ما مدى نجاح اتفاق "سقف الغاز" في ضبط الأسعار بأوروبا؟
17:47 - 20 ديسمبر 2022وصف خبراء طاقة اتفاق دول الاتحاد الأوروبي حول وضع حد أقصى لأسعار الغاز، بالخجول وأنه جاء على استحياء، مشيرين إلى أنه لن ينجح في تحقيق أهدافه بل سيلقى نفس مصير القرار الخاص بفرض سقف سعري على صادرات النفط الروسي.
وتستهدف دول الاتحاد الأوروبي، التي اتفقت على هذا الإجراء أمس الإثنين، حماية الأسر والشركات الأوروبية من ارتفاع أسعار الغاز الذي عانت منه أوروبا منذ الأزمة الروسية الأوكرانية، ودعم جهود أوروبا للتعامل مع أزمة الطاقة التي أوصلت التضخم في القارة العجوز إلى أعلى مستوياته منذ عقود.
وجاء اتفاق التكتل الأوروبي على مقترح توفيقي يطبق بموجبه الحد الأقصى للسعر إذا تجاوزت أسعار عقود أقرب شهور الاستحقاق في منصة تداول عقود الغاز الهولندية (تي.تي.إف) 180 يورو للميغاوات/ساعة لمدة ثلاثة أيام.
وفي حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" يقول الدكتور ممدوح سلامة خبير النفط العالمي: "لن ينجح أي إجراء يتم بموجبه فرض سعر على الغاز، مثله في ذلك مثل سقف السعر الذي فرض على صادرات النفط الروسي، فقد شاهدنا كيف فشل سقف السعر على صادرات النفط، وبالتالي فإن مصير أي توجه لفرض سقف على سعر الغاز سيواجه الفشل، ويعود سبب ذلك إلى أن سوق الغاز العالمي ضيق جداً بمعنى أن طاقة الإنتاج مستخدمة في الوقت الحاضر وليس هناك فائض للتصدير، والدليل على ذلك أن الصين وقعت مع قطر اتفاقاً مدته 27 عاماً لتزويدها بـ 4 ملايين طن من الغاز المسال بدءاً من عام 2026، لأنه في الوقت الراهن ليس لدى المصدرين الرئيسيين للغاز السائل (l n g) مثل قطر والولايات المتحدة وأستراليا والجزائر القدرة على تزويد إضافي نتيجة تعاقدهم مع زبائنهم لسنوات قادمة".
ويشير الدكتور سلامة إلى أن الوضع سيتحسن قليلاً في عام 2026 عندما تنمو طاقة قطر والولايات المتحدة الإنتاجية للغاز السائل، وسيكون هناك مجال للمناورة في سوق الغاز الطبيعي، وقبل ذلك لن يحدث أي شيء إذ من الصعب بمكان إحلال غاز آخر محل الغاز الروسي لأنه ليس هناك بدائل في العالم حالياً.
ويؤكد خبير النفط العالمي الدكتور سلامة أن الاتحاد الأوروبي سيستمر في دفع ثمن باهظ جداً لإمدادات الغاز، مشيراً إلى أن هذه الإمدادات ستقصم ظهر الاقتصاد الأوروبي وتقلل من نموه وتسارع في انحداره نحو الانحسار الاقتصادي.
ففي حين ستكون أوروبا الخاسر الأكبر من كل هذه المناورات والاقتراحات، حتى بعد انتهاء أزمة أوكرانيا، فإن الولايات المتحدة ستكون الرابح الأكبر لأنها تستمر في تصدير الغاز السائل إلى الاتحاد الأوروبي بأسعار تصل إلى ثلاثة أمثال السعر الذي تبيع بموجبه داخل الولايات المتحدة، وفقاً للدكتور سلامة.
وحول سيناريوهات الرد الروسي على الاتفاق الأوروبي لفرض سقف سعري على الغاز، قال عامر الشوبكي مستشار الطاقة الدولي لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" : "هناك عدة سيناريوهات لرد الفعل الروسي على القرار الخجول الذي اتخذته دول الاتحاد الأوروبي على استحياء بعد مناقشات لعدة أشهر، فغير رفض الكرملين تحديد الاتحاد الأوروبي سقفاً لسعر الغاز، فإن روسيا لا تزال تزود أوروبا بنحو 7.5 بالمئة من حاجتها للغاز، وهذه النسبة ضرورية لأوروبا من أجل العبور من فصل الشتاء، أما إذا قطعت روسيا كامل صادراتها من الغاز للاتحاد الأوروبي سواء من خلال الخط المار عبر أوكرانيا أو من خلال خط ترك ستريم عبر تركيا فهذا يعني ارتفاع الأسعار وحدوث أزمة كبيرة في أوروبا".
ويوضح الشوبكي أن "هذه النسبة من الصادرات الروسية التي قد لا تستطيع أوروبا تعويضها من جهات أخرى تعني تخفيض إجباري للاستهلاك في أوروبا، وهذا الأمر قد يمتد إلى العام 2026 موعد انتهاء المشاريع الجديدة لإنتاج الغاز قي قطر والولايات المتحدة ما يعني أن المشكلة قد ترافق أوروبا حتى ذلك العام في حال اتخذت روسيا هذه الخطوة التي تعد ورقة ضغط اقتصادية بيدها وقد تستعملها في أي وقت ممكن".
ويضيف الشوبكي في حديثه عن ارتدادات الاتفاق الأوروبي: "قد يدفع النشاط الاقتصادي المتوقع في الصين وتخفيف قيود سياسة (صفر كوفيد) إلى رفع أسعار الغاز وتوجه طلبيات الغاز المسال نحو الصين وآسيا عموماً ما يشكل ضغطاً على أوروبا".