هل الشركات التركية جاهزة لإدارة مخاطر الزلازل بشكل مناسب؟
14:19 - 08 فبراير 2023دقّ كاتب اقتصادي تركي، الثلاثاء، ناقوس الخطر بشأن مدى جاهزية الشركات والمصانع ببلاده لإدارة مخاطر الزلازل بشكل مناسب، لا سيما في المناطق الأكثر عرضة للخطر، ومعظمها مناطق ذات أهمية اقتصادية يعني تضررها إلحاق الضرر بالاقتصاد، وذلك بعد الزلزال الذي ضرب 10 مدن جنوب شرق تركيا، الاثنين، وخلف حتى الآن ما يزيد عن 3549 ضحية في تركيا.
المستشار المالي والإداري التركي، الكاتب بصحيفة "العالم" الاقتصادية، الدكتور بيرتان كايا، طرح في مقال له مجموعة من الأسئلة، من بينها: هل الشركات التركية جاهزة لإدارة مخاطر الزلازل بشكل مناسب؟ وهل البنية التحتية الخاصة بتلك المصانع والشركات تتمتع بخطط بديلة في مواجهة الكوارث لاستمرارية الأعمال؟
وفيما دق ناقوس الخطر بقوله: "صناعتنا في خطر"، يشير الكاتب الاقتصادي المتخصص إلى أن "من بين المدن في تركيا التي قد تتعرض لخطر الزلازل، هناك مقاطعات مثل إزمير واسطنبول ومانيسا ودنيزلي وبورصا وصقاريا وكوغالي وغازي عنتاب وتيكيرداغ وأضنة وأنطاليا، وهي مناطق ذات نشاط صناعي أو خدمي مكثف، وتعد من المناطق التي تنتج الغالبية العظمى من الناتج القومي الإجمالي".
وعي الشركات بمخاطر الزلازل
ويستطرد: "من الأهمية بمكان بالنسبة لبلدنا أن يكون لدى شركاتنا الموجودة في هذه المناطق وعي بواقع الزلزال وخطط إدارة المخاطر".
في تقدير كاتب المقال، فإنه بينما يحذر الخبراء المختصون من تكرار الزلزال في مدن أخرى خلال السنوات المقبلة، فإن الخطر الكبير الذي تتعرض له تلك المدن (لا سيما اسطنبول وتيكيرداغ وكوغالي وغبزة وسكاريا ودوزجي والمناطق المحيطة بهم) في حالة وقوع زلزال مدمر محتمل، قد تؤدي إلى توقف عمليات الشركات هناك، إما بسبب الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية أو بشكل مباشر بالمصانع وأماكن العمل.
يمكن أن تكون هذه الانقطاعات طويلة الأجل، ليس فقط في اسطنبول، ولكن في جميع المناطق الأخرى المحفوفة بالمخاطر، وبالتالي تحتاج الشركات التركية إلى الاستعداد بشكل واضح لضمان استمرارية الأعمال.
الدروس المستفادة من زلزال 1999
يعلق الأكاديمي التركي، مظفر شينيل، في تصريح خاص لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" على ذلك بقوله: منذ العام 1999 (زلزال أزميد أو مرمرة الذي قتل حوالي 17 ألف شخص)، اتخذت جميع الشركات تقريباً تدابير مختلفة لمواجهة تحديات زلزال اسطنبول، ضمن الدروس المستفادة والمأخوذة من زلزال 1999.
لكنه في الوقت نفسه لا يستطيع تحديد ما إن كانت تلك الإجراءات كافية أم لا لمواجهة الزلازل ضمن إجراءات إدارة المخاطر المختلفة. لكنه يوضح أن جميع تلك الشركات تخضع للتغطية التأمينية، كما أنهم يحددون منطقة معينة للتجمع في الحالات الحرجة.
ويردف الأكاديمي التركي قائلاً: "اعتباراً من اليوم (كارثة الزلزال الحالية) نستطيع أن نقول أنه لا يوجد بلد لديه القدرة أو البنية التحتية لمواجهة تحديات مثل هذه الكوارث الهائلة".
