كيف تسد مصر فجوة بقيمة 30 مليار دولار خلال 5 سنوات؟
17:36 - 10 فبراير 2023تحتاج مصر إلى استثمارات بقيمة 100 مليار دولار خلال الخمس سنوات المقبلة؛ لسد الفجوة الدولارية البالغة 30 مليار دولار، طبقاً للتقديرات التي كشف عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي، الخميس، خلال افتتاحه توسعات مدينة صناعية تابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية.
والمقصود بالفجوة الدولارية، هو الفارق بين الموارد الدولارية التي تحصل عليها الدولة من المصادر المختلفة كل عام مثل التصدير أو السياحة أو الاستثمارات الأجنبية أو التحويلات الخارجية، والمبالغ الدولارية المطلوبة منها لسداد التزاماتها مثل الديون الخارجية أو الاستيراد.
وفي ظل المدفوعات الدولارية الكبيرة التي تحتاجها مصر سنويا، خاصة أنها تستورد أغلب احتياجاتها من السلع الأساسية مثل القمح والذرة والأعلاف والمواد البترولية، إلى جانب أقساط وفوائد الديون الخارجية المرتفعة، فإن نقص العملة الصعبة يمثل أزمة كبيرة للاقتصاد.
تحديات ضخمة
واتفقت مصر على قرض جديد مع صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، للمساهمة في سد الفجوة التمويلية، التي قدرها الصندوق بنحو 16 مليار دولار خلال 4 سنوات، هي مدة البرنامج المتفق عليه.
وتعرض الاقتصاد المصري لصدمات قوية نتيجة ارتفاع أسعار النفط والسلع الأولية عقب الحرب الروسية الأوكرانية، كما عانت البلاد من سحب المستثمرين الأجانب نحو 22 مليار دولار من استثماراتهم في أدوات الدين الحكومية بعد رفع أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية الأجنبية الكبرى.
وأدى شح العملة الصعبة إلى صعوبات في استيراد المواد الخام اللازمة للمصانع، وارتفاع الأسعار لمستويات غير مسبوقة منذ 5 سنوات، خاصة بعد خفض سعر العملة بنسبة كبيرة ثلاث مرات في أقل من عام، ليجري تداولها حاليا عند 30.5 جنيه.
وتعمل الحكومة المصرية على أكثر من اتجاه لسد الفجوة الدولارية التي يعاني منها الاقتصاد. من بين تلك الاتجاهات برنامج الطروحات الحكومية بالبورصة الذي أعلنت عنها الحكومة ويتضمن بيع حصص في 32 شركة لمستثمرين استراتيجيين أو في البورصة خلال عام.
ذلك بالإضافة لعدد من المبادرات الهادفة إلى تشجيع توطين الصناعات والحد من الاستيراد، وكذلك التسهيلات المقدمة لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وقال رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري، الدكتور فخري الفقي، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الاستثمارات الأجنبية ضرورية من أجل المساهمة في التنمية الاقتصادية، وفي نفس الوقت توفير العملة الصعبة لمصر.
وتشير أحدث البيانات الصادرة عن البنك المركزي المصري إلى تضاعف صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر خلال الربع الأول من العام المالي الجاري 2022-2023 ليسجل 3.3 مليار دولار، مقارنة بـ 1.7 مليار دولار بنفس الفترة من العام الماضي.
حلول محتملة
قالت خبيرة أسواق المال والاقتصاد، حنان رمسيس، في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن سد الفجوة الدولارية في مصر عادة ما يكون من خلال عددٍ من الأدوات الرئيسية المعروفة التي تُدر العملة الأجنبية للبلاد، وأهمها إيرادات كل من قناة السويس والقطاع السياحي، فضلاً عن تحويلات المصريين بالخارج، إضافة إلى الاستثمارات المباشرة، وغير المباشرة في أذون وسندات الخزانة.
وأكدت على أهمية الخطوات المرتبطة بـ"توطين الصناعة" والتي من شأنها المساهمة في سد الفجوة الدولارية بالبلاد، موضحة أنه "من الضروري تقديم مجموعة من التسهيلات والإعفاءات في هذا السياق، مع العمل على استقدام الاستثمارات لتوطين الصناعات المختلفة، بما يُدر عوائد كبيرة على الاقتصاد المصري، من بينها استيعاب معدلات البطالة، وزيادة جذب العملات الأجنبية (من خلال عمليات التصدير) وتقليل الاستيراد".
* أطلقت الحكومة المصرية، يناير الماضي، مبادرة لدعم القطاعات الإنتاجية (الصناعية والزراعية).
* تستهدف المبادرة الحكومية توفير 150 مليار جنيه، لتمويل مشروعات القطاعين.
* تقدم التمويلات بحد أقصى للشركة الواحدة 75 مليون جنيه، بفائدة ثابتة 11 بالمئة لمدة 5 سنوات، على أن تتحمل وزارة المالية الفرق في سعر الفائدة.
وأشارت رمسيس إلى "قطاع السياحة" باعتباره ضمن الأدوات الرئيسية لجذب العملة الأجنبية، وهو القطاع الذي تضرر كثيرا جراء التبعات الناجمة عن الحرب في أوكرانيا.
وأضافت: "التوسع في البرامج السياحية واستقدام السائحين من أسواق مختلفة يؤثر بشكل أساسي في خطوات الدولة لسد الفجوة الدولارية".
تشجيع الصناعة
وقال رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، الدكتور خالد الشافعي، في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن أحد عوامل الفجوة الدولارية ناتج عن اضطراب الميزان التجاري لجهة الفرق بين الواردات والصادرات، وبالتالي فإن سد تلك الفجوة يتطلب تنمية الموارد من خلال عددٍ من العوامل، في مقدمتها العمل على دعم الصناعات، لا سيما فيما يخص المنتجات التي لم تكن تُنتج في مصر من قبل وكان يتم استيرادها.
وأضاف: "من خلال توطين الصناعات يمكن تقليل فاتورة الواردات، سواء بالنسبة للمنتجات الصناعية، وكذلك الزراعية من خلال التوسع في بعض الزراعات، خاصة المحاصيل التي يتم استيرادها من الخارج".
* 35.2 مليار دولار حجم الصادرات المصرية الصناعية والسلعية غير البترولية في 2022 مقارنة بـ 32 مليار دولار في 2021 (بزيادة 12 بالمئة) وفق ما تُظهره تقارير الرقابة على الصادرات والواردات.
* 18.2 مليار دولار حجم الصادرات النفطية في مصر في 2022 مقابل 12.9 مليار دولار في 2021 (بنمو 41 بالمئة على أساس سنوي).
* 22.3 مليون طن حجم واردات مصر من 3 محاصيل استراتيجية في 2022 (طبقاً لتقرير الإدارة المركزية للحجر الزراعي التابع للحجر الزراعي).
* بلغت صادرات مصر الزراعية خلال العام 2022 لأول مرة في تاريخها ما يقرب من 6.5 مليون طن، بحوالي 3.3 مليار دولار وبزيادة حوالي 800 ألف طن عن العام الماضي.
ويوضح الخبير الاقتصادي المصري إلى أهمية تنمية عائدات الدولة الرئيسية من قناة السويس وقطاع السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة، مشيرا في الوقت نفسه إلى برنامج الطروحات الحكومية بالبورصة باعتباره أحد العوامل المساعدة على سد الفجوة الدولارية، لكنه ليس العامل الرئيسي.