مصر.. كيف تنعكس زيادة أسعار الوقود على معدلات التضخم؟
15:17 - 02 مارس 2023تنتظر الأسواق المصرية موجة جديدة من ارتفاع الأسعار في ضوء القرارات الصادرة أخيراً بزيادة أسعار المنتجات البترولية، وبما ينعكس على معدلات التضخم بالبلاد.
جاءت قرارات لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية المعنية بمتابعة وتنفيذ آليات تطبيق التسعير التلقائي للمنتجات البترولية بشكل ربع سنوي، كالتالي:
- تعديل الأسعار الحالية في ظل تذبذب أسعار خام برنت وسعر صرف الجنيه مقابل الدولار
- 8.75 جنيه للتر البنزين 80، و10.25 جنيه للتر البنزين 92، و 11.50 جنيه للتر البنزين 95
- سعر بيع طن المازوت لغير استخدامات الكهرباء والمخابز 6000 جنيه للطن
- تثبيت سعر بيع السولار عند 7.25 جنيه للتر
- تثبيت سعر المازوت المورد للكهرباء والصناعات الغذائية
- زيادة غاز تموين السيارت ليصبح 4.50 جنيه/ متر
وتعتبر مصر من أرخص الدول فيما يتعلق بأسعار الوقود، وهو ما كشفه تقرير صادر عن غلوبال بترول برايسيس، الشهر الماضي، إذ جاءت القاهرة في المرتبة السابعة، وذلك بمتوسط حوالي 0.351 دولار، بينما قدر متوسط السعر العالمي بنحو 1.30 دولار للتر.
وتأثرت مصر -كبقية دول العالم- بتبعات الحرب في أوكرانيا وانعكاساتها على ملف النفط والطاقة العالمي، والتذبذب الذي شهدته الأسعار.
وكانت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية، قد ثبتت أسعار البنزين في آخر اجتماعاتها العام الماضي.
وأعلن وزير البترول المصري طارق الملا، عن تأجيل زيادة أسعار المحروقات بنسبة 10 بالمئة؛ "مراعاة للبعد الاجتماعي" وبما يكلف الدولة دعماً إضافياً.
معدلات التضخم
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي الدكتور علي الإدريسي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن رفع أسعار الوقود في مصر يقود إلى تحريك معدلات التضخم الشهري والسنوي في المرحلة المقبلة، وهو الاتجاه الذي تدفع إليه عديد من العوامل الأخرى ذات الصلة، في ضوء عدم توافر أي مؤشرات تقول إن ثمة استقرار أو انخفاض في معدل التضخم.
ويشير إلى أن من بين العوامل أيضاً التي تدعم ذلك هو قرب حلول شهر رمضان، وهو من المواسم التي تشهد زيادة معتادة في معدلات التضخم في ظل زيادة فاتورة الاستيراد والطلب على السلع وارتفاع المعدلات الاستهلاكية.
- تشير أحدث بيانات البنك المركزي المصري، إلى ارتفاع معدل التضخم الأساسي إلى 31.24 بالمئة على أساس سنوي خلال الشهر الأول من العام الجاري، مقارنة بنسبة 24.4 بالمئة في الشهر الأخير من 2022
- طبقاً لأحدث بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن مؤشر أسعار المستهلكين السنوي في مصر سجل 25.8 بالمئة في يناير، ارتفاعاً من 21.3 بالمئة في ديسمبر
- بيانات الجهاز تشير إلى ارتفاع أسعار المستهلكين "على أساس شهري" 4.7 بالمئة في يناير مقابل 2.1 بالمئة في ديسمبر
زيادة كبيرة نسبياً
ويلفت الإدريسي إلى أن الزيادة الأخيرة بأسعار البنزين هي زيادة "كبيرة نسبياً" تخطت الـ 10 بالمئة، موضحاً أنه الزيادة جاءت بعد إقرار لجنة التسعير التلقائي تثبيت الأسعار في آخر اجتماعاتها بالعام الماضي، ومن ثم جاءت زيادة أعلى "كتعويض عن التثبيت السابق"، وهي السياسة التي يُتوقع اتباعها أيضاً من لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي بخصوص سعر الفائدة، والتي قد تتوجه لرفعها بمعدلات أعلى بعد تثبيت السعر في الاجتماع الأخير، وهو ما يعتقد بكونه "يتسبب في صدمة مفاجئة للأسواق".
