تأثيرات "كبيرة" لأحدث موجة جفاف في القرن الإفريقي
22:06 - 18 أكتوبر 2022تتسع مخاطر رقعة موجة الجفاف الحالية في بلدان القرن الإفريقي، الناجمة عن التغيرات المناخية المتسارعة، والتي من المتوقع أن تطال تأثيراتها المباشرة أكثر من 40 مليون شخص من سكان المنطقة وتؤدي إلى نفوق مئات الآلاف من الماشية والحيوانات البرية.
ويعود السبب الرئيس في التسارع الحالي لموجة الجفاف للتغيرات المناخية الناتجة عن التعامل غير الرشيد مع البيئة.
كما أن تراكم غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو يرفع من درجة الحرارة، الأمر الذي يخل بالتوزان الطبيعي بين درجة الحرارة والضغط الجوي وتكثيف بخار الماء وحركة الرياح.
ويدخل القطع الجائر للغابات والرعي الجائر لنباتات المراعي من ضمن العوامل الرئيسية التي تؤثر سلبا على حالة المناخ.
كيف يمكن إنقاذ سلة الغذاء العالمي من التصحر؟
أبرز المخاطر
ويبرز خطر المجاعة كأحد أكثر المخاوف المرتبطة بموجة الجفاف في المنطقة. ووفقا لتقارير لجنة الإنقاذ الدولية المتخصصة في رصد ودرء الكوارث الطبيعية، فإن ثلاث من دول القرن الإفريقي وهي إثيوبيا وكينيا والصومال تعتبر موطنا لـنحو 70 في المئة من الأشخاص الأكثر معاناة من انعدام الأمن الغذائي في العالم.
وهناك الكثير من التداعيات الاقتصادية المتوقعة للموجة الحالية والتي يمكن تلخيصها في فشل الموسم الزراعي، وضعف المردود العلفي من المراعي الطبيعية، الأمر الذي سيؤدي إلى نفوق الحيوانات.
ومن التداعيات الاجتماعية المحتملة، حدوث انخفاص حاد في مدخول المزارعين والرعاة وبالتالي انتشار الفقر وما يتبعه من نزوح وسوء تغذية بجانب ترك الأطفال للمدارس والعمل في مهن هامشية لدعم ميزانية أسرهم.
ويقود تكرار موجات الجفاف إلى التصحر وهذا يمثل قمة الكارثة، حيث تفقد التربة خصوبتها وتجرفها الرياح ويمكن أن تجرفها المياه في حالة وجود سيول.
ماذا يقول المختصون؟
يؤكد عبدالرحمن عبد الشكور، المبعوث الصومالي الرئاسي الخاص بالاستجابة للجفاف، أن موجة الجفاف الأخيرة أدت إلى تدمير موارد ومصادر دخل الكثير من الرعاة والمزارعين والسكان المحليين في العديد من المناطق.
ويقول عبد الشكور، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن تزامن موجة الجفاف الحالية مع اضطراب إمدادات الحبوب والوقود بسبب حرب أوكرانيا زاد من مخاطر الجوع في الصومال، التي تستورد نحو 75 في المئة من احتياجاتها من الحبوب من أوكرانيا.
ويشير عبد الشكور إلى التداعيات الكارثية الناجمة عن اتساع رقعة الجفاف وندرة المياه، والتي برزت ملامحها في ارتفاع معدلات النزوح وزيادة أعداد المعرضين لخطر المجاعة، خصوصا في المناطق الريفية والزراعية.
ووفقا لعبدالشكور، فإن المناطق الحضرية لم تنجو أيضا من تبعات موجة الجفاف، حيث تأثرت أنشطة العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة.
ويرى المتحدث ذاته أن مواجهة آثار موجة الجفاف الحالية يتطلب إعطاء أولوية لتوفير الأغذية والأدوية المنقذة للحياة للتخفيف من الخسائر الجماعية المحتملة في الأرواح، وهو ما يتطلب الوصول إلى شراكات إقليمية ودولية في مجال الاستثمارات قصيرة وطويلة الأمد خصوصا في مجال الأمن الغذائي والزراعة المستدامة والتكنولوجيا والبنية التحتية والطاقة الخضراء وإدارة المياه.
من جهته، يوضح هاشم محمد الحسن، المستشار في مجال الموارد الطبيعية، أن منطقة القرن الإفريقي تعتبر هشة وتتأرجح معدلات أمطارها في الغالب دون المعدل السنوي المتعارف عليه.
ويقول الحسن لموقع "سكاي نيوز عربية" إن الجفاف ظاهرة طبيعية تحدث من فترة إلى أخرى، مضيفا "بالنسبة للسودان تلاحظ أن مدة الدورة عشر سنوات تقريبا؛ أما بالنسبة للقرن الماضي تكررت موجات الجفاف في السبعينيات الثمانينيات والتسعينيات".
هذا ويقول ديفيد ميليباند، الرئيس التنفيذي للجنة الإنقاذ الدولية، إن المجتمع الدولي مطالب بتقديم الدعم اللازم لدول المنطقة لضمان عدم تكرار مأساة موجة الجفاف السابقة، والتي أودت بحياة عشرات الآلاف وأثرت على مداخيل الملايين من السكان.
ومن المتوقع حدوث ارتفاع كبير في عدد الأطفال المعرضين لسوء التغذية الحادة خصوصا في المناطق الشمالية من كينيا وبعض مناطق إثيوبيا والصومال، التي يقدر أن يعاني 54 في المئة من أطفالها من تلك المشكلة بحلول العام المقبل.
ويشدد ميليباند على ضرورة تسريع التدخل الدولي وتوفير المزيد من الدعم، موضحا "منطقة شرق إفريقيا معرضة بشكل فريد لانعدام الأمن الغذائي بسبب أسوأ موجة جفاف منذ عقود في حين لا تزال تكافح للخروج من الأزمات الاقتصادية الناجمة عن موجة وباء كوفيد-19 الذي ضرب العالم خلال العامين الماضيين".