أفريقيا تقود النمو السكاني العالمي وسط تحديات مناخية ضخمة
20:37 - 17 نوفمبر 2022استحوذت 5 بلدان إفريقية على الحصة الأكبر من الزيادة التي سجلها العدد الكلي لسكان العالم الذي بلغ 8 مليار نسمة بحسب ما أعلنه صندوق الأمم المتحدة للسكان الثلاثاء.
وأشار التقرير إلى أن نيجيريا وإثيوبيا ومصر وتنزانيا والكونغو الديمقراطية سجلت إلى جانب ثلاث دول آسيوية النسبة الأكبر من الزيادة العالمية.
يأتي هذا وسط مخاوف متزايدة من أن تؤدي تحولات التغير المناخي وما يصاحبها من فيضانات وموجات جفاف إلى نقص كبير في الغذاء في معظم بلدان القارة الإفريقية؛ وبالتالي رفع حدة التنافس على موارد المياه الشحيحة وبترك المزيد من الأسر تواجه الجوع.
تداعيات خطيرة
- في ظل صعوبة الحياة في الريف تصبح العواصم الأفريقية مواجهة بزيادة كبيرة في التعداد السكاني ، وهذا يعني أن الحكومات ستكون أمام تحدي توفير خدمات الإمدادات مياه وكهرباء وتعليم وصحة بشكل مضاعف.
- يعيش في مدينة لاغوس النيجيرية أكثر من 15 مليون شخص، بينما تكتظ العاصمة الكونغولية كنشاسا بنحو 12 مليون نسمة مقابل 10 ملايين في كل من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا والتنزانية دار السلام.
- تشكل الزيادة السكانية الحالية والمتوقعة خلال العقود المقبلة ضغوطًا إضافية على الموارد المجهدة بالفعل والسياسات الصعبة التي تهدف إلى الحد من الفقر.
- يؤدي النمو السكاني في البلدان الأفريقية إلى زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وبالتالي من المحتمل أن تعاني تلك الدول بشكل اكبر من آثار تغير المناخ.
تحديات كبيرة
وفقا للتعداد الجدبد، فقد ارتفع عدد سكان نيجيريا الواقعة في غرب إفريقيا إلى 216 مليونًا، ومن المتوقع أن يصل إلى 375 مليونًا خلال العقود الثلاث المقبلة، مما سيجعل نيجيريا رابع أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان بعد الصين والهند والولايات المتحدة.
أما في الكونغو، تكافح العديد من الأسر للعثور على مساكن ميسورة التكلفة ودفع الرسوم المدرسية.
وكذلك تنعكس الزيادة السكانية سلبا على إثيوبيا التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي وتعتبر إلى جانب الصومال وكينيا موطنا لـنحو 70 في المائة من الأشخاص الأكثر معاناة من انعدام الأمن الغذائي في العالم.
الزيادة السكانية والمناخ
من أكبر التحديات التي تواجه الزيادة السكانية؛ مخاطر التغير المناخي واتساع رقعة موجة الجفاف الحالية في بلدان شرق أفريقيا والفيضانات في نيجيريا، والتي من المتوقع أن تطال تأثيراتها المباشرة الملايين من سكان المنطقة وتؤدي إلى نقص كبير في الغذاء ومياه الشرب.
ومن المؤكد ان الزيادة السكانية ستنعكس سلبا على المناخ،إذ يعود السبب الرئيسي في التسارع الحالي لموجة الجفاف والتغيرات المناخية لعوامل بشرية الناتجة عن التعامل غير الرشيد مع البيئة وزيادة تراكم غاز ثاني اكسيد الكربون في الجو، مما يرفع من درجة الحرارة ويخل بالتوازن الطبيعي بين درجة الحرارة والضغط الجوي وتكثيف بخار الماء وحركة الرياح.
ويدخل القطع الجائر للغابات والرعي الجائر لنباتات المراعي من ضمن العوامل الرئيسية التي تأثيرها السالب على حالة المناخ.
