الاقتصاد كابوس الديمقراطيين بالانتخابات الأميركية
15:23 - 09 نوفمبر 2022تبدو معركة الانتخابات النصفية الأميركية أسيرة لعدد من العناوين التي تهم المواطن على رأسها الاقتصاد وتأثيره على الداخل الأميركي.
الديمقراطيون يحاولون التمسك بأغلبيتهم في الكونغرس خلال العامين الأخيرين من ولاية الرئيس جو بايدن الأولى، بينما يسعى الجمهوريون إلى الفوز بعدد من المقاعد تمكنهم من السيطرة على مجلس النواب.
في اللقاءات التلفزيونية وفي الصحف والمواقع الأميركية تبدو تعليقات المواطن الأميركي واضحة للعيان وتصب معظمها حول ضرورة منح الأصوات لمن يستطيع دعم المسار الاقتصادي وتحسين جودة العيش في البلاد.
الأميركيون يؤكدون أن الاقتصاد هو أولويتهم الأولى، لذا فإن الأزمات الاقتصادية تبدو كابوساً على إدارة الرئيس جو بايدن ما لم يتدارك الأمر، في المقابل فإن الجمهوريين وضعوا أزمة ارتفاع الأسعار على رأس برنامجهم الانتخابي.
وألقى الجمهوريون باللائمة على إدارة بايدن وحزبه الديمقراطي في ارتفاع نسبة التضخم الذي يؤثر بالسلب على رواتب الشعب الأميركي.
السيناتور الجمهوري تيد كروز كتب على حسابه في تويتر: يشهد الأميركيون أكبر انخفاض في الأجور منذ 25 عاماً بسبب التضخم الذي وصل إلى الدرجة الحمراء، الرئيس بايدن وحزبه يسيطران منذ عامين على مجلس الشيوخ وهذا بسبب الانفاق المبالغ فيه منهم.
على الجانب الآخر، يرى الديمقراطيون أن البطالة اقتربت من أدنى مستوياتها منذ عقود، وهناك وفرة في الوظائف وجاري العمل على زيادة الأجور.
لكن بعيداً عن توجهات كلا الحزبين، أصدر مجلس الاحتياطي الفيدرالي تقريراً في سبتمبر الماضي أكد فيه أن المستهلكين الأميركيين اقترضوا 25 مليار دولار بسبب ارتفاع التكاليف والتضخم الاقتصادي حيث ازداد الاعتماد على القروض والبطاقات الائتمانية أكثر من أي وقت مضى ما أدى إلى زيادة الديون المتجددة بنسبة 8.7 بالمئة شاملة البطاقات الائتمانية.
أميركا.. انتخابات عصر الكاوبوي
وفي تصريح خاص لاقتصاد سكاي نيوز عربية، قال محمد منازع رئيس تحرير مجلة العلم المصرية والمُلم بالشأن الأميركي إن الناخب الأميركي يركز دائماً على دخله المادي ومعيشته ولا يهتم بالأمور السياسية إلا بقدر اهتمامه بمشاهدة مباراة رياضية، فإصلاح الاقتصاد وتخفيض الضرائب وارتفاع مستوى المعيشة هو سمة المجتمع الرأسمالي الذي تسير عليه الولايات المتحدة الأميركية وهنا نتذكر أزمة انهيار بعض البنوك العقارية في أميركا في بداية الألفية الحالية والتي أثرت على الاقتصاد العالمي وسببت ركوداً كبيراً على المواطن الأميركي.
وأضاف منازع أن الدولة الأميركية لا تتدخل في دعم المواطنين إلا في الكوارث الكبرى ويكون الدعم عن طريق القروض بحسب قوله.
وأعرب رئيس التحرير المصري عن استغرابه من وضعية الناخب الأميركي الحالية رغم كون الناخبين من أصول عديدة ومتفرقة من بقاع شتى في الأرض، مضيفاً أنهم تلونوا بهذه الصيغة.
وعاد محمد منازع بالذاكرة لسنوات خلت عندما خرج استطلاع رأي في الولايات المتحدة يشير إلى أن 8 بالمئة من الناخبين لا يعرفون وقتها اسم رئيسهم، وأن جل اهتمامهم منصب على حل مشاكلهم الاقتصادية.
5 مشاهد اقتصادية ترسم طريق الانتخابات
وفقًا لمسح أجراه مركز بيو الأميركي للأبحاث قبل الانتخابات النصفية فإن الاقتصاد هو أهم قضية بالنسبة للناخبين، حيث أكد 79 بالمئة من الناخبين المسجلين أن الاقتصاد سيكون عاملاً مهمًا للغاية في عملية التصويت وهي أعلى نسبة ضمن 18 قضية تم الاستطلاع عليها فجاء الاقتصاد والإجهاض على رأس قائمة الناخبين.
