بانتظار حكومته الجديدة.. جدل التحاصص الوزاري يحتد في العراق
15:57 - 21 أكتوبر 2022فيما يترقب العراقيون بعد عام من الانسداد السياسي، موعد عقد جلسة تقديم رئيس الوزراء العراقي المكلف محمد شياع السوداني، لتشكيلة حكومته الوزارية أمام البرلمان لمنحها الثقة، أعلن الإطار التنسيقي في بيان عن تفويض السوداني، اختيار الوزارات من حصة الإطار، واستثناء حقيبتي الداخلية والدفاع من المحاصصة.
وجاء في البيان أن: "الإطار التنسيقي فوض السوداني بالاختيار بين المرشحين أو اقتراح آخرين جدد"، وأنه "تم تفويض رئيس الوزراء المكلف أيضا بتدوير الوزارات بين المكونات أو داخل المكون، واستثناء وزارات الداخلية والدفاع من المحاصصة وترشيح شخصيات مدنية أو عسكرية، بما يضمن تحقيق حكومة خدمة فاعلة تتفق مع البرنامج الوزاري".
موقف السوداني
أصدر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي المكلف، الجمعة، توضيحا جاء فيه أنه "إشارة إلى بيان الإطار التنسيقي، نؤكد أن الاتفاق بين الكتل السياسية المكونة للإطار يتضمن منح الفرصة أمام كل كتلة لطرح مرشحيها لكل الوزارات".
وأضاف البيان: "ويترك أمر اختيار المرشحين لشخص رئيس الوزراء المكلف، بناء على الكفاءة والنزاهة والقدرة على إدارة الوزارة، وفقا للأوزان الانتخابية لكل كتلة".
يرى مراقبون أن المحاصصة الوزارية هي أمر واقع يفرضه كون الحكومة المقبلة توافقية بين المكونات الرئيسية الثلاث، الشيعة والسنة والأكراد، وهو ما لن يغيره الحديث عن طرح جملة مرشحين لشغل هذه الوزارة أو تلك والانتقاء من بينهم، معتبرين طرح الإطار لهذا الأمر كما وأنه التفاف كلامي وشعاراتي على واقع المحاصصة السائد.
معايير تكنوقراطية
فيما يرى آخرون أن السعي نحو تخفيف وطأة مبدأ المحاصصة وتحسين شروط تطبيقه، عبر وضع معايير تكنوقراطية مثلا في عملية اختيار الوزراء وخاصة في الوزارات الأمنية والخدمية الحساسة مثل الداخلية والصحة والكهرباء وغيرها، هو خطوة ضرورية للخروج من حلقة حكومات التحاصص المفرغة، التي أثبتت فشلها وفقهم في معالجة ما يعانيه العراق من أزمات حادة متراكمة .
تجاوز المحاصصة
يقول مازن الزيدي الكاتب والصحافي العراقي، وهو مقرب من رئيس الوزراء المكلف، في حديث مع "سكاي نيوز عربية": "قرار الإطار التنسيقي جاء تأكيدا لمواقفه السابقة بضرورة تجاوزه المحاصصة، وتشكيل حكومة الخدمة الوطنية، فالقرار بهذا المعنى لم يكن مفاجئا بل هو جزء من رؤية متكاملة تم تثبيتها بعد الانتخابات لإدارة المرحلة المقبلة، وفق آليات تضمن إيقاف الانحدار أولا والنجاح للحكومة الجديدة ثانيا".
ويضيف الزيدي: "بقراره تخويل رئيس الحكومة اختيار الوزراء وتدوير الوزارات بين مرشحي القوى السياسية، سيكون الإطار التنسيقي فتح الباب أمام مغادرة المحاصصة ووجه ضربة لشبكات الفساد التي عشعشت في مفاصل الدولة".
