هل يهدد "تشات جي بي تي" مستقبل كُتّاب السيناريو؟
21:19 - 16 فبراير 2023توغّل "تشات جي بي تي" في كل ما يتعلّق بالمهن الإبداعية، حتى بات يهدد قطاعاً عريضاً من كتاب الأغاني، والشعر، والقصص القصيرة، وحتى كُتّاب السيناريو.
صحيح أنّه ينتج نصوصاً قصيرة؛ إلا أنّه دق ناقوس الخطر حيال ما يمكن أن يفعله الروبوت في عالم الإبداع.
وبين مؤيّد ومعارض، استعر النقاش بين كُتّاب السيناريو، على المستوى العالمي، حول تأثير أداة الذكاء الاصطناعي الوليدة على عملهم، وكيف يمكن تجنُّب خسارة أعمالهم بسبب هذه الأداة التي لم يتضح معالمها بعد، وأشعلت الحروب التقنية بين عمالقة شركات التكنولوجيا.
يوضّح موقع هوليود ريبورتر: "يشكك كبار كُتّاب السينما والتلفزيون في قدرة التكنولوجيا - بوضعها الحالي - على تهديد سبل عيشهم؛ لكنّهم يحذرون من تطوّرها في المستقبل".
• في نوفمبر 2022 نجحت شركة "ديب مايند" في اختراع أداة ذكاء اصطناعي يمكنها المساعدة في كتابة سيناريوهات الأفلام والمسرحيات.
• الأداة حملت اسم "ديماترون" والتي تستطيع إنشاء أوصاف الشخصية الفنية وخلق حبكة درامية بالإضافة إلى نص الحوار، فضلاً عن تحديد مواصفات مواقع التصوير.
• على سبيل التجربة زوّد أحد الأشخاص الأداة الجديدة بفكرة فيلم ليتم إنتاج السيناريو بشكل منطقي، ولكنه مبتذل.
مخيف إلى حدٍ ما
كاتب السيناريو الأميركي، جون أوغست (كاتب سيناريو فيلم بيج فيش)، قال في بودكاست "سكريبت نوتس" الذي يناقش حركة كتابة السيناريو في العالم، إنّه "يجب التفكير في كيفية استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بطريقة تعمل على تطوير الفنّ وليس تقييده"، مؤكّداً أنّه "ليس منزعجاً من تداخل تشات جي بي تي في عمل كتابة السيناريو، فقد يقدّم أفكاراً عن الحبكة الدرامية، أو الشخصية، وربما اقتراح اسمها".
بينما يشير رئيس نقابة الكُتّاب الأميركية السابق، هوارد رودمان، إلى أنه قد يستخدم الروبوت لاقتراح فكرة لن تخطر بباله أبداً، لكنّ في الوقت ذاته يصف "التطوير المستقبلي لـ(تشات جي بي تي) بالمخيف إلى حدٍ ما".
ويلفت "هوليود ريبورتر" إلى أنَّه "حتى الآن لا توجد حماية لحقوق الطبع والنشر للنصوص الناتجة عن استخدام الذكاء الاصطناعي؛ لأنّ قانون الملكية الفكرية لا يعترف بملكية منشئي محتوى آليين".
• في 2018 حاول الرئيس التنفيذي لشركة Imagination Engines، ستيفن ثالر، إدراج نظام ذكاء اصطناعي كمنشئ عمل فنّي يُسمى "مَدخل حديث إلى الجنّة".
• سجّل ثالر نفسه مالكاً لحقوق النشر.
• رفض مكتب حقوق الطبع والنشر في الولايات المتحدّة تسجيله كحقوق ملكية فكرية.
• علل المكتب الرفض بأنّ "العمل الفنّي يفتقر إلى التأليف البشري المطلوب لتسجيله".
• وقال المكتب الأميركي: "لا نرغب في الخروج عن قرن من فقه حقوق الطبع والنشر".
الخيال البشري بلا حدود
تقول كاتينا مايكل أستاذة الذكاء الاصطناعي بجامعة ولاية أريزونا الأميركية، إنَّه "لا شيء يمكن أن يحلّ محلَّ الخيالِ البشريّ، لكنّ يجب الحذر من قدرات الذكاء الاصطناعي على تحسين القصص التي يكتبها كُتّاب السيناريو؛ بناءً على الأخبار والأحداث".
وتشير في تصريحات خاصّة لموقع "سكاي نيوز عربية" إلى أنَّ "الذكاء الاصطناعي قد يوفر مزيداً من التفاصيل الوصفية للحبكة الدرامية، أو الشخصية، ويمكنه إعادة دمج المعرفة المتاحة بالفعل بطرق جديدة".
وتصف قلق كُتّاب السيناريو بـ"المفهوم والمشروع"، وتضيف: "ليسوا في هذا القلق وحدهم، ولكنّ قد يشكل تدخل الذكاء الاصطناعي في أي مهنة تعتمد على الإبداع خطراً ملموساً" وفقاً لتعبيرها، مستطردة: "والتهديد ليس بسبب استبدال شخص لتفوق آخر عليه، ولكن بسبب استبعاد الإنسان وإحلال الآلة محلّه".
ستبعد البعض من كُتّاب السيناريو العالميين أنّ الـ"تشات جي بي تي" لا يمكنه أن يكتب النكات الساخرة أو المقولات الساخرة، لكن مايكل ترى عكس ذلك.
