خبير يجرب بذورا مقاومة للجفاف في مزرعة بالناظور المغربية
09:25 - 22 أكتوبر 2022استدعت الأزمة المائية التي يشهدها المغرب، والتي استنفرت الدولة ككل، تظافر جهود الباحثين في مجال التدبير المائي والزراعي، للعمل ميدانيا على إيجاد حلول مبتكرة ومستدامة، على غرار تطبيق حلول زراعية مقاومة للجفاف في مزرعة نموذجية بمدينة الناظور شمالي شرق المملكة.
ويقود الأستاذ في الكلية متعددة التخصصات بالناظور، والمتخصص في التكنولوجيا الحيوية الزراعية، كمال أبركاني، فريقا من الطلبة الباحثين، في إجراء تجارب علمية تطبيقية على بذور باذنجان مقاومة للجفاف وأقل استهلاكا للماء، لتعميم التجارب على أنواع أخرى من الخضراوات والحبوب.
وفي تصريحه لـ"موقع سكاي نيوز عربية"، أوضح أبركاني أن "المشروع الأورو-إفريقي الذي أطلق عليه اسم "C4CFOSC"، واعتمد سنة 2020 ويشمل 5 دول من بينهم المغرب، يعمل على اختبار بذور المنتجات الزراعية للأرز والحبوب والباذنجان التي تعمل مختبرات إيطالية وتركية على تطويرها".
بذور مقاومة للجفاف
وقال المتحدث ذاته: "في المغرب، تحديدا في مزرعة نموذجية بمدينة الناظور، اخترنا تجربة بذور الباذنجان لمعرفة مدى مقاومتها للحرارة والجفاف، في ظل هذه الظروف المناخية والبيئية الموجودة في شمال شرق المغرب، إذ نجرب زراعة هذه البذور مع تقليص السقي بنسبة 50 في المئة من المياه، ثم نرصد مجموعة من المتغيرات الفيزيولوجية وانتظار المحصول النهائي من المنتج الزراعي".
وأضاف المتخصص في التكنولوجيا الحوية الزراعية، أن "نتائج التجارب كشفت أن هناك أصنافا من الباذنجان، بالرغم من تقليص سقيها بالماء بنسبة 50 في المائة مع درجة حرارة تصل أحيانا إلى 42 درجة، إلا أن إنتاجها لم يتغير، بل إن هذا الانتاج ينافس نفس المنتج المحصّل من البذور التسويقية.
في المحصلة، "نرصد ونراقب هذه البذور في سياق مجال محدد، مع محاولة فهم التحولات الكيميائية والبيولوجية المحدثة على البذور لمعرفة كيفية مقاومتها للجفاف، وبالتالي نجاح هذه المشروع، قد يمكننا، بمساعدة المختبرات السابق ذكرها طبعا، من الاشتغال على بذور منتجات زراعية أخرى"، يردف ذات المصدر.
لأجل تجاوز أزمة الماء
ويعتقد أبركاني أن "الملائمة الجينية للمنتجات الزراعية هي حل من الحلول لتجاوز أزمة الماء التي يعاني منها المغرب، على اعتبار أن أغلب البذور المستوردة في السنوات الماضية، قبل أن يشهد المغرب جفافا، كانت تتميز بمقاومة الأمراض والحشرات، أو كانت تقترن بالجودة أو الشكل، أو بمتطلبات السوق الاستهلاكية أو التصديرية، ولكنها لا تقاوم الجفاف".
لهذا ووفقا لأبركاني "فالتغيرات المناخية والاحتباس الحراري، يستدعيان مسارعة المغرب إلى استيراد بذور مختارة مقاومة للجفاف بالنظر إلى فعاليتها، أو بذور مختارة تزرع في أوقات لا تعرف ارتفاعا في درجات الحرارة ولا تحتاج إلى كثرة السقي والماء".
ويقترح أبركاني "الاشتغال على التطوير الجيني للبذور المغربية الأصيلة، من أجل إنتاج بذور مغربية أصيلة تتعايش مع الجفاف وتعطي إنتاجا جيدا، لأنه من خلال تقنية الفرز الجيني للبذور يمكن تطوير بذور تتعايش مع الجفاف وقلة المياه، وبالتالي يمكن إجراء اختبارات على بذور مختارة أخرى وعلى أصناف أخرى".
واقترح أيضا "أن تشتغل الشركات المستوردة لمختارات وأصناف من البذور في هذا الاتجاه، وأن تضع الحكومة استراتيجية مع هذه الشركات للعمل في البحث العلمي التطبيقي للعمل وتطوير البذور المقاومة للجفاف".
وعلى هذا الأساس يضيف أبركاني: "أعتقد أن المشروع مهم جدا بالنسبة للمغرب، خصوصا أن السياسات الجديدة التي ركز عليها العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطابه خلال افتتاح البرلمان، تدعو إلى إيجاد آليات لمواجهة الجفاف في المملكة".
ومن بين هذه الآليات المهمة المقترحة اليوم وفق أبركاني "ما يتعلق أيضا بالفرز الجيني للبذور، التي أظن أن وزارة الفلاحة ستبرمجها ضمن حلول تجاوز أزمة الماء والجفاف".
مبادرة مستدامة وجيدة
في تعليقه على المشروع اللافت، يرى أستاذ علوم المياه بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، فؤاد عمراوي، أنه "يجب تشجيع أي مبادرة تتوخى تجاوز أزمة المياه التي تعرفها المملكة، خصوصا بالنسبة للمزارع نفسه الذي سيقلل من كمية مياه الري، ما سيمكنه من استدامة مشروعه الزراعي".
وأشار عمراوي، في حديثه لـ"موقع سكاي نيوز عربية"، إلى أنه من الضروري "تجنب زراعة النباتات التي تستهلك نسبة كبيرة من المياه في المناطق التي تعرف فقرا مائيا".
واعتبر المصدر ذاته، أنه "يمكن للحكومة تقديم دعم لتطوير المحاصيل، على أساس أن يكون لكل منطقة تخصص زراعي وفق ما يناسب إمكانياتها المائية".
كما نبه أستاذ علوم الماء، إلى أنه فعلا "على مستوى الحبوب تُختار بذور للاستخدام في مناطق معينة بهدف مقاومة الإجهاد المائي"، مشددا على أن "البحث العلمي في هذا المجال، يجب أن صاحب كل هذه الجهود للتكيف بشكل أفضل مع وضعية تغير المناخ الذي يتجه بالمنطقة إلى الجفاف".