تونسيون يتحدون البرد ويحتفلون بـ"غطسة العام الجديد"
20:10 - 04 يناير 2023يبدأ كثير من التونسيين اليوم الأول من العام الجديد، بالاستلقاء والراحة بعد سهرة تمتد أحيانا حتى ساعات الفجر الأولى لاستقبال دخول السنة، لكن تلك العادة تغيرت في السنوات الأخيرة واختفت تماما في بعض المناطق.
ويحرص بعض التونسيين في المناطق الساحلية على تقليد فريد أطلقوا عليه اسم "غطسة رأس العام" أو "العومة (السباحة) الكبيرة" وذلك لاستقبال العام الجديد.
ومع حلول الساعات الأولى للعام الجديد، تشهد المحافظات التونسية الساحلية على غرار نابل وبنزرت الواقعتين شمال شرقي وشمال تونس، أو المهدية وسوسة والمنستير (وسط) وغيرها من المحافظات، ظاهرة طريفة.
وتحولت الظاهرة بمرور الأعوام إلى عادة سنوية، يهرع خلالها السكان بتلك الوجهات السياحية المعروفة بشواطئها الجميلة نحو البحر لقضاء ساعات من السباحة في ذروة الشتاء وفي مناخ بارد جدا.
وتستقطب تظاهرة "غطسة رأس العام" سنويا المئات من التونسيين، على اختلاف فئاتهم العمرية والذين يرافقهم أحيانا عدد من السياح الأجانب، قبل أن يرتمي الجميع أمام الأمواج العاتية، ثم يرتدون ملابس خاصة خوفا من الإصابة بنزلات البرد عند الخروج إلى الشاطئ.
فوائد صحية ونفسية للسباحة في الشتاء
شهد شاطئ "الصقالة" بمحافظة نابل، وهو من الشواطئ التي تكون عادة قبلة لهواة السباحة في فصل الشتاء، والمولعين بالأنشطة الرياضية البحرية، خلال اليوم الأول من العام 2023، توافد أعداد كبيرة من الشباب والرجال والنساء والأطفال.
وتزايدت أعداد من يقيمون هذا الطقس مقارنة بالسنوات الماضية، بسبب التغيرات المناخية التي تشهدها البلاد التونسية وتسجيل درجات حرارة مرتفعة خلال شهري ديسمبر 2022 ويناير 2023، وهو ما شجع الكثيرين على استقبال السنة الجديدة بطريقة فريدة.
وفضلا عن أبعادها الرياضية والترفيهية، تكتسي تظاهرة "غطسة رأس العام"، أبعادا صحية وتنطوي على فوائد كبيرة على الصحة الجسدية، وفق ما أكده الدكتور سليم دعاس، وهو طبيب متخصص في المفاصل والعظام بمحافظة نابل، وهو من المشاركين بانتظام في السباحة خلال فصل الشتاء.
وفي تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، قال دعاس: "نحن مجموعة من الناشطين الذين يمارسون السباحة صيفا وشتاء، ومازلنا أوفياء لهذه العادة بشكل يومي، السباحة شتاء لها فوائد على الصحة البدنية والنفسية على حد السواء، ففضلا عن كونها علاجا فعالا ضد مرض المفاصل فهي تقي أيضا من نزلات البرد الموسمية هذا بجانب فوائدها كعلاج للتوتر والضغط النفسي".
ويضيف "بدأت عادة غطسة رأس العام منذ ما يقارب 8 سنوات، بواسطة مجموعة من هواة التخييم والاصطياف، ولكن بالنسبة للمجموعة التي أنتمي إليها فنحن نشارك في هذه التظاهرة ولكننا نسبح 365 يوما في السنة دون انقطاع أما عن الفئات العمرية فهناك من تجاوز 80 عاما من العمر وما زال يرافقنا في نشاطنا".
وتشمل هذه التظاهرة، التي تشرف عليها جمعيات مدنية ورياضية وصحية، أنشطة أخرى على غرار المشاركة في تناول فطور صباحي جماعي يتشكل من أكلة "اللبلابي" الشعبية المعروفة في تونس، وفيها مكونات من قبيل "الهريسة" النابلية ذات المذاق الحار والحمص والبيض وزيت الزيتون.
ويعتبر الكثير من المشاركين في تظاهرة "غطسة رأس العام"، أن تناول تلك الأكلة الشعبية مباشرة بعد السباحة في مياه شديدة البرودة من شأنه أن تمنح أجسامهم الطاقة الكافية لمواجهة البرد، خاصة أنها أكلة غنية بالفيتامينات والسعرات الحرارية التي تساعدهم على مواجهة البرد.
تقوية المناعة
في مدينة المهدية الهادئة التي تقع وسط البلاد، دأب الشاب نادر ريش، على المشاركة سنويا في تظاهرة "غطسة رأس العام" وذلك منذ أربع سنوات حيث يقصد الشاطئ في صباح اليوم الأول من السنة الجديدة مع عدد من أصدقائه للسباحة والمشاركة في مختلف الأنشطة الرياضية.
وقال ريش "شاركت لأول مرة في هذه العادة عام 2020، ودأبت عليها بعد أن اكتشفت فوائدها الصحية، فالسباحة في الشتاء تقوي جهاز المناعة، وتقي من الإصابة بالزكام ونزلات البرد، هذا فضلا عن مشاركتي في الأنشطة الثقافية والرياضية خلال ذلك اليوم باعتباري أشرف على الأنشطة الرياضية والثقافية ضمن مندوبية الرياضة بالمنطقة".
من جهته، كشف نائب رئيس جمعية المشي في المياه ببنزرت (شمال) حسني شقرون، أن "غطسة رأس العام تعد تقليدا حيا أصبح من عام إلى آخر يستقطب الكثير من هواة الرياضة والأنشطة البحرية بوجه خاص نظرا لفوائده الصحية والنفسية وأهمية تلك الرياضة" وفق قوله.
وقال شقرون لموقع "سكاي نيوز عربية"، "غطسة رأس العام كانت من بين أنشطة البرنامج الشامل لاستقبال العام الجديد، البداية كانت بممارسة رياضة المشي في المياه وهي رياضة أصبحت معترفا بها منذ سنة 2014، وشارك يوم غرة يناير نحو 300 شخص في - العومة الكبيرة - قبل الخروج إلى الشاطئ وتناول فطور الصباح هناك في أجواء متميزة رافقتها أنشطة رياضية أخرى".
ويشار إلى أن "غطسة رأس السنة" شملت هذا العام ما يقارب عشرة شواطئ تونسية وشارك فيها أكثر من ألفي شخص تقريبا.