تفسّر الخبيرة بالذكاء الاصطناعي: "يمكن لتشات جي بي تي أنْ يُنشئ النكات، بالبحث فيما يمتلكه من بياناتٍ، يمكنه تقليدها أو دمجها معاً ووضعها في سياقٍ جديد؛ لكن لا يمكنه اختلاق الدعابة بشكل عفوي أو فطري".
دمج السيناريوهات الكلاسيكية
أليكسيس كيرك، كاتب السيناريو الأميركي والباحث بالذكاء الاصطناعي، يقول لموقع "سكاي نيوز عربية" إنَّ "الذكاء الاصطناعي قد يلعب دوراً آخر غير تهديد كُتّاب السيناريو، إذ يمكنه مثلاً أن يأخذ سيناريو منسي أو كلاسيكي على سبيل المثال (فيلم كازابلانكا، أو حرب النجوم: أمل جديد) ويعيد كتابته بإعداد جديد كامل ومجموعة من الشخصيات، ويمكن أن يفعل ذلك بشكل لا يمكننا من التعرّف عليه"، معتبراً أنّ ذلك هو أكبر مخاوفه "لأنّه سيكون المقياس لتوفير شركات الإنتاج لتكلفتهم".
ويوضّح أنّه "يجب الوضع في الاعتبار أيضاً أنّ نتائج الذكاء الاصطناعي يمكن إعادتها إلى الكُتّاب البشريين لتصحيح أي مشكلات في الكتابة".
ويضيف: "في غضون من 5 إلى 10 سنوات مقبلة، سنمتلك الأداة الاصطناعية التي تحوّل رواية جديدة لمسودة سيناريو تلقائياً، قد لا تكون فكرة جيدة، لكن ربما ستكون مسودة أوليّة صالحة للاستعمال؟".
ويردف: "خلال 15 عاماً؛ في غرفة كُتّاب التلفزيون يمكن تخفيض عدد الموظفين بنسبة 25 بالمئة عن طريق إضافة أداتين من الذكاء الاصطناعي".
وعن إمكانية إطلاق النكات الساخرة والمقولات الساخرة يسهب بالقول: "ومع ذلك، هناك عقبتان رئيسيتان للذكاء الاصطناعي وكتابة السيناريو، لا يعرف الذكاء الاصطناعي حتى الآن ما هو الإنسان، لذلك يعتمد كتاب السيناريو على نماذج لأنفسهم ومن حولهم لخلق تفاعلات واقعية".
ويعلل ذلك بقوله "محاكاة إطلاق النكات والتعامل كإنسان أمر صعب، وهو أحد التحديات طويلة المدى للذكاء الاصطناعي، وهناك مشكلة أخرى تتعلق بالسلوك البشري لكتابة السيناريو التي ربما لا يستطيع الذكاء الاصطناعي وهي تعقيد القصّة في السيناريو".
فقر المحتوى
بينما يرى الكاتب التقني الإسباني، جوسيب سانشيز، في تصريحات خاصّة لموقع "سكاي نيوز عربية" أنّ "واحدة من أكبر معضلات (تشات جي بي تي) القدرة على خلق الدعابة؛ إذ إنّها لا تزال بعيدة عن مجاراة الفروق الفردية والدقيقة والفهم الخاصّ بالسياق الذي تتطلبه الدعابة البشرية".
ويستكمل: "على الجانب الآخر؛ واحد من أكبر المخاوف في صناعة الترفيه هي إمكانية أن يحل الذكاء الاصطناعي محل الإبداع البشري في سرد القصص، لأن هناك قلقا من أن يصبح المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي متجانساً ومفتقراً للتنوّع في المحتوى".
اللوائح والقوانين
ويوضّح الأستاذ المساعد بعلوم الحاسب وهندسة البرمجيات بجامعة كولباي بولاية ماين الأميركية، ناصر المادي، أنّ "أدوات الذكاء الاصطناعي الحديث كـ(تشات جي بي تي) يمكنها إنتاج نصوص جيّدة في غضون ثوانٍ معدودة، لذلك قد يضطر العاملين على صناعة الترفيه لاستبدال كل قواهم العاملة بالذكاء الاصطناعي لخفض التكلفة".
ويشير في تصريحاتٍ خاصّة لموقع "سكاي نيوز عربية" إلى أنّ "مع تجنُّب تهديد أدوات الذكاء الاصطناعي لكُتّاب السيناريو، فإنّه يمكن أن يسهل عليهم المهمة لكتابته، عبر توفير طرق سريعة للبحث عن الأفكار واستكشافها".
لكنّ المادي يشير إلى أنّ "مشكلة (تشات جي بي تي) تكمن في اللوائح والقوانين التي يجب أن تحكم كيفية دمج الذكاء الاصطناعي في حياتنا"، وفقاً لتعبيره.
وعن إمكانية إطلاق النكات الساخرة يردف: "لقد رأيتُ بعض النكات المضحكة التي كتبها تشات جي بي تي؛ لكن السؤال الذي ليس لدي إجابة عنه هو كم من هذه النكات تأتي مباشرة من صفحة ويب نسختها أداة الذكاء الاصطناعي مباشرة؛ لذلك فالكوميديا تأتي من تجربة حقيقية، فتشات جي بي تي يتم تدريبه على المحتوى".