في يناير الماضي لم تساهم في خفض الأسعار"، في إشارة منه إلى استمرار الأزمة.
ويشدد في تصريحات خاصّة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أنّ التُجّار يحمّلون المستهلك كافة التكاليف منذ وصولها إلى الميناء حتى وصولها للأسواق، مُضافة عليها قيمة "الأرضية" التي يتم حجزها للسلع حتى الإفراج عنها؛ وهو ما يساهم في ارتفاع الأسعار.
وتوقّعت شبكة "بلومبرغ" الأميركية في تقرير لها أن يكون شهر رمضان المقبل هو الأصعب على المصريين منذ سنواتٍ عديدة؛ فقد تشهد أسعار المواد الغذائية ارتفاعًا كبيرًا، خاصة بعد ارتفاع في أسعار الوقود، وزيادة الطلب على الغذاء.
وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فبراير الماضي؛ أن أسعار المواد الغذائية والمشروبات، وهي أكبر عنصر موجود بقائمة التضخم، قفزت بنسبة 48 بالمئة في يناير 2023، وارتفع مؤشر أسعار المستهلك الرئيسي بنسبة 25.8 بالمئة على أساس سنوي، بزيادة قدرها 21.3 بالمئة عن الشهر السابق.
مطرقة الدولار وسندان الأسعار
يضيف نائب شعبة العطارة بالغرفة التجارية بالقاهرة: "من يرغب بشراء الياميش أو الفوانيس سيفكّر ألف مرّة قبل اتخاذ قراره، وسيقرر في نهاية الأمر استبدالهم بالمواد الغذائية الأساسية"، متوقّعاً "تراجع الطلب على ياميش رمضان نظراً لزيادة الأسعار والحالة الاقتصادية للمواطنين بعد انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار مؤخّراً".
وأوضح أن أسعار الياميش ارتفعت بنسبة 30 لـ40 بالمئة عن رمضان الماضي، وهو ما سيدفع الناس بكل تأكيد، وفقاً لتعبيره، في التراجع عن شراء هذه السلع باعتبارها رفاهيات، خاصّة مع استيراد نسبة 70 لـ80 بالمئة من هذه السلع.
واستشهد بارتفاع بعض أسعار المنتجات بنسبة 80 بالمئة مثل الفستق؛ إذ وصل سعره ما بين 400 أو 800 جنيه للكيلو، والكاجو وغيره من المنتجات؛ نظراً لأن الغالبية منها مستورد.
وأشار إلى أنّ الأسعار التي ستشهد زيادات خلال العام الجاري:
- البلح بين 12 – 15 جنيهًا للأنواع الشعبية بدلًا من 6 لـ10 جنيهات في العام الماضي
- الأنواع الفاخرة من البلح تعدت الـ40 جنيهاً بدلاً من 30 برمضان 2022
- الزبيب المصري وصل سعره لـ85 جنيهاً بدلاً من 78
- الزبيب الإيراني وصل لـ100 بدلاً من 90 برمضان الماضي
ويستطرد: "أسعار ياميش رمضان في الوقت الحالي، تصف في المنتصف بين مطرقة الدولار، وسندان الأسعار العالمية، وكذلك المصريون".
وختم بأن "سوق سلع رمضان العام الجاري سيشهد ركوداً في السلع المطروحة على المستهلكين إضافة لتراجع الإقبال".
الفوانيس.. زينة الشهر
ومن جهة أخرى، قال بركات صفا نائب رئيس شعبة الأدوات المكتبية ولعب الأطفال والخردوات بغرفة القاهرة التجارية إن أسعار الفوانيس زادت ما بين 50 لـ 60 بالمئة.
وأوضح صفا في تصريحات خاصّة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن هذه الزيادة ليست كبيرة نظرًا لأنّ:
- العام الماضي بنفس التوقيت كان سعر الدولار بـ15 جنيه لكنّه اليوم تخطى حاجز الثلاثين جنيّهاً
- كان من المفترض أن تكون الزيادة 100 بالمئة
- الإنتاج المحلّي ساهم في عدم رفع كُلفة الأسعار 100 بالمئة فكانت الزيادة بين 50 لـ 60 بالمئة فقط
ويوضّح أنّ "العام الماضي تم إنتاج نحو 5 ملايين فانوس؛ لكن العام الجاري أُنتج نحو 2 مليون فانوس فقط، واصفاً إياها بـ"القليل جدًا"، مُرجعاً ذلك لـ"انتشار التوقّعات الاقتصادية بتراجع القوّة الشرائية للرفاهيات مقابل السلع الأساسية من قِبَل المستهلك المصري".
وعن تلك الأزمة؛ يقول إنّ هناك مشاكل في مستلزمات الإنتاج، بسبب الاعتمادات المستندية الجمركية، التي ساهمت في تعطيل الإنتاج، مستشهداً بجهاز صغير داخل الفانوس يجعله يضيء ويُصدر أصواتاً، كان هناك مشكلة في استيراده.
ويختم صفا بقوله: "ثقافة المستهلك المصري شراء الرفاهيات والسلع في الأسبوع الأخير قبل بدء شهر رمضان"؛ لذلك فإنّ "الأمور في البيع والشراء حتى الآن ليست على أكمل وجه؛ لكنّها تسير في الاتجاه الجيّد".