جنوب إفريقيا: مقاطعات كبرى بلا مياه رغم امتلاء السدود
12:03 - 22 أكتوبر 2022تعاني المدن الرئيسية في مقاطعة غوتنغ، قلب جنوب إفريقيا الاقتصادي، من نقص كبير في مياه الشرب، ففي جوهانسبرغ وتشواني جفت صنابير المياه، حيث تعاني العديد من المناطق من الإمداد المتقطع، بينما لا توجد مياه على الإطلاق في بعض المناطق الأخرى.
في المدن الحضرية، جوهانسبرغ وتشواني وإكورهوليني، يتأثر جميع السكان، بعدما فرضت مؤسسة مياه الشرب «رند ووتر»، قيودا قلصت بموجبها الإمدادات بنسبة 30%، وكان آخر إغلاق للمياه في نوفمبر 2021 عندما قطعت المؤسسة الحكومية المياه لمدة 54 ساعة حتى تتمكن من صيانة البنية التحتية، وهي القيود التي تكررت سابقا حينما جرى فرض قيود مماثلة رغم الجفاف خلال سنوات 2015-2017.
أسباب نقص المياه
حسب ورقة بحثية لـThe Conversation AFRICA، وهو مشروع بحثي ممول من جامعات كيب تاون وجوهانسبرغ وبريتوريا، تُعد المقاطعة نموذجا مثاليا لكيفية تعرض منطقة ما لنقص المياه والإمداد المتقطع رغم امتلاء السدود، وتكمن المشكلة الأكبر في البنية التحتية المتهالكة، بما يشمل تخزين المياه وإمداداتها ومعالجتها، بالإضافة إلى الموارد المائية التي تدار بشكل سيء، نتيجة للتخطيط الرديء، ونقص التمويل اللازم لتجديد وصيانة البنية التحتية المتقادمة ومواكبة التوسع الحضري السريع.
تعتبر البنية التحتية للمياه والصرف الصحي في «جوهانسبرغ» قديمة، حيث تعود بعض أنابيب المياه إلى ما يقرب من قرن من الزمان، بالإضافة إلى ذلك، كان هناك نمو هائل في تعداد السكان، حيث زاد عدد سكان المقاطعة إلى ما يزيد قليلا على 16 مليونا، من 12 مليونا في عام 2011، حسب الورقة البحثية.
ترى مؤسسة مياه الشرب بجنوب إفريقيا «رند ووتر» أن ارتفاع استهلاك المياه هو المسؤول عن النقص الحالي، وتشير تقديراتها إلى أن استهلاك المياه في «غوتنغ» للفرد يوميا يزيد على 300 لتر، وهو أعلى بكثير من المتوسط العالمي البالغ 173 لترا، والأهم من ذلك، أن هذا التقدير يشمل المياه التي فقدت قبل أن تصل إلى المستهلك.
لسوء الحظ، تجد مقاطعة غوتنغ نفسها في عاصفة كاملة من إمدادات المياه المتقطعة الرئيسية بسبب انقطاع التيار الكهربائي المستمر، ودرجات الحرارة المرتفعة التي تؤدي إلى استخدام المياه فوق المتوسط، بالإضافة إلى الخسائر الكبيرة المستمرة في المياه من خلال انفجار الأنابيب والتسريبات الكبيرة بسبب البنية التحتية المتداعية، وهو ما يجعل هناك حاجة ملحة لوضع المياه على رأس جدول أعمال البلاد، حيث تتصاعد مشاكل نقص إمداداتها بشكل سريع.
البنية التحتية
تعتبر جودة البنية التحتية للمياه في جنوب إفريقيا أقل من المتوسط وتتدهور مقارنة بالدول المماثلة مثل نيجيريا وزامبيا، وهناك عدد من العوامل التي أسهمت في الوضع الحالي، من بينها رداءة نوعية البنية التحتية، ويعزى ذلك إلى عدم كفاية التخطيط طويل الأجل، وتقنيات ومواد البناء السيئة، فضلا عن سوء صيانة البنية التحتية القائمة.
في تقرير له، يخلص معهد جنوب إفريقيا للهندسة المدنية إلى أن البنية التحتية للبلاد كانت في خطر بسبب انخفاض درجتها الإجمالية، كما كانت إدارة الاستهلاك سيئة، فجنوب إفريقيا بلد شحيح المياه، ومع ذلك، يقدر متوسط استخدام المياه للأغراض المنزلية بنحو 237 لترا للفرد في اليوم، أي 64 لترا أعلى من المعيار الدولي البالغ 173 لترا للفرد في اليوم، وفق الورقة البحثية.
معدلات الاستهلاك
يُعزى التقرير، الاستهلاك المرتفع جزئيا إلى ارتفاع المياه غير المدرة، وهذا يعني أن 41% من المياه تُفقد تسربا بسبب سوء تشغيل وصيانة البنية التحتية القديمة للمياه الحالية، والخسائر التجارية الناجمة عن التلاعب بالعدادات أو أشكال أخرى من سرقة المياه، وأخيرًا، الاستهلاك المصرح به غير المصرح به مثل مكافحة الحرائق.
النقص الكبير في التمويل منذ عقود، أحد الأسباب التي يوردها التقرير، مشيرا إلى أن ذلك دفع نحو اضمحلال البنية التحتية وانهيارها في بعض الحالات، بينما بلغ الإنفاق الحكومي على البنية التحتية ذروته في الستينيات إلى أواخر السبعينيات فقط، ثم حدث انخفاض مطرد من عام 1977، وفي عام 2000، وصل إنفاق البلاد على البنية التحتية إلى أدنى مستوى له منذ 40 عامًا، وصدرت تحذيرات بشأن حالة البنية التحتية للمياه والصرف الصحي.
نصائح فنية
ينصح التقرير بضرورة مراعاة الخطوات التالية لمحاولة ضمان استمرار إمدادات المياه المناسبة، أولها توفير ميزانية مناسبة على الفور لمعالجة المجالات ذات الأولوية، عبر تخصيص ميزانية رأسمالية متعددة السنوات بهدف استبدال أنابيب المياه والصرف الصحي، وتحديث البنية التحتية لتخزين المياه، وبرنامج أعمال معالجة مياه الصرف الصحي، وأخيرًا، إصلاح وصيانة البنية التحتية القديمة.
كما تحتاج البنية التحتية المتداعية إلى التحديث والصيانة المناسبة، حيث أسهم نقص الصيانة في تسرب الأنابيب والبنية التحتية المعيبة التي تحتاج الآن إلى الإصلاح على وجه السرعة، لأنها تسهم في خسائر المياه الكبيرة، مع تحفيز استثمارات القطاع الخاص في البنية التحتية للمياه جنبًا إلى جنب مع تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص.