لماذا ذهب المستشار الألماني إلى الصين؟
17:26 - 04 نوفمبر 2022ترتبط الصين وألمانيا منذ نحو خمسة عقود بعلاقات تجارية واستثمارية متنامية ومثمرة كوّنا خلالها مئات المشاريع وحجم تبادل تجاري كبير جعلهما أكبر شريكين تجاريين في العالم، بحسب خبراء اقتصاد أكدوا أن زيارة المستشار الألماني أولاف شولتس، إلى الصين اليوم الجمعة تأتي لتوثيق هذه العلاقات للسنوات المقبلة، إلى جانب بحث قضايا سياسية مختلف عليها.
وفي زيارة تعد الأولى لزعيم دولة من أعضاء مجموعة السبع لأكبر اقتصادات عالمية منذ بداية تفشي فيروس كورونا، طالب شولتس الصين بعلاقات تجارية واقتصادية "متساوية" تستند إلى مبدأ "المعاملة بالمثل".
وفيما منعت السلطات الصينية الشركات الكبيرة المملوكة للدولة في البلاد مؤخراً من إعادة بيع الغاز الطبيعي المسال للمشترين في أوروبا، فضلاً عن دول آسيوية أخرى، يرى الخبراء أن الغاز يشكل إحدى القضايا التي تتناولها زيارة المستشار الألماني.
وفي حديثة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" يقول الدكتور ممدوح سلامة خبير النفط العالمي: "تأتي زيارة المستشار الألماني، أولاف شولتس إلى الصين لتوثيق العلاقات بين بلديهما وبحث مواضيع سياسية مختلف عليها، وبالطبع سيكون الغاز أحد القضايا محل البحث ولكنه ليس محور الزيارة لأن كلا البلدين مستورد رئيسي للغاز".
ويشرح الدكتور سلامة أن "ما يجمع البلدين هو العلاقة التجارية المتنامية بينهما، فألمانيا والصين أكبر شريكين تجاريين في العالم، إذ أن حجم التبادل التجاري بينهما بلغ 245 مليار يورو في 2021، فضلاً عن أن ألمانيا تعد أكبر مستثمر في الصين حيص يشكل حجم استثماراتها في الصين 14 بالمئة من كامل استثماراتها في العالم مقارنة مع اثنين بالمئة في الولايات المتحدة الأميركية، بينما بلغت استثمارات الشركات الألمانية في الصين خلال النصف الأول من العام الجاري نحو 10 مليار يورو، إضافة إلى ذلك فإن البلدين رائدان في مجال حماية البيئة فالصين أكبر مستثمر في الطاقة المتجددة على مستوى العالم، كما أن ألمانيا تعد رائدة في مجال الطاقة المتجددة في الاتحاد الأوروبي".
ويوضح الدكتور سلامة أن "آخر الاستثمارات بين الجانبين كانت شراء الصين حصة كبيرة في ميناء هامبورغ للحاملات رغم معارضة الولايات المتحدة لهذا الاستثمار، لكن على الرغم من ذلك هناك خلافات بين ألمانيا والصين حول دعم الأخيرة لروسيا في الأزمة الأوكرانية وموقف الصين تجاه تايون، فألمانيا تأمل في أن تتحقق الوحدة مع تايوان بالطرق السلمية".
ويختم الخبير سلامة: "هناك اعتماد متزايد من جانب ألمانيا على سوق الصين وبالمثل فإن الصين تعتمد على استثماراتها وتجارتها في الاتحاد الأوربي وألمانيا بالطبع هي أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي ولذلك من الطبيعي أن تتوثق العلاقات بين البلدين في السنوات القليلة القادمة".
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي على الحمودي في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن زيارة المستشار الألماني إلى الصين أمر طبيعي ومهم في الوقت ذاته، ويشير إلى أن هذه الزيارة لها بعدان الأول اقتصادي كون الصين تعد الشريك الاقتصادي المهم والأكبر لألمانيا للسنة السادسة على التوالي، والثاني سياسي حيث أن الدول الغربية ومن ضمنها ألمانيا تحتاج إلى عقلانية الصين في تهدئة الأوضاع السياسية المتأزمة بين روسيا وأوكرانيا خاصة بعدما التصعيد الكلامي الذي شهدناه في الأسابيع الماضية عن استخدام الأسلحة النووية والتكتيكية إذ أن الطرح لا توافق عليه الصين التي تتمتع برؤية بعيدة المدى في العلاقات الدولية.
ويلفت الحمودي إلى أن "الصين تخطط لأن تكون الاقتصاد الأول عالميا خلال الخمس أو الست سنوات المقبلة وهي لا تستطيع أن تحقق ذلك إلا من خلال استمرار علاقاتها التجارية بشكل جيد مع كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة اللذين يشكلان الكتلتين التجاريتين الأكبر بالنسبة لها على مستوى العالم.
كما أن أحد أهم أسباب الزيارة تناول موضوع أزمة الطاقة وخصوصاً أن شعوب العالم وخصوصاً الأوروبيين سيعانون من شتاء قارس هذا العام نتيجة انقطاع الغاز الروسي عن أوروبا، ويمكن أن تلعب الصين بحكم علاقتها الجيدة مع روسياً دوراً مهماً في تهدئة الوضع الراهن الغرب وروسيا، وفقاً للخبير الاقتصادي الحمودي.