بالتفاصيل.. لماذا لم يستفد القطن المصري من ارتفاع الدولار؟
13:16 - 28 نوفمبر 2022كشف مسؤولون مصريون تحدثوا لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن القطن المصري عانى هذا الموسم 2022 من حالة ركود غير مسبوقة، وانخفضت عمليات تصديره عالميا بشكل كبير، ولم يستفد من ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه.
- الصادرات المصرية من القطن عام 2021 ارتفعت بنسبة 101.5 بالمئة، لتسجل 1761 ألف قنطار متري في الفترة من سبتمبر إلى أغسطس 2021، مقابل 874 ألف قنطار متري عن ذات الفترة عام 2020، وفق النشرة السنوية لإحصاءات القطن.
- تتحدث التقارير الحكومية الحديثة عن أن تصدير القطن المصري هذا العام لم يصل لربع نسبته المتحققة عن العام الماضي.
امتناع عن شراء القطن
حصل موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" من نائب رئيس مركز البحوث الزراعية المصرية، الدكتور عادل عبد العظيم، على مذكرة تقدم بها الأخير إلى وزير الزراعة المصري، السيد القصير، بعنوان "عدم قيام شركات تجارة القطن بشراء الأقطان طبقاً لمنظومة تسويق الأقطان".
جاء في المذكرة أنه تم إجراء أكثر من 60 مزادا لبيع القطن بالأسواق المصرية للشركات المصرية منذ بداية منظومة بيع القطن الزهر لموسم 2019 - 2022، وتم البيع في حدود 500 ألف قنطار حتى الآن، وطالبت الشركات تخفيض سعر افتتاح المزادات بنسبة 5 بالمئة لبعض الأصناف، وهو ما وافقت عليه لجنة إدارة المنظومة، إلا أن الشركات لم تلتزم بشراء الأقطان بعد التخفيض.
وحسب ما تضمنت المذكرة فبناء على ذلك قامت الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج بدعم المنظومة وشراء الأقطان طبقاً لأسعار المزاد أكثر من مرة بعد رفض شركات تجارة القطن المُزايدة، وتلاحظ في المزادات الأخيرة عدم دخول الشركات للمُزايدة لشراء الأقطان مما ترتبت عليه إلغاء عدة مزادات.
وقالت المذكرة إن اللجنة وافقت على إيقاف استلام الأقطان من المزارعين إلى أن يتم تصريف كميات الأقطان الموجودة بمراكز التجميع وحتى لا تتعرض الأقطان للأمطار وهو ما يُسبب خسائر كبيرة للمُزارعين.
واقترحت المذكرة على وزير الزراعة أن يتم تكليف الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج بشراء الأقطان في حالة عدم مزايدة الشركات الخاصة على الأقطان بالسعر الأدنى، وان تقوم الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج باستخدام الأقطان لتشغيل المغازل والمصانع لزيادة القيمة المُضافة للقطن المصري طبقاً لخطة الدولة والمُتبقي من الأقطان الشعر يتم بيعها محلياً أو تصديرها.
تفاصيل الأزمة
من جانبه، شرح رئيس قسم بحوث تربية القطن بمعهد بحوث القطن في وزارة الزراعة المصرية، الدكتور وليد يحيى، تفاصيل الأزمة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" قائلا إن الموسم الماضي كانت المساحة المزروعة بالقطن 237 ألف فدان، أنتجت 1.4 مليون قنطار، كان سعر القنطار محليا يتراوح ما بين 5 إلى 6 آلاف جنيه، وهذا كان يعد سعرا مرتفعا محليا، وأدى إلى زيادة المساحة المزروعة للموسم الحالي 2022 إلى 337 ألف فدان، بزيادة مقدارها 100 ألف فدان، والمتوقع أن يصل إجمالي الإنتاج هذا الموسم إلى 2.5 مليون قنطار.
وأشار إلى أن الإنتاج متوقع زيادته بسبب وحدة المساحة والظروف الجوية المثالية التي ساعدت على ارتفاع الإنتاجية خلال الموسم الماضي.
وأوضح أن المشكلة نتجت عن الحرب الروسية الأوكرانية، والتي تسببت في ركود شامل لحركة البيع والشراء عالميا، هذا الركود جعل العملاء الذين يشترون القطن عالميا يوجهون معظم ميزانياتهم لقطاع الحبوب والمواد الغذائية، وهذا تسبب في ركود لحركة الشراء بقطاع الغزل والنسيج، ونتج عن حالة الركود كذلك أن الكثير من شركات الغزل والنسيج أغلقت أبوابها، وبدأت بعض الدول وعلى رأسها الصين في تشغيل قطاع الغزل بالاستهلاك من المخزون لديها بدلا من الشراء.