ويشير في معرض حديثه مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن حوالي 25 بالمئة من الأراضي التركية تتأثر بالزلازال، وثلث السكان يتأثرون.
تدابير مُهمة لمواجهة التأثيرات المدمرة للزلازل
وبالعودة لمقال المستشار المالي والإداري التركي، الكاتب بصحيفة العالم الاقتصادية، فإنه يقول إن: الكوارث مثل الزلازل والحرائق والفيضانات والتي لها تأثير مدمر، يُنظر إليها على أنها من غير المحتمل أن تحدث أو تكون ممكنة على المدى الطويل جداً، ولهذا السبب عادة لا يمكن التصرف بسرعة عند وقوعها (..) أعتقد بأنه بالنسبة لعديد من الشركات في هذه المناطق، فإن المنشآت والمباني والأسطح والمنشآت البيئية قديمة وفي حالة يمكن أن تسبب مشاكل عند الزلازل الشديدة".
ويشير على سبيل المثال إلى أنه في بعض الأحيان يكون سقف المصنع ضعيف ولا يحمل الألواح الشمسية، وبالتالي "كيف نتوقع أن تتحمل تلك الهياكل ذات الأسطح الضعيفة الزلازل؟".
ويشدد على أنه عندما لا تتعلق المشكلة فقط باستمرارية الأعمال، ولكن أيضاً ترتبط بحياة الأشخاص، يصبح التأهب للزلازل ضرورة بالنسبة للشركات، موضحاً أن:
- الكارثة الأخيرة تكشف مدى أهمية إجراءات التأهب والاستعداد لمواجهة الزلازل على وجه السرعة
- الشركات تحتاج إلى اتخاذ نوعين من الإجراءات: إدارة المخاطر ضد الزلازل وإدارة الأزمات بعد الزلزال
- الخطوة الأولى التي يتعين اتباعها هي اتخاذ تدابير لتقليل تأثير المخاطر إذا تحققت
- من الضرورة بمكان الآن مراجعة جميع المرافق القائمة وإجراء التحسينات اللازمة على الفور مهما كانت التكلفة
ويشدد على أهمية تحديد جميع الخطوات التي يجب اتخاذها في حالة حدوث زلزال بطريقة لا تترك مجالًا للذعر، وبما يتضمن تحديد كيفية إدارة العمليات الخاصة بالشركة، والتواصل مع الموظفين والموردين، وغيرها من الإجراءات المختلفة.
يذكر أن زلزال تركيا وسوريا خلف دماراً مروعا، وأحدث خسائر فادحة، قُدرّت تكلفتها بالمليارات، لا سيما مع متطلبات إعادة إعمار البنية التحتية وتعويض الناجين، الأمر الذي يسفر عن أعباء ينوء كاهل معظم الحكومات على تحملها.
تفاوت في ترتيبات إدارة المخاطر
مدير مرصد قنديللي للزلازل في جامعة البوسفور التركية، ومدير معهد البحوث الزلزالية، مصطفى إرديك، يقول في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن المناطق المذكورة (مقاطعات مثل إزمير واسطنبول ومانيسا ودنيزلي وبورصا وصقاريا وكوغالي وغازي عنتاب وتيكيرداغ وأضنة وأنطاليا) هي مناطق حيوية تضم مرافق مهمة للصناعة والتوظيف والاقتصاد.
ويوضح أن "الشركات الكبيرة لديها وسائل إدارة المخاطر والخدمات، كما لديهم أيضاً اتصالات دولية، كما أنهم مؤمنون بالكامل على خسائر الزلزال، بينما على الجانب الآخر تفتقر الشركات المحلية الأصغر حجماً عموماً إلى خدمات إدارة المخاطر هذه".
ويشدد على أن الشركات العالمية الأكبر لديها ترتيبات للتعامل مع الخسائر المرتبطة بالكوارث، بينما لا تمتلك الشركات المحلية الأصغر حجماً مثل هذه الترتيبات بشكل عام.