مستدركا: "الكرة الآن في ملعب القوى الكردية والسنية بتعزيز خطوة الإطار التنسيقي هذه، ومنح رئيس الوزراء المكلف الحرية باختيار وزرائه وعدم فرض وجوه قديمة وتوزيع الحقائب وفق رؤيته، فإخراج حقيبتي الدفاع والداخلية من نظام المحاصصة، كما قرر الإطار، يمثل نقلة نوعية بإدارة الدولة ويفتح الباب أمام إصلاحات جذرية في الملف الأمني وتطوير القوات المسلحة".
وأضاف: حقيبتا الداخلية والدفاع سيختار رئيس الحكومة بنفسه من يشغلهما ممن يقتنع بقدرتهما وكفائتهما، بمعزل عن الخلفية السياسية لكن ذلك لا يعني بالطبع عدم التشاور مع الأطراف المعنية، ولا يعني أن حقيبة الدفاع ستذهب لغير المكون السني.
جدل المحاصصات
يقول الباحث السياسي العراقي رعد هاشم، في لقاء مع "سكاي نيوز عربية": "حينما تطول فترة التفاهمات بين السياسيين لسنة كاملة مستخفين بإرادة الشعب ومصالح البلد، فلا غرابة أن تشهد عملية تشكيل الحكومة بالعراق تسويفا وخلافات على تقاسم الوزارات، حيث جدل المحاصصات التي تخالف أي نص دستوري، وقد اعتادت الكتل السياسية تمرير ذلك وفق سياق الإرضاءات التي تعتمد المزاجيات السياسية".
ويختم هاشم: "واضح أن الكتل الأخرى وخاصة التي تمثل السنة والأكراد، ستكون مشاركتها محدودة وتأثيرها هامشيا في الحكومة القادمة التي يديرها الإطار، وبهذا يختل التوازن السياسي والوطني ناهيك عن الحكومي، ما سيخلق أزمات ومشاكل جمة تنعكس على طبيعة إدارة البلاد، سيما أن المراحل السابقة خلفت جملة من التناقضات والملفات الخلافية المرحلة والمفتوحة على كل خيارات المواجهة، ولم يعد الوضع يحتمل مزيدا من تراكم القضايا الخلافية والمتناقضات وحالات الغبن والإقصاء، جراء سلوك الهيمنة السياسية، الذي يحاول الإطار ممارسته مرة أخرى".
بين العرف السياسي والنص الدستوري
من جهته يقول محمد السامرائي المستشار والخبير القانوني العراقي، في حديث مع "سكاي نيوز عربية": "تخويل الاطار التنسيقي للسوداني اختيار الوزراء صحيح أنه يتعلق بالإطار بالدرجة الأولى، ولا يشمل الوزارات التي هي من حصة المكونات الأخرى، لكنه كما يبدو ليس تخويلا كاملا بل هو محصور في إطار اختيار واحد من 3 أو 5 مرشحين يقدمهم الإطار لكل وزارة، وهذا ليس بالشيء الجديد تماما، فقد تم الإعلان عن هذا ببداية التكليف، لكن الآن يمكن أن يتوسع الأمر لاستبدال الوزارات بين الكتل بتوصية من رئيس الوزراء المكلف، وموافقة الكتل التي سيحتاج تصويتها في جلسة منح الثقة لتشكيلته الوزارية".
ويضيف السامرائي : "استثناء وزارتي الدفاع والداخلية من المحاصصة من الناحية الدستورية لا يوجد ما يمنعه، ولكن الواقع يقول غير ذلك، فهو أمر صعب تطبيقه من الناحية السياسية، حيث أن هاتين الوزارتين درج العرف على إسناد إحداهما للمكون الشيعي والأخرى للمكون السني، وذلك لاعتبارات مرتبطة بالأوضاع والحسابات الأمنية في عام 2005، حينما بدأ تقسيم الحصص الحكومية، وعبر هذا التوزيع لأهم وزارتين أمنيتين بين الشيعة والسنة، واستمر الأمر على هذه الشاكلة وبات عرفا سياسيا، وعادة ما تكون مثل هذه الأعراف أقوى حتى من النصوص الدستورية في التطبيق".