خبراء يطالبون باحتضان الصناعات الخضراء في الدول النامية
16:51 - 07 نوفمبر 2022حققت قمة المناخ COP 27 المنعقدة في مدينة شرم الشيخ المصرية أول انتصار لها باتفاق المفاوضين خلال المحادثات الأولية على مسألة تمويل الدول الفقيرة مقابل الخسائر والأضرار التي عانتها من تغير المناخ، وهي قضية لطالما ألقت بثقلها على المحادثات المناخية منذ سنوات حينما كانت الدول الغنية تعارض فكرة التعويضات المناخية.
صحيفة التايمز البريطانية وصفت هذه الاتفاق بأنه انتصار حقيقي للقمة بعد سنوات عديدة رفضت فيها الدول الغنية بما فيها الولايات المتحدة الأميركية فكرة التعويضات المناخية.
وسيتجه دبلوماسيون من 130 دولة نحو تشكيل آلية واضحة لعمليات التمويل المخصصة فقط لتعويض الدول النامية والفقيرة من الأضرار التي تعرضت لها على مدار سنوات ماضية مضت.
وفي تصريح لاقتصاد نيوز عربية أكد د. محمد جمال كفافي رئيس المجلس العالمي للاقتصاد الأخضر رفضه لتعويضات مالية مباشرة للدول الفقيرة، مطالباً بتوجيه هذه الأموال لتنمية الصناعات الخضراء وليس منح الأموال للدول الفقيرة ما يعني شرائها للمعدات وجلب مستشارين أوربيين وأميركيين وبالتالي تعود الأموال كمان كانت بحسب رأيه.
وقال كفافي: ليس من العدل أن 4 أو 5 دول لوثوا العالم يتم معاملتهم بنفس معاملة الدول التي تضررت من واقع هذا التلوث، مشدداً على أن أنه طبقاً لاتفاقية ريو دي جانيرو 1992 كان لابد أن تتم الموافقة على التعويضات في القمم السابقة، معتبراً أن إرسال الأموال مباشرة للدول الفقيرة فيه نوع من الاستغلال لها، فالأهم حسب رأيه احتضان الدول الغنية لنظيرتها الفقيرة في تنمية الصناعات الخضراء.
وضرب د محمد جمال كفافي مثالاً على ذلك بما حدث مع المغرب التي باتت تنتج سيارات بقيمة 10 مليارات دولار سنوياً لأوروبا، مطالباً دول إفريقيا أن تخطو على طريق المغرب في الصناعات الوطنية المثمرة.
وختم رئيس المجلس العالمي للاقتصاد الأخضر بأن الحديث عن تجارة الكربون يتم منذ عام 1992 لكن حان وقت التنفيذ واتخاذ القرارات الملزمة للحفاظ على المناخ وهو ما يحدث في شرم الشيخ هذه الأيام.
التحول الكبير في قمة المناخ الحالية والتي تختلف كثيراً عن سابقتها في جلاسكو بإسكتلندا والتي تم فيها رفض اقتراح بتشكيل كيان خاص بالتعويضات.
وكان الأمين التنفيذي للاتفاقية الأممية لتغير المناخ سيمون ستيل قد أعلن في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية المصري سامح شكري عن اتفاق الوفود المشاركة في قمة المناخ لأول مرة على مناقشة ملف تعويضات الخسائر والأضرار وتعويض الدول الفقيرة عن تلك الأضرار الناجمة عن التغيير المناخي.
دور قوي لمصر وباكستان
كانت مصر البلد المضيف للقمة وباكستان التي تقود مجموعة من الدول النامية عددها 77 دولة قد نجحتا في وضع قضية التعويضات على جدول الأعمال الرسمي لقمة المناخ لأول مرة وهو الأمر الذي وصفه سيمون ستيل بأنه "مُبشر للخير.
من جانبه، أكد وزير الخارجية الباكستاني بيلاوال بوتو زرداري أن تقديم التعويضات من الدول الغنية للمتضررين من الدول النامية ليست نوع من الصدقة ولا مساعدة بل هو عدالة متمثلة في تعويض تلك البلدان عن الخسائر ضارباً مثالاً ببلاده التي تدفع الثمن عن طريق 33 مليون باكستاني.
وفي تصريح لاقتصاد نيوز عربية قال البروفيسور النمساوي هاينز غارتنر المتخصص في العلاقات الدولية إن الدول الغنية استفادت من تسخير الطاقة لصالح نهضتها وكان ذلك على حساب دول عديدة فقيرة لا تملك ما تملكه الدول الكبرى، الدول الصناعية الكبرى سببت في ضرر بالغ للمناخ حول العالم خصوصاً في استخدام الغاز والبترول والآن يتعين عليها أن تعوض البلدان الفقيرة المتضررة من ذلك.
وأضاف غارتنر: كما قرأنا فإن الخسائر ستتخطى 150 تريليون دولار بعد حوالي 50 سنة من الآن ما لم يتم حل أزمة المناخ وتعويض البلدان النامية، وعلى الدول الكبرى أن تحل هذه الأزمة اليوم وليس غداً".
اتفاق قادة أفريقيا
واتفق قادة الدول الأفريقية على أهمية أن تتحمل الدول الغنية مسؤوليتها فيما آلت إليه أوضاع القارة الأفريقية من انتشار المجاعة التي سببها الجفاف وهو نتيجة تغير المناخ جراء استخدام الدول الصناعية الكبرى للطاقة بشراهة ما سبب الاحتباس الحراري وذلك منذ عام 1850.
أرقام التعويضات المالية
بنهاية المؤتمر سيتم الإعلان بالتفصيل عن أرقام التعويضات التي ستتعهد بها البلدان الغنية والصناعية الكبرى، والتي سبق وقدمت اقتراح بـ 40 مليار دولار بداية من عام 2025 لكن الأمم المتحدة رأت أن هذا الرقم أقل من المتوقع ولا يمثل تعويض خُمس احتياجات الدول النامية لمعالجة أثار تغير المناخ السلبية التي حلت بها.
هذا الرقم الضئيل لا يمكن أن يساعد على حل الأزمة في كل هذه الدول، فهناك مقاطعة توركانا شمالي غرب كينيا على سبيل المثال تحتاج إلى 200 مليون دولار سنوياً وهو ضعف ميزانية المقاطعة التي تصنفها الأمم المتحدة على واحدة من أفقر المناطق في كينيا وأفريقيا، حيث يعيش سكان المقاطعة وعددهم يقارب الـ 100 ألف نسمة في أزمة جفاف طاحنة للعام الرابع على التوالي بسبب نقص المياه الناتج عن تغير المناخ.
وتشير بعض الدراسات المعنية بالتغير المناخي أن الدول النامية تعاني سنوياً من خسائر مالية من 290 مليار دولار ستصل إلى 580 مليار دولار بحلول عام 2030، وفي حال عدم اتخاذ إجراءات منجزة ستصل الخسائر إلى 1.7 تريليون دولار عام 2050.