ومن المقرر أن تجتمع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، نهاية الشهر الجاري؛ لمناقشة سعر الفائدة، وهو ثاني اجتماع للجنة في العام الجاري.
ويتوقع الخبير الاقتصادي المصري، اتجاه البنك المركزي في هذا الاجتماع المرتقب إلى رفع سعر الفائدة بنسبة 1 بالمئة، مشدداً على أنه "من الوارد زيادة النسبة حال انفلتت معدلات التضخم". كما يتوقع كذلك إصدار شهادات ادخار جديدة بنسب تزيد عن الـ 20 بالمئة لجمع السيولة من السوق، ضمن محاولات كبح جماح التضخم.
مصر من أرخص الدول في أسعار الوقود
وفي السياق، فإن تقريراً نشره، الخميس، المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أعده الباحث الدكتور أحمد سلطان، سلط الضوء على أنه:
- في بداية 2022، احتلت مصر المركز رقم 14 على مستوى العالم ضمن قائمة الدول الأرخص في أسعار الوقود
- في منتصف فبراير 2023، كشفت غلوبال بترول برايسيس عن الدول الأرخص في أسعار البنزين على مستوى العالم، حيث جاءت مصر في المركز السابع (بمتوسط سعر لتر بنزين بلغ حوالي 0.351 دولار)
- نجحت الدولة المصرية خلال 2022 في الوفاء باحتياجات السوق المحلية وقطاعات الدولة المختلفة من المشتقات والمنتجات البترولية والغاز الطبيعي
- شهدت السوق المحلية حالة من الاستقرار الكامل وتلبية احتياجاتها من إمدادات الوقود والمنتجات البترولية.
كما سلط سلطان الضوء في دراسته المنشورة اليوم والتي شارك نسخة منها مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، على التطورات الخطيرة التي شهدها ملف النفط والطاقة العالمي، وذلك منذ العام الماضي، موضحاً أن مصر كبقية دول العالم تأثرت بالارتفاعات غير المسبوقة والتي شهدتها أغلب الأسواق النفطية على مستوى العالم.
وتابع: وقد تحملت مصر عبئاً مالياً كبيراً بسبب ذلك، وهو ما يفسر قرار تحريك أسعار المنتجات البترولية بنسبة حوالي 10 بالمئة تجاوباً مع ارتفاع الأسعار العالمية وتقليل الفجوة بين الأسعار العالمية والمحلية للبترول ومشتقاته، مع تثبيت أسعار السولار لتفادي أي تأثيرات على بقية السلع.
حلول جذرية.. دعم الصناعة والزراعة
من جانبها، تشير خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أنه في ضوء عدد من العوامل وآخرها زيادة أسعار البنزين وقبلها تخفيض سعر العملة، فإن معدلات التضخم ستظل آخذة في الارتفاع خلال المرحلة المقبلة، مردفة: "في تقديري لن تستقر المعدلات لتأخذ منحنى هابطاً بعد ذلك إلا بتدخل قوي وجذري فيما يخص دعم الزراعة والصناعة".
وتشدد على أنه في وقت تقود فيه الارتفاعات بأسعار الطاقة إلى زيادات جديدة في أسعار السلع المختلفة، فإن المعارض التي توفر السلع للمواطنين بأسعار أقل من أسعار السوق مثل "أهلاً رمضان" وغيرها، لا تشكل حلاً حاسماً أو جذرياً للأزمة الداخلية؛ ذلك أن الأمر يتطلب حلاً من الجذور لجهة زيادة الثروة الزراعية والحيوانية والداجنة؛ لسد الاحتياجات الداخلية أولاً ثم التصدير.
وتعتقد الخبيرة الاقتصادية بأن "الحكومة المصرية لم يكن أمامها سوى ذلك الخيار المُر، الذي ربما هو أقل صعوبة من خيارات أخرى تشكل ضغطاً كبيراً على الموازنة العامة للدولة"، مشددة على أن العمل على تحقيق وفرة في الإنتاج الصناعي والزراعي وتأمين سلة الغذاء هو السبيل الأنسب للحد من تفاقم معدلات التضخم وارتفاع الأسعار.