بعد عامين من "بريكست".. أصحاب الشركات في بريطانيا يعانون
20:52 - 25 ديسمبر 2022بعد حوالي عامين على خروج بريطانيا الفعلي من الاتحاد الأوروبي، ما زالت هذه الخطوة تترك وقعاً مريراً على العديد من الشركات البريطانية.
يقول أدريان هانراهان المدير العام لـ"روبنسون براذرز"، وهو مصنع صغير للمنتجات الكيميائية في برمنغهام في وسط انجلترا، يُعتبر الاتحاد الأوروبي سوقاً رئيسياً له، إنّ خروج بريطانيا هو "مجرّد تكاليف، تكاليف والمزيد من التكاليف، من دون أيّ فائدة".
ولا تكمن المشكلة في الرسوم الجمركية التي أُلغيت إلى حدّ كبير بموجب اتفاقية التجارة الحرّة بين لندن وبروكسل بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بل تكمن في كمية المعاملات الورقية المرتبط بعودة الضوابط الحدودية، ولو جزئياً في الوقت الحالي.
ويضيف هانراهان لوكالة فرانس برس: "أضفنا على الأرجح 25 بالمئة إلى تكاليف إدارتنا، فقط للتعامل مع الشكليات والإجراءات المتغيّرة لإدخال وإخراج السلع من الاتحاد الأوروبي".
وتوظّف الشركة 265 شخصاً وتصنّع منتجات كيميائية للعديد من القطاعات، من صناعة الأدوية إلى صناعة الأغذية والإلكترونيات والسيارات.
ويتم تصدير حوالي 70 بالمئة من الإنتاج، أكثر من نصف هذه النسبة إلى القارة الأوروبية.
ويعتبر هانراهان أنه "إذا كانت شركتك لا تجري أعمالاً تجارية مع الاتحاد الأوروبي، فيمكنك أن تنظر إلى خروج بريطانيا من التكتل على أنه أمر جيد"، لكن بالنسبة للعديد من الشركات التي تقوم بأعمال تجارية مع هذا الجار الكبير، فإنّ "الأمر أكثر صعوبة".
اقتصاد مخنوق
لم يكن دعم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي منخفضاً في المملكة المتحدة كما هو في الوقت الحالي.
ويعتقد أقل من ثلث البريطانيين أنه كان القرار الصحيح وفقاً لاستطلاع أجراه معهد يوغوف أخيراً، على الرغم من الجهود المتكرّرة التي بذلتها حكومة المحافظين للترويج لفوائده.
ويقول الباحث في كلية لندن للاقتصاد نيخيل داتا لوكالة فرانس برس إنّ البلاد "لم تشهد قط مثل هذا الاضطراب الكبير في العلاقات التجارية العميقة".
ويضيف أنّ الاتفاقات الموقعة مع دول أخرى، مثل تلك التي تضعها السلطة التنفيذية مع أستراليا في الكثير من الأحيان، ليس لها سوى تأثير "ضئيل".
ويرى العديد من خبراء الاقتصاد أنّ "بريكست" أدى إلى تفاقم الوضع الاقتصادي في البلاد، الذي بات اليوم على حافة الانكماش، وذلك من خلال خنق التجارة الخارجية أو الاستثمار التجاري أو عن طريق التسبّب في انخفاض الجنيه الإسترليني، ممّا أدى إلى تفاقم التضخّم الذي يقترب حالياً من 11 بالمئة ويسبب أزمة خطيرة في كلفة المعيشة.
وقال جوناثان بورتس خبير الاقتصاد في كينغز كولدج رداً على سؤال وكالة فرانس برس: "هناك درجة معقولة من الإجماع على أنّ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قلّص التجارة الخارجية لبريطانيا بنحو 10-15 في المئة مقارنة بسيناريو عدم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي".
وليست "روبنسون براذرز" وحدها التي تكافح عواقب "بريكست"، إذ إن أكثر من نصف الشركات تكافح للتكيّف مع القواعد الجديدة، وفقاً لغرف التجارة البريطانية.
وتقول شيفون هافيلاند المديرة العامة لغرف التجارة البريطانية إنّ "الشركات البريطانية تشعر وكأنها تضرب رؤوسها بجدار من الطوب لأنه لم يتم فعل شيء لمساعدتها"، داعية الحكومة إلى مراجعة اتفاقاتها مع بروكسل.
وتضيف أنه يجب إجراء "حوار صادق بشأن كيفية تحسين علاقاتنا التجارية مع الاتحاد الأوروبي".
فضلاً عن ذلك، أدى "بريكست" إلى تعقيد عملية توظيف العمّال الأوروبيين الذين كانت تعوّل عليهم عدّة قطاعات، من الفنادق والمطاعم إلى الزراعة.
بعض رؤساء الشركات "المؤيدين بقوة لبريكست" مثل سيمون وولفسون الذي يرأس شركات الملابس البريطانية العملاقة "نكست" أو حتى تيم مارتن الذي يرأس سلسلة حانات "ويذرسبون"، يطالبون الحكومة بتخفيف قواعد الهجرة.
وقال وولفسون الشهر الماضي في مقابلة مع شبكة "بي بي سي" إنّ هذا "بالتأكيد ليس بريكست الذي أردته".
وبينما تُعد المملكة المتحدة الدولة الوحيدة بين دول مجموعة السبع التي لم تعُد بعد إلى الناتج المحلّي الإجمالي قبل الوباء، فإنّ مكتب مسؤولية الموازنة يقدّر أنّ مغادرة الاتحاد الأوروبي ستقلّل من حجم الاقتصاد البريطاني بنحو 4 في المئة على المدى الطويل.
وبانتظار حصول ذلك، ليس أمام أدريان هانراهان في "روبنسون براذرز" خيار، إذ يقول "يجب أن نقلّل هوامش الربح كي نبقى قادرين على المنافسة". ومع ذلك، فإنّ بعض العملاء، خصوصاً ألمانيا، يتخلّون عن التبادل معنا إذ "من المعقّد جداً بالنسبة إليهم العمل مع أي شخص في المملكة المتحدة".