هل يغير الزلزال الكبير من تقنيات البناء في الشرق الأوسط؟
00:17 - 09 فبراير 2023أثار الزلزال المُدمر الذي خلف ما يزيد عن 11 ألف قتيل في تركيا وسوريا، حديثا في عدد من دول الشرق الأوسط بشأن مراجعة تقنيات وأكواد البناء للمباني والمنشآت بما يتماشى مع الهزات الأرضية المتكررة وتجنبا لكوارث مستقبلية.
وتحولت آلاف البيوت والمباني في تركيا وسوريا إلى ركام من الأنقاض، بعد الزلزال القوي وما تبعه من هزات ارتدادية، فيما تواصل حصيلة الضحايا ارتفاعها ساعة تلو الآخرى.
وهذا الزلزال هو الأشد منذ عقود، فيما تقع المنطقة المتأثرة بالكارثة في نقطة تعرف بخط صدع الأناضول المعرض بشكل كبير للهزات الأرضية، في الوقت الذي أوضحت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، البناء المعتمد في هذه المناطق لا يراعي المخاطر الكبرى التي قد تنجم عن الزلازل.
في سوريا، يقول مسؤولو الدفاع المدني إن مناطق كاملة هدمت في توقيت متزامن جراء الزلزال، نتيجة ضعف الأبنية في تلك المناطق.
ما هي أكواد البناء.. وكيف يمكن تحديثها؟
- قررت السلطات المصرية تحديث ما يعرف ب"كود البناء" في البلاد، لتفادي الخسائر الهائلة حال وقوع زلزال قوي.
وقال رئيس مركز الإسكان والبناء في مصر، خالد الذهبي، في تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية، إن أكواد البناء هي قواعد علمية يتم وضعها في أعمال إنشاء كافة العقارات والمنشآت، يجعلها تتحمل الأحمال والتغيرات الطبيعية المختلفة، ويراعى في ذلك أعمال التأسيس والمواد المستخدمة فيها.
وعن أبرز ملامح هذا التحديث، أشار الذهبي إلى مراعاة الخريطة الزلزالية على مستوى المحافظات المصرية، والأماكن التي تكون عرضة لنشاط الزلازل، وتأثير مختلف العوامل الأخرى، وبالتالي تعميم هذا التحديث على الجهات الرسمية للالتزام به أثناء أعمال البناء والتشييد.
وأضاف: "خلال السنوات الأخيرة كثرت الزلازل ومن المحتمل أن تستمر في الزيادة وهذا من الأساسات التي سيتم إدخالها على الكود الجديد، والأمر ليس له علاقة فق بحجم الخرسانات الأرضية، أو تحديد أدوار معينة فحسب، بل قوة تحمل المبنى ذاته للهزات".
وبشكل عام، يعتقد المسؤول المصري أنه من الوارد لكافة بلدان منطقة الشرق الأوسط مراجعة تقنيات وأكواد البناء بها بعد الخسائر الهائلة التي تعرضت لها تركيا وروسيا وانهيار آلاف البنايات.
وبدأ العمل بالأكواد الراهنة للبناء في مصر منذ عام 2003، ثم جرى تحديثها مجددا في العام 2012، ثم مراجعتها حاليا، ومن المتوقع أن تصدر في صورتها الأخيرة بنهاية العام الجاري، بمشاركة عدد من المتخصصين والعلماء المصريين محليا ودولياً، حسبما قال الذهبي.
تجربة اليابان
من جانبه، يرى الخبير الأردني المتخصص في علوم الأرض والجيولوجيا، صخر النسور، في تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية، إنه من العبر والدروس التي يجب الاستفادة منها بعد هذا الزلزال الكبير والمدمر، إعادة النظر في قواعد البناء في المناطق النشطه زلزالياً لتخفيف حدة الخسائر.
ولفت "النسور"، إلى عدد من الإجراءات والأولويات منها:
- يجب أن يؤخذ في الحسبان أكواد البناء في هذه المناطق حتى نقلل من حدة الخسائر، وهذا أمر معروف في هندسة البناء من حيث تصميم الأساسات التي تكون على درجة من المرونة بحيث تكون مقاومة بطريقة أو أخرى للزلازل لكي تصمد في وجه الزلازل.
- التركيز بالدرجة الأولى على المنشآت الكبيرة والحيوية كالمستشفيات ومراكز الدفاع المدني والإسعاف والإنقاذ وبالتالي البدء بها كمنشآت رسمية وحكومية في معظم الدول التي من الممكن ان تتعرض في بعض المناطق منها إلى نشاط زلزالي، مثلما يحدث في اليابان.
- وتوجد في اليابان بعض أكثر المباني مرونة في العالم بقدر يجعلها تصمد في وجه الزلازل، ويعود ذلك لقدرتها على "التمايل" عندما تهتز الأرض من تحتها.
ويقول جِن ساتو، وهو مهندس إنشاءات وأستاذ مساعد في جامعة طوكيو، إنه حتى يتسنى للمبنى الصمود في وجه القوى الهائلة الناجمة عن الزلازل، يتعين عليه امتصاص أكبر قدرٍ ممكنٍ من الطاقة الزلزالية.
ويعتمد تقنيات البناء في اليابان على ما يسمى "العزل الزلزالي"، حيث يجري وضع الأعمال الإنشائية على حوامل أو أسطح تتحمل الصدمات أو تمتصها.