وأكد أن كل ذلك نتج عنه ركود كبير في حركة تصدير القطن وتجارته عالميا، وهذا التأثير امتد بالطبع إلى مصر، حيث انخفض الطلب على القطن المصري، وحتى الطلبات التي جاءت فهي كانت بأسعار متدنية جدا، حيث كانت تقدر ب 116 سنت للرطل، بينما كانت العام الماضي تصل إلى 280 سنتا للرطل، مما يوضح الفرق الشاسع بين السعرين.
رئيس قسم بحوث تربية القطن قال أيضا إن ذلك نتج عنه حركة ركود محلية حيث أحجمت شركات شراء الأقطان عن الدخول في مزادات مجمعات الأقطان بمصر، وأدى هذا لإلغاء بعض المزادات، والحكومة في محاولة منها لإنعاش تجارة القطن محليا قامت بشراء 110 ألف قنطار من المجمعات ونقلتها إلى محالج الشركة القابضة للغزل والنسيج، وتم الإعلان أن الشركة القابضة ستقوم بشراء الأقطان في حال إحجام الشركات الخاصة عن الشراء، مما دفع التجار لمعاودة الشراء مرة أخرى وحدثت انتعاشة بسيطة في سوق القطن.
وكشف أن بعض مصدري القطن المصري توصلوا مؤخرا لتعاقدات مرتفعة بعض الشيء مع الصين والهند وصلت إلى 145 سنتا للرطل، وبالقطع هذا نصف سعر التصدير للعام الماضي ولكن هناك توقعات وآمال معقودة على معاودة ارتفاع سعر التصدير مرة أخرى.
وشدد على أن كل ذلك يجعل من الصعب توقع حجم المساحة المتوقع زراعتها بالقطن العام المقبل في مصر، لأن المزارع سينتظر معرفة سعر نهاية الموسم وإذا ما كانت زراعة القطن العام المقبل ستكون مفيدة له أم لا، خاصة أن المحاصيل الصيفية الموازية للقطن أسعارها في ارتفاع.
غياب السياسة القطنية
فيما قال الرئيس السابق لاتحاد مصدري القطن المصري، الدكتور مفرح البلتاجي، في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن موسم القطن هذا العام من المواسم الصعبة، والأسباب يعلمها الجميع، وعلى رأسها الركود العالمي في حركة الغزل والنسيج بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.
وتابع أنه يزيد على ذلك أنه من الأساس لا توجد سياسة قطنية واضحة في مصر منذ فتره كبيرة، وتدار الأمور بدون اي خبرة، وكان المفروض أن يدار هذا الموسم بأسلوب علمي، وألا يترك القطن المصري طويل التيلة أجود أقطان العالم يباع في الأسواق العالمية بأسعار تقل حتى عن أسعار الأقطان قصيرة التيلة.
وأكد أن تداعيات خسائر هذا الموسم بالطبع ستكون كبيرة ويعرفها الجميع، ومن أهمها انخفاض المساحة المزروعة بالقطن الموسم المقبل، وخاصة مع ارتفاع أسعار معظم المحاصيل البديلة للقطن، حيث أن الفلاح عانى من ارتفاع أسعار السماد والمبيدات، ثم فوجئ بانخفاض سعر القطن مما مثل صدمة كبيرة له.
وأوضح البلتاجي أن ما فاقم من الأزمة هو زيادة المعروض من القطن المصري هذا العام، حيث شهد زيادة المساحة المزروعة بنسبة 20 بالمئة نتيجة أن السعر كان مرتفعا العام الماضي، وكان متوقع استمرار السعر في الارتفاع هذا العام ولكن الحرب قضت على هذه الآمال.
وشدد على أنه لا بديل عن انتظار نهاية الموسم ورؤية السعر الذي سيصل له القطن المصري عالميا، وحتى هذا الوقت فالحكومة تقوم بشراء الأقطان من الفلاحين وتخزنها وتقوم بتشغيل مصانع الغزل بها أو تصدرها حينما يرتفع السعر مستقبلا وتستفيد من فرق الأسعار، وحتى هذا الوقت لا يمكن التنبؤ بمستقبل القطن المصري أو مساحته العام المتوقعة العام المقبل.
وختم البلتاجي بالقول إنه بالنظر لكل ذلك فالقطن المصري يكاد يكون السلعة الوحيدة رغم جودتها العالمية التي لم تستفد من ارتفاع سعر الدولار، ولم تحقق المرجو من تصديرها هذا العام.