رئيس المجلس الأطلسي يوضح نقاط نجاح وفشل العقوبات ضد روسيا
13:02 - 19 يناير 2023أضرار كبيرة طالت الجانب الروسي بسبب العقوبات التي أعلنها الغرب ضد موسكو، وذلك منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير من العام الماضي.
وبعكس ما يعلنه المسؤولون الروس، بأن العقوبات أضرت بالغرب بأكثر ما أضرت روسيا، يرى المدير التنفيذي للمجلس الأطلسي، فريديريك كامب، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يواجه عدداً من المشكلات الكبيرة التي كشفتها الحرب، أبرزها الأداء السيء للجيش الروسي، وتحطّم الروح المعنوية للجنود.
وقال كامب في لقاء مع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن البعض اعتقد بأن بوتين سيتمكن من تفكيك حلف شمال الأطلسي أو الناتو من خلال هذه الحرب، لكن عوضاً عن ذلك، انضمّت كلّ من النرويج والسويد إلى الحلف، وبالتالي، عزّز الناتو قدراته.
وحول العقوبات، أكد كامب أنّ الاقتصاد الروسي تخطّى الأزمة في عام 2022 بشكل أفضل بكثير من التوقعات، ولكن ذلك يعود في جزء منه إلى ارتفاع أسعار النفط.
لكنه أشار إلى تضرر الاقتصاد الروسي، "فحتّى مع ارتفاع أسعار النفط، أعلنت الحكومة الروسية خلال الأسبوع المنصرم أن لديها عجز يبلغ 147 مليار دولار، وهذا حين كانت أسعار النفط مرتفعة"، حسب قوله، مضيفا أن أسعار النفط ستنخفض خلال العام الجاري، وسيبدأ فرض العقوبات التقنية بشكل خاص ممّا سيمنع روسيا من الحصول على القطع التكنولوجية الضرورية لأسلحتها.
المتضرر.. روسيا أم أوروبا؟
يرى المدير التنفيذي للمجلس الأطلسي أنّ روسيا تضرّرت أكثر بكثير من أوروبا، موضحا تفاجئه من الشكل الفعال الذي تعاملت به الدول الأوروبية مع فصل الشتاء الحالي.
وأوضح كامب أن نمو الاقتصاد الصيني كان بطيئا جداً بسبب القيود المفروضة للحدّ من انتشار فيروس كورونا، ممّا سمح بتحويل الغاز الطبيعي المُسال من الصين إلى أوروبا، في خطوة عوضت نقص الغاز الروسي الكبير لدى القارة العجوز.
"أيضاً، تأهّبتْ أوروبا بسرعة للحدّ من استهلاكها للغاز أسرع بكثير من التوقّعات. وإذا نظرنا إلى مستويات تخزين الغاز في أوروبا، نلاحظ أن سعتها لا تزال 85 بالمئة، ويبدو فصل الشتاء هذا العام جيدا بالنسبة لأوروبا"، بحسب قول كامب.
ويرى كامب أن التحدي الأكبر للقارة العجوز سيكون في فصل الشتاء المقبل، لأنه سيوضح حجم التأقلم الأوروبي مع الشتاء في ظل غياب الغاز الروسي، وكيف تكيّفت روسيا مع الوضع.
ومن العوامل التي ستشكل تحديا إضافيا، هو قيام أوروبا بفرض سقف للأسعار على المنتجات الروسية منها الديزل والبنزين والمنتجات النفطية، والذي سيضاف إلى السقف الذي فُرض على سعر برميل النفط الروسي المنقول بحرًا العام الماضي.
سقف الأسعار.. ناجح أم فاشل؟
يرى المدير التنفيذي للمجلس الأطلسي أن خطوة فرض سقف على أسعار النفط الروسي كانت ناجحة في جزء منها، وفاشلة في جزء آخر، إذ نجح فرض سقفاً للأسعار كرمز للتضامن الغربي، قائلا إنه "من اللافت رؤية كيف تمكّنت الدول من التضامن لفرض مثل هذه الإجراءات".
ومن جانب آخر، لم تنجح هذه العقوبات لأن بوتين تمكّن من إيجاد أسواق بديلة وباع النفط لدول أخرى بأسعار أقلّ من السقف المفروض.
