كيف يهدد تعدين الذهب في أفريقيا صناعة الشوكولاتة؟
13:41 - 01 نوفمبر 2022اضطر جون كوفور الذي كان يعمل مع أفراد أسرته المكونة من 6 أشخاص على مدار العام في مزرعتهم الصغيرة التي تنتج حبوب الكاكاو في منطقة "الاشانتي" بوسط غانا الواقعة في غرب أفريقيا؛ لتأجير مزرعته لمجموعة تعمل في مجال التعدين عن الذهب بعائد سنوي أكبر بكثير من عائد إنتاج الكاكاو المتدني.
وكان كوفور يعيش مثله مثل أكثر من 55 بالمئة من مزارعي الكاكاكو في غانا وساحل العاج المجاورة تحت خط الفقر إذ لا تشكل عائداتهم سوى أقل من 6 بالمئة فقط من عائدات صناعة الكاكاكو العالمية البالغة 100 مليار دولار سنويا رغم أن بلديهما تسيطران على ثلثي إنتاج العالم من خام الكاكاو.
وفي الشهر الماضي طالب منتجو الكاكاو في غانا وساحل العاج بضرورة تغيير خارطة عائدات الصناعة التي يستحوذ المصنعين في أوروبا وآسيا والولايات المتحدة على 94 في المئة منها. وقاطع المنتجون في البلدين مؤتمرا عقد مؤخرا في العاصمة البلجيكية بروكسل؛ محتجين على أوضاع المزارعين المتردية؛ متهمين شركات الشوكولاتة متعددة الجنسيات والتجار بعرقلة إجراءات تحسين دخل مزارعي الكاكاو.
وتسهم غانا وساحل العاج الواقعتان في غرب أفريقيا بأكثر من 60 بالمئة من الإنتاج العالمي للكاكاو البالغ متوسطه السنوي نحو 600 مليون طن؛ لكن غالبية المزارعين في البلدين يواجهون صعوبات كبيرة في توفير احتياجاتهم اليومية؛ ويقول كوفور لموقع سكاي نيوز عربية "قبل تأجير مزرعتي كنت أتعب طوال العام إلا أن عائد ذلك التعب كان يتلاشى تماما بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وتدني أسعار الشراء.
وأضاف "الشركات الدولية تعيش على عرق المزارعين وتتركهم يغرقون في الفقر".
ويحصل المنتجون على نحو 1230 دولار مقابل طن حبوب الكاكاو بعد عملية إنتاج شاقة ومكلفة؛ وتقول السلطات المعنية في البلدين إنها تعمل على تحسين أوضاع المزارعين لكنها تلقي باللوم على التجار الدوليين ومصنعي الشوكولاتة في مختلف أنحاء العالم.
وفي الواقع استشعرت حكومتا ساحل العاج وغانا بخطورة نزعة التحول عن زراعة الكاكاو التي تزايدت بقوة خلال العامين الماضيين؛ وفي محاولة للحد من تلك النزعة استحدثت علاوة فارق معيشي للمزارعين بواقع 400 دولار للطن على سعر تصدير الكاكاو في إطار خطة لانتشال أكثر من نصف مليون مزارع من دائرة الفقر.
الشوكولاتة المستدامة
ووفقا للمتحدث باسم الهيئة الحكومية المعنية بتنظيم إنتاج الكاكاو في غانا فإن الهيئة تسعى للحفاظ على المساحات المزروعة بالكاكاو وزيادة حجمها لذلك فهي تضع مسالة رفاهية المزارعين وتحسين أوضاعهم في مقدمة أولوياتها. وطالب المتحدث شركات الشوكولاتة وتجار الكاكاو إظهار الالتزام بتحسين دخل المزارعين من أجل الحفاظ على الإنتاج.
من جانبها تدافع شركات إنتاج الشوكولاتة متعددة الجنسيات عن موقفها؛ وتقول إنها تستشعر أوضاع المزارعين وتعمل على مساعدتهم حيث نفذت خلال السنوات الماضية خطة استثمرت فيها 500 مليون دولار للعمل على استدامة زراعة الكاكاو ودعم المزارعبن في غرب إفريقيا؛ مشيرة إلى ان العديد من المنظمات المحلية والدولية والشركات العاملة في شراء الكاكاو أو تصنيعه التزمت بضمان زيادة دخل منتجي الكاكاو في غرب افريقيا في سلاسل التوريد الخاصة بهم.
ويحذر نابولين فوشيني المحلل الاقتصادي في ثري نيوز في العاصمة الغانية اكرا من أن التراخي في تحسين أوضاع المزارعين سيزيد من نزعة التحول إلى أنشطة أخرى أكثر ربحية.
ويرى أن الاسعار الحالية لا تتناسب مع أهمية المنتج وأسعاره العالية في الأسواق العالمية وكونه العنصر الرئيسي لصناعة الشكولاتة ذات الرواج العالمي الكبير.
ويقول فوشيني لموقع سكاي نيوز عربية "أحوال المزارعين لن تتحسن إلا عندما يدفع لهم ما يستحقونه سوف يستمرون في الغرق في الفقر والبؤس في ظل الأسعار الحالبة". ويوضح "بينما يرتفع سعر الكاكاو في العالم على مر السنين؛ يستمر المزارعون في كسب أجر زهيد مقابل عرقهم".
ويشير فوشيني إلى أن الافتقار لدعم الخدمات الإرشادية وارتفاع تكلفة المدخلات وضعف الأسعار المقدمة للمنتجين كلها اسباب تجعل الحفاظ على زراعة الكاكاو امرا مكلفًا؛ مما يدفع العديد من المزارعين لقطع أشجار الكاكاو وبيع مزارعهم أو تأجيرها لعمال مناجم الذهب غير القانونيين أو المغامرة بالدخول في قطاعات أكثر ربحية مثل زراعة المطاط.