المغرب.. عشرون عاما على اعتماد "تيفيناغ" لكتابة الأمازيغية
17:32 - 12 فبراير 2023مرّت 20 سنة على اعتماد أبجدية "تيفيناغ" بشكل رسمي حرفا لكتابة اللغة الأمازيغية في المغرب، فيما يقف المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية على المنجزات التي تحققت للأمازيغية بعد إقرار هذا الحرف.
ويسعى النشطاء والفاعلون في مجال الأمازيغية، إلى تقييم هذه السنوات من استخدام حرف "تيفيناغ"، ومدى انتشاره وتأصيله بكل تجلياته، في المشهد المغربي، منذ أن اختير حرفا لكتابة الأمازيغية في المملكة، بعدما أنهى تحكيم مَلكي ما سمي حينئذ بـ"معركة الحرف".
المعهد ومَأسَسة نقوش تيفيناغ
وبالمناسبة نظم المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، بمقره بالرباط، لقاء للاحتفاء بالذكرى الـ20 للاعتراف الرسمي بتيفيناغ في الـ10 من فبراير 2003، تحت شعار "تيفيناغ من النقوش الصخرية إلى المأسَسة".
وقال مدير بحث بمركز التهيئة اللغوية التابع للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، خالد عنسار، إن "إدماج حرف تيفيناغ مرّ عبر مراحل متعددة، إذ أنه في البدء كان رهينا بمجالي التعليم والإعلام قبل أن ينتقل، بعد تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، إلى المأسسة وتعزيز إشعاع اللغة الأمازيغية".
وذكر عنسار، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "العديد من الإدارات أضحت تعتمد حرف تيفيناغ في صياغة الوثائق التي تصدرها، مما يشكل تغيرا مهما"، آملا أن "يُدمج في المستقبل حرف تيفيناغ على مستوى أوسع".
تيفيناغ الأنسب والأبسط للكتابة
وعمل الباحثون في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية منذ 2003، على إخضاع اللغة الأمازيغية وحرف الكتابة تيفيناغ، لعمليات تهيئة وتنميط وتقعيد استجابة لحاجات المجتمع والمؤسسات، وذلك في إطار نقلها من وضعية اللهجة أو اللهجات المتداولة شفوياً إلى مستوى اللغة المكتوبة والمُدرّسة.
وأوضح الباحث بمركز التهيئة اللغوية بالمعهد، أن "الباحثين في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، خاصة في مركز التهيئة اللغوية، قاموا في البداية بدراسة تقنية استطاعوا أن يبرزوا من خلالها أن حرف تيفيناع هو الأنسب والأبسط الذي يمكن استعماله لكتابة اللغة الأمازيغية، والذي لن يكلف كثيرا سواء على مستوى البنية الصوتية أو التركيبية أو المورفولوجية للغة الأمازيغية".
وتابع: "تم الاشتغال في البداية على استقصاء دقيق للمراجع، بغية الاطلاع على الأوجه المختلفة لخطوط تيفيناغ، وبعد ذلك تمت دراسة هذه الخطوط بناء على تحليل البنيات الفونولوجية والصرفية والتركيبية للأمازيغية".
وقال الباحث بالمعهد الأمازيغي: "عملنا على رسم الحرف تيفيناغ بارتباط مع مجموعة من المبادئ، من أهمها مبدأ التاريخانية بأن تتضمن حروف تاريخية وأصيلة تشهد على الانتماء إلى كتابة أمازيغية جد قديمة، ومبدأ البساطة التي تعني أن يكون الحرف بسيطا وغير مركب بدون علامات إضافية، ثم مبدأ الاقتصاد الذي يقصد به أن تكون الحروف مطابقة للفونيمات (أو الوحدات الصوتية) الأساسية للأمازيغية".
معارك لاختيار حرف تيفيناغ
وبالعودة إلى ما قبل 10 فبراير 2003، فإن "طريق اختيار تيفيناغ لم تكن سهلة، فعندما عرض الموضوع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، ظهرت ثلاثة اتجاهات، احتد النقاش بينها في إطار ما سمي حينها بمعركة الحرف"، يقول الباحث الجامعي المهتم بشؤون الحركة الأمازيغية، مصطفى عنترة.
وأوضح عنترة، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "الاتجاه الأول تبنى اعتماد الحرف اللاتيني، وكان أنصاره كُثر داخل الحركة الأمازيغية، لكونه حرفا عالميا على مستوى الانتشار، والاتجاه الثاني طالب باعتماد الحرف العربي لما يتوفر عليه هذا الحرف من خصوصيات ومميزات، ثم الاتجاه الثالث تشبّث بحرف تيفيناغ باعتباره حرفا أصليا وعريقا يرمز إلى الهوية الأمازيغية".
وتابع: غير أن "المجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية"، عرف نقاشا ساخنا بين دعاة الحرفين اللاتيني وتيفيناغ على وجه الخصوص، ذلك أن التصويت على الحرف الرسمي لكتابة اللغة الأمازيغية لم يحسم إلا في الدورة الثانية لصالح حرف تيفيناغ، عندما رفع عميد المعهد محمد شفيق آنذاك القرار إلى الملك محمد السدس للحسم فيه".
ولفت المتحدث نفسه، أن "مختلف القوى السياسية المُمَثلة في البرلمان باركت خيار تيفيناغ، باستثناء حزبين أبديا تحفظهما، ليتم الحسم النهائي من قبل الملك في الأبجدية الرسمية لكتابة اللغة الأمازيغية، كأحد القضايا الهامة التي طرحت على طاولة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في بداياته الأولى"، معتقدا أن "الدولة نجحت في الخروج من معركة الحرف بأقل الأضرار، منتصرة سياسيا وثقافيا وأمنيا".
له شرعية وطنية ودولية
ويرى الباحث في اللسانيات الأمازيغية، رشيد الغرناطي، أنه على مستوى الشرعية كحرف لكتابة الأمازيغية، فإن حرف تيفيناغ له شرعية وطنية ودولية، إذ تم اعتماده من طرف المنظمات الدولية من أبجديات كتابة اللغات الحية".
وتابع الغرناطي، في إفادته لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "حرف تيفيناغ قرار لا يخلق أي مشكل من الناحية اللّسانية ولا من الناحية الاجتماعية أو من الناحية السياسية، إضافة إلى امتلاكه لرمزية تاريخية باعتباره حرفا ينتمي لشمال إفريقيا، لكن القرار يستدعي قرارات أخرى لتواكب تطوير اللغة الأمازيغية ككل".
وشدد الباحث في اللسانيات الأمازيغية، أن "استعمال اللغة الأمازيغية باعتماد حرف تيفيناغ، يرتبط أساسا بتعميم تدريس اللغة الأمازيغية في المدارس العمومية في جميع أسلاكها"، مشيرا إلى أنه "حاليا لا يمكن إعطاء حكم لتقييم هذا الحرف، لأنه مادام لم يعمم في جمع الأسلاك التعليمة من الابتدائي حتى الثانوي، لا يمكن جمع مؤشرات تقييم هذه التجربة".