الغاز الأميركي وأوروبا.. أين المشكلة؟
يرى كامب وجود مشكلة لدى الجانب الأوروبي فيما يتعلق بعمليات استيراد الغاز الطبيعي المسال، إذ أشار إلى وجود دول كثيرة وكبيرة منتجة للغاز الطبيعي المُسال، مثل قطر والجزائر والولايات المتحدة وغيرها، كما توجد سوق لهذا الغاز وبإمكان الجميع الشراء منه.
إلا أن المشكلة تكمن في غياب العقود طويلة الأمد، "وحتى الآن، الشراة الأوروبيون غير مستعدين لتوقيع عقود لفترة ما بعد عام 2030"، بحسب قول كامب، بجانب وجود مشكلة مع الهيئات التنظيمية في الولايات المتحدة، إذ أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن صارمةً جداّ من حيث اللوائح التنظيمية المتعلقة بالعمليات التي قد يكون لها تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على المناخ.
وأوضح: "من الأفضل الانتقال إلى أسواق يتوفر فيها العديد من باعة الغاز الطبيعي المُسال بدلا من أن تكون الدول رهينة قطاع الطاقة الروسي".
الصين.. إلى أين؟
ارتكبت الصين في الآونة الأخيرة 4 أخطاء، بحسب قول كامب، كان الخطأ الأول منها هو سياسة "صفر كوفيد"، والتي طبقتها الحكومة الصينية المركزية، التي يمسك بزمامها الرئيس شي جين بينغ، نتيجة عدم قيام الصين بتوزيع اللقاحات التي كان من الممكن الحصول عليها مبكرا، ما عطل عملية خروج ثاني أكبر اقتصاد بالعالم من أزمة انتشار فيروس كورونا.
"الخطأ الثاني هو إلغاء سياسة "صفر كوفيد" بشكل سريع، ويمكن للمرء فهم ذلك بسبب مخاطر المتحورات الحالية التي يعتقد الصينيون أنها ليست خطيرة، ولكن، الكثير من الناس فقدوا حياتهم ولم ينبغ أن يحدث ذلك لو أنهم تلقوا لقاحات بطريقة جيدة"، بحسب كامب.
وكان الخطأ الثالث كما يرى المدير التنفيذي للمجلس الأطلسي هو التباطؤ الاقتصادي، فبجانب سياسة مكافحة كورونا، يرى كامب أن الحكومة الصينية كانت "تقمع شركات التكنولوجيا" بهدف السماح للحزب الحاكم بالسيطرة على الاقتصاد.
كما ارتكبت الصين خطأ آخر، وهو اتباعها دبلوماسية "الذئب المحارب"، حيث كانت الدبلوماسية الصينية صارمة للغاية، وخاصة في أوروبا.
ويرى كامب أنها أضرت بالصين خاصة في أوروبا، فالأخيرة كانت تتوجه إلى الصين بطريقة إيجابية، حين كان لدى الولايات المتحدة شكوك حقيقية ودخلت علاقتها مع الصين في توتر شديد، حسب تعبيره، إلا أن أوروبا والولايات المتحدة أصبحتا متقاربتان معا في الشك تجاه الصين ودورها في العالم.
من جهة أخرى، يرى كامب أن التقارب الصيني الخليجي يأتي في وقت تشتري فيه الولايات المتحدة النفط بكميات قليلة جدًا من المملكة العربية السعودية، في حين تستورد منه الصين الكثير.
وقال: "رأينا الرئيس الصيني يزور المملكة العربية السعودية ويلتقي بكل زعماء الخليج، إذ يريد الصينيون أن يشتروا النفط بعملتهم اليوان، ربما ليس غدا، وربما ليس العام المقبل، ولكن إذا لم تشتر الولايات المتحدة من الخليج معظم نفطه، والصين تشتري معظم نفطها من الخليج، فعاجلا أو آجلا، يمكن أن نرى نهاية علاقة البترول بالدولار".
وأوضح أن ذلك سيكون ضربة كبيرة جدا للدولار كعملة احتياطية للعالم، في خطوة قد "تغير التاريخ".