ماذا يقول الخبراء
- يقول جيانغ داليوب مستشار التنمية الحضرية والتخطيط في الحكومة النيجيرية إن بلاده ستواجه ضغطا كبيرا في قطاعات الإسكان والصحة والتعليم والطرق والخدمات اليومية.
ويشير إلى أن الزيادة العالية في السكان ستترك المزيد من الناس أمام صعوبات كبيرة والحكومات أمام تحدي توفير الخدمات الصحية والوظائف والفصول الدراسية؛ وسيصبح انعدام الأمن الغذائي مشكلة أكثر إلحاحًا.
- تعزو حليمة شريف مديرة منظمة تنظيم الأسرة في تنزانيا الزيادة الكبيرة في النمو السكاني في العديد من البلدان الأفريقية إلى الممارسات الثقافية الكامنة في معظم أنحاء القارة والتي تمنح قيمة اجتماعية للأسر الكبيرة، إضافة إلى الاعتقاد بإمكانية زيادة الموارد كلما زاد عدد افراد الأسرة.
وتقول شريف لموقع سكاي نيوز عربية إن زواج الأطفال من الظواهر الرائجة بكثرة في عدد من البلدان الأفريقية وهو ما يسهم أيضا في زيادة عدد السكان.
وتشير إلى صعوبات كبيرة تواجهها المنظمات العاملة في مجال تنظيم الأسرة وذلك لأسباب اجتماعية وأخرى لوجستية تعيق الوصول إلى النساء والفتيات وتوعيتهن حول الجوانب المتعلقة بالتخطيط الأسري وكيفية استخدام وسائل منع الحمل. وتضيف "في تنزانيا تشكل الفئة العمرية التي تتراوح ما بين 20 إلى 24 عاما أكثر من ثلث سكان البلاد البالغ عددهم 61 مليون نسمة؛ ومعظمهم ليسوا على دراية جيدة بقضايا الصحة الجنسية والإنجابية".
وترى شريف أن الزيادة السكانية المطردة في أفريقيا تلقي بتبعات اقتصادية واجتماعية كبيرة على البلدان المعنية بتلك الزيادة؛ وتوضح "يأتي النمو السكاني في وقت تكافح فيه معظم البلدان الأفريقية للتغلب على ارتفاع تكاليف المعيشة والخدمات الصحية والتعليمية لشعوبها".
وتؤكد حليمة شريف على ضرورة العمل الجاد من أجل تعزيز خدمات تنظيم الأسرة، وتكثيف حملات التوعية في أوساط الشباب؛ وبناء تحالفات استراتيجية مع شركاء التنمية، والاستفادة من القطاع الخاص لضمان تدفق استثمارات ثابتة لتعزيز الخدمات الاجتماعية وخلق فرص العمل.
- يرى عبدالرحمن عبد الشكور المبعوث الخاص للاستجابة للجفاف أن موجات الجفاف ستشكل تحديا كبيرا لسكان القارة الأفريقية المتزايدين بشكل ملحوظ، إذ ستؤدي إلى تدمير موارد ومصادر دخل الكثير من الرعاة والمزارعين والسكان المحليين في العديد من المناطق.
ويقول عبد الشكور لموقع سكاي نيوز عربية إن تزامن موجة الجفاف الحالية مع اضطراب إمدادات الحبوب يزيد من مخاطر الجوع في الكثير من البلدان الأفريقية.
ويشير إلى التداعيات الكارثية الناجمة عن اتساع رقعة الجفاف وندرة المياه والتي برزت ملامحها في ارتفاع معدلات النزوح وزيادة اعداد المعرضين لخطر المجاعة خصوصا في المناطق الريفية والزراعية.
ويشدد عبد الشكور على أن مواجهة آثار موجة الجفاف الحالية يتطلب إعطاء أولوية لتوفير الأغذية والأدوية المنقذة للحياة للتخفيف من الخسائر الجماعية المحتملة في الأرواح وهو ما يتطلب الوصول إلى شراكات إقليمية ودولية في مجال الاستثمارات قصيرة وطويلة الأمد خصوصا في مجال الأمن الغذائي والزراعة المستدامة والتكنولوجيا والبنية التحتية والطاقة الخضراء وإدارة المياه.