المسح يؤكد أن ارتفاع الأسعار في جميع الولايات يشغل أذهان الناخبين أمام صناديق الاقتراع، فالكل يقارن الفوارق الشاسعة بين أسعار العام الحالي والسابق وهو ما سيكون له تداعيات على سياسة الرئيس بايدن، ويمكن رسم المشهد الاقتصادي الأميركي في النقاط الخمس التالية التي ستحسم قرار الناخبين:
1- التضخم
ارتفعت الأسعار في الولايات المتحدة هذا العام بنسبة 8.2 بالمئة عن العام السابق حسب تقرير مؤشر أسعار المستهلك لشهر سبتمبر المنصرم، وقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية والرعاية الطبية وقيمة الإيجارات رغم انخفاض أسعار الغاز، وهي النقطة التي يركز عليها الناخبون من الحزبين بالتعهد بحل أزمة التضخم.
2- سعر الغاز
جمعية السيارات الأميركية أصدرت تقريراً أكدت فيه أن متوسط أسعار الغاز الوطنية وصل إلى 3.80 للغالون قبل الانتخابات بيوم واحد وهو رقم منخفض عن سابقه لكن السؤال الذي يشغل بال الشارع الأميركي عن أسباب زيادة أسعار الغاز لا يوجد له إجابة حتى الأن!
3- البطالة
على الرغم من ارتفاع التضخم فإن سوق العمل الأميركي يتمتع بقوته حيث بلغ معدل البطالة 3.7 بالمئة في نوفمبر الجاري وهو يمثل مع شهر سبتمبر الماضي أدنى مستوى له منذ نصف قرن، وشهد شهر أكتوبر إضافة 261 ألف وظيفة جديدة لتصل الوظائف إلى عشرة ملايين وتسعمائة وإحدى وستين وظيفة وفقاً لوزارة العمل الأميركية.
4- الناتج المحلي
شهد الناتج المحلي العام في الولايات المتحدة نمواً في الربع الثالث من العام الحالي بمعدل سنوي 2.6 بالمئة بعد أن شهد انكماشاً في الربعين الأول والثاني من العام ذاته.
هذا النمو جاء على خلفية زيادة الصادرات الأميركية وتقليل الواردات.
5- سوق العقارات
الملمح الأخير في رسم الخط الاقتصادي للناخبين يتمثل في سوق العقارات الذي شهد تقلصاً في المبيعات ببيع ستة ملايين وثلاثمائة ألف وحدة سكنية بمعدل انخفاض 17.6 بالمئة عن العام الماضي، وهو السوق الأكثر تأثراً على الإطلاق برفع أسعار الفائدة.
غضب الناخبين
صحيفة ديترويت نيوز قامت بجولة في مقر انتخابات منعقد في مدرسة إديسون الابتدائية في ويستلاند، حيث قال الناخبون إن العديد من القضايا كانت على رأس أولوياتهم أثناء توجههم إلى صناديق الاقتراع، وهي التضخم والاقتصاد والجريمة والإجهاض.
الصحيفة الأميركية نقلت تصريحات مواطن أميركي يُدعى رودولف قال فيها: "نحن بحاجة إلى العودة إلى الأساسيات، لقد خرجت الأمور عن السيطرة فيما يتعلق بتكلفة المعيشة.. تقاعدت قبل ثلاث سنوات وكانت حياتي على ما يرام لكن في ظل ارتفاع أسعار كل شيء أصبحت في وضع صعب".
وفي تصريح لاقتصاد سكاي نيوز عربية، أكد جون وايت مؤسس إحدى شركات الرسائل النصية من مدينة فورت كولينز شمال كولورادو أن المواطن الأميركي مثله مثل أي شخص يعيش على هذه الأرض يهمه مستواه المعيشي وأن يجد عملا وأجرًا يوفر له احتياجاته في الحياة اليومية وبالتالي عند اجراء اي انتخابات يبحث المواطن الامريكي عمن يوفر له هذه المطالب باستثناء المتعصبين للأحزاب الذين يرون دائما أنهم الأصلح والأحق بالفوز.
الرئيس الأميركي جو بايدن الذي يواجه كابوساً اقتصادياً مع تخوفات من حالة ركود كبيرة يُمني النفس هو وحزبه على النجاح في استخدام نقض المحكمة العليا للحق في الإجهاض وانتزاع موجة من الانتصارات التشريعية لدرء الهزيمة في الانتخابات النصفية الكلاسيكية، بينما يأمل الجمهوريون في وضع بايدن تحت الحصار عن طريق الفوز بأغلبية المقاعد في مجلس الشيوخ.. فأيهما سيحقق هدفه؟
سؤال سيجيب عليه 40 مليون ناخب أميركي قبل أن يتقدم الرئيس السابق دونالد ترامب بأوراق ترشحه رسمياً للانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2024 بعدما أعلن أنه سيدخل السباق بأكثر من 60 مليون دولار.