هل يصبح الاعتماد على المعادن أساس التحول البيئي؟
14:09 - 26 أكتوبر 2022بعد حوالى قرن على توترات جيوسياسية حول الحصول على النفط، يخشى خبراء أن يخلق التحوّل إلى تنويع مصادر الطاقة، اعتمادا جديدا على الدول المصدرة لمعادن أساسية تستخدم في صناعات منخفضة الكربون، لا سيما في أوروبا.
ما هي المعادن اللازمة للتحول البيئي؟
يوصل الكوبالت والنيكل والمنغنيز والليثيوم الكهرباء في بطاريات السيارات. تستخدم فلزات الاتربة النادرة (نيوديميوم وبراسيوديميوم وديسبروسيوم...) في الأقراص الصلبة أو المغناطيس الدائم لتوربينات الرياح. يوصل النحاس والألمنيوم الكهرباء بشكل عام. يستخدم البلاتين لتفعيل الهيدروجين.
وتسمح هذه المعادن لقطاعات الصناعة والإلكترونيات والنقل والطاقة بالاستغناء عن الهيدروكربونات، ووقف انبعاثات غازات الدفيئة التي ترفع درجة حرارة الكوكب.
وأفاد تقرير أعدته مجموعة ماكنزي للاستشارات الاستراتيجية نشر مطلع العام 2022، أن المعادن ستكون "في قلب الجهود المبذولة للتخلص من الكربون وكهربة الاقتصاد فيما نبتعد عن الوقود الأحفوري".
وستصبح المعادن بأهمية الفحم للمحركات البخارية في القرن التاسع عشر أو النفط في القرن العشرين.
- ما الذي يجب تحقيقه لتحقيق الحياد الكربوني في 2050؟
وفقا للوكالة الدولية للطاقة، قد يتزايد الطلب العالمي على المعادن الحيوية أربع مرات بحلول العام 2040 إذا امتثل العالم لالتزامات اتفاق باريس للمناخ.
ومن أجل ذلك، سيكون من الضروري إنتاج معادن أكثر مما أنتجته البشرية عبر تاريخها من الآن حتى العام 2050 وفقا لتقديرات أوليفييه فيدال من معهد علوم الأرض في غرونوبل الفرنسية.
وفي هذا الصدد، هناك رؤيتان متعارضتان: يتوقع البعض نقصا في المعادن فيما يؤكد بعض آخر أن التطور التكنولوجي وإعادة التدوير سيساهمان في دعم زيادة الإنتاج.
وبحسب دراسة أجرتها جامعة لوفان، فإن أوروبا ستواجه "نقصا حادا في السنوات الـ 15 المقبلة" في المعادن، خصوصا في الليثيوم والكوبالت والنيكل والنحاس وفلزات الأتربة النادرة.
وستتمكن القارة الأوروبية التي تستورد موادها الحيوية بشكل شبه كامل، من تغطية ما بين 5 و55 بالمئة فقط من حاجاتها في العام 2030، لكن لديها موارد غير مستغلة مثل الكوبالت والغاليوم والجرمانيوم والليثيوم، وفق التحالف الأوروبي للمواد الخام (إرما)، شرط أن تُمنح "تصاريح تعدين" على ما أوضح رئيسه بيرند شايفر. وأطلقت مشاريع تعدين جديدة لليثيوم من بينها الاثنين في فرنسا من جانب مجموعة "إيميريس".
وفتحت الولايات المتحدة أخيرا أول منجم للكوبالت منذ عقود في ولاية أيداهو. يريد مصنعو السيارات مثل "تسلا" الدخول مباشرة في تمويل مشاريع التعدين.
من هي الدول المنتجة؟
يهيمن على سوق الكوبالت لاعب رئيسي واحد على كل من طرفَي سلسلة الإنتاج: تمثل جمهورية الكونغو الديموقراطية 70 بالمئة من الإنتاج العالمي فيما تغطي الصين أكثر من 50 بالمئة من عمليات التكرير.
وتمثل جنوب إفريقيا 37 بالمئة من إنتاج المنغنيز العالمي وغينيا 22 بالمئة من البوكسيت (الذي يستخدم في صناعة الألمنيوم).
أما بالنسبة إلى الليثيوم، فإن الدول المنتجة الرئيسية هي أستراليا وتشيلي والأرجنتين، فيما تملك بوليفيا أكبر احتياطات غير مستغلة.
ما هي الأخطار الجيوسياسية المحيطة بهذه المعادن؟
أوضح فيليب فارين مؤلف تقرير حول إمداد الصناعة الفرنسية بالمواد الخام المعدنية أن "مثلث النفط والغاز - السعودية وروسيا والولايات المتحدة - يحكم العالم منذ أربعين عاما. وهو احتكار يفسح المجال تدريجا لثنائية قطبية بين الولايات المتحدة والصين، وهما مستخدمان رئيسيان لمعادن نقل الطاقة".
في إفريقيا ومناطق أخرى، سيطرت الصين وشركاتها على "40 بالمئة من سلاسل القيمة للمعادن اللازمة لتصنيع البطاريات. وسيؤدي هذا التغيير في المشهد الجيوسياسي إلى توترات مرتبطة بالمعادن" كما أضاف، داعيا إلى تطوير "دبلوماسية المعادن" من أجل إنشاء "شراكة مع الدول الغنية بالموارد".
وأشار إيمانويل هاش الباحث في مركز "إي إف بي إينيرجي نوفيل" إلى أن المواد الأولية الاستراتيجية "قد تكون موضوع مواجهة بين الصين والولايات المتحدة في السنوات المقبلة".
وأكد دليل "سيكلوب" السنوي للمواد الخام أنه "في بداية النزاعات نجد دائما المواد الخام في خط المواجهة" رابطا على سبيل المثال الانقلاب في غينيا عام 2021 باستغلال البوكسيت.