لـ 5 أسباب.. تجربة كوريا الشمالية المقبلة تثير قلق واشنطن
20:35 - 06 أكتوبر 2022يتأجج الوضع في شبه الجزيرة الكورية، يوما بعد الآخر، في ظل إجراء كوريا الشمالية، لتجارب صاروخية متلاحقة، وسط مخاوف من الانزلاق إلى مواجهة عسكرية واسعة النطاق.
وبحسب تحليل في مجلة "ناشنال إنتريست"، فإن التجربة النووية المقبلة لكوريا الشمالية فيها ما يدعو إلى القلق، بينما يئن العالم بالفعل تحت وطأة الحرب الدائرة في أوكرانيا.
وأجرت كوريا الشمالية تجربة لصاروخ بعيد المدى حلق فوق أراضي اليابان، بينما يتوقع خبراء أن تجري البلاد الشيوعية المعزولة تجربتها النووية السابعة عما قريب.
وفي حال أقدمت بيونغيانغ على هذه الخطوة، فإن ذلك سيكون جزءا من حملة عسكرية متواصلة لكوريا الشمالية منذ ستة أشهر، حيث شهدت عشرات التجارب الصاروخية.
وجرت هذه التجارب الصاروخية، بينما اشتدت لهجة كوريا الشمالية "المتشنجة" تجاه الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين.
الأسباب الخمسة
يقول الباحث في شؤون الدفاع بمعهد "هيدسون"، بيتر هويسي، إن كوريا الشمالية صارت قوة نووية بالفعل منذ فترة، لكن ثمة خمسة أسباب تدفع لأخذ هذا التطور الأخير على محمل الجد من قبل الولايات المتحدة وحليفتها سيول.
يشرح الباحث السبب الأول الذي يدعو إلى القلق، قائلا إن كوريا الشمالية تستخدم الأسلحة النووية بمثابة حصن رادع، حتى تتصرف كما يحلو لها وتقوم بأعمال مألوفة لدى "الدول المارقة" مثل الإرهاب.
وأضاف أن تقدم القدرات النووية لكوريا الشمالية يعني تعزيز نفوذ الزعيم كيم جونغ أون، وتشديد قبضته على السلطة، بينما يتصرف حاليا دون محاسبة ولا مساءلة.
يتابع الباحث هويسي، في سبب ثان، أن التجارب الصاروخية والنووية تؤدي دورا ماديا أيضا، لأنها بمثابة "مورد تكنلوجي" يدر المال عن طريق بيع التقنيات إلى دول مثل إيران تسعى إلى تطوير منظوماتها الباليستية.
وفي مستوى ثالث، يقول الخبير إن كوريا الشمالية تحصل على جزء مهم من النقد الأجنبي، عن طريق شركات ذات نشاط إجرامي موجودة في الخارج، لا سيما المختصة في التزوير والمخدرات .
يضيف المصدر أن هذه السيولة من النقد الأجنبي تمر عبر الصين، ثم تصل إلى النخبة الحاكمة في كوريا الشمالية.
ولهذا السبب، تسخر كوريا الشمالية تهديداتها النووية من أجل الردع، وإبعاد أي طرف يحاول التدخل لأجل وقف ممارسات بيونغيانغ، بحسب الخبير.
في النقطة الرابعة، استطرد الباحث أن كوريا الشمالية تبيع أسلحة لكل من روسيا وإيران، بينما قد تحصل في المقابل على تكنلوجيات نووية عالية القدرة، مثل تقنية النبض الكهروميغناطيسي النووي، وهي نوع من الهجمات، إضافة إلى تطوير صواريخ عالية الدقة.
يرجح الخبير أن يكون المقابل الذي تقدمه إيران هو النفط، إضافة إلى نصيب من النقد الأجنبي الذي يحتاجه نظام كوريا الشمالية بشدة، حتى يلتف على العقوبات الأجنبية.
وخامسا، يرى هويسي أن كوريا الشمالية تقوم بهذه التحركات بإيعاز الصين، حتى تظل الولايات المتحدة وحلفاؤها في حالة انشغال وانهماك بما يقع في شمال غربي آسيا.
ويضيف الخبير أنه ما دامت كوريا الشمالية تصدر هذه التهديدات النووية، فإن الولايات المتحدة تظل غير قادرة على تسخير كل الانتباه والمقدرات لأجل حماية تايوان من تدخل عسكري صيني محتمل.
ولدى حديثه، عن طبيعة التهديد النووي المحتمل لكوريا الشمالية، يقول الخبير إن بيونغيانغ قد تتطلع إلى تطوير أسلحتها النووية بما يستطيع بلوغ جزيرة غوام الأميركية غربي المحيط الهادئ على بعد آلاف الكيلومترات.
ويرجح هويسي أن تجرب كوريا الشمالية صاروخا نوويا صغيرا، في مسعى لتأكيد قدرتها على إطلاق صواريخ باليستية من البحر، وهذا الأمر يصب في إطالة عمر النظام الحاكم في كوريا الشمالية.
عودة إلى التوتر
وتأتي العودة إلى هذه الأجواء المشحونة، فيما كانت إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، تراهن على نهج الديبلوماسية لأجل تسوية أزمة شبه الجزيرة الكورية بشكل نهائي.
وأجرى ترامب قمتين مع الزعيم كيم جونغ أون، أولاهما في سنغافورة في يونيو 2018، ثم ثانية في هانوي بفيتنام في فبراير 2019، كما التقى الزعيمان أيضا مرة ثالثة بشكل خاطف في المنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريتين.
لكن قمتي سنغافورة وهانوي، لم تنجحا إلى جانب اللقاء العابر، في الدفع نحو الحل، وذلك بسبب عدم اتفاق البلدين، حول صيغة زمنية لنزع النووي ورفع العقوبات المفروضة على بيونغيانغ.
وعقب الإخفاق، قيل إن كوريا الشمالية كانت تطلب من واشنطن رفع العقوبات الشديدة، قبل أن تقوم بتنازلات، لكن الولايات المتحدة كانت ترفض هذا الأمر.
وقوبلت جهود ترامب بانتقادات في الولايات المتحدة، لا سيما من معسكر الدمقراطيين الذين آخذوه على القيام بـ"خطوات تصالحية" حيال نظام يقولون إنه ضالع في انتهاكات حقوقية جسيمة.
لكن ترامب دافع عن تقاربه مع كيم، في عدد من المقابلات الصحفية، ذاهبا إلى حد وصفه بالصديق، قائلا إنه تمكن من تهدئة الوضع وكبح تجارب بيونغيانغ، فيما كان الرئيس السابق، باراك أوباما، ينظر إلى الملف الكوري كواحد من أكبر مصادر القلق.
وعند مجيء بايدن إلى البيت الأبيض، كان متوقعا أن يتغير نهج التعامل مع كوريا الشمالية، فتراجعت برقيات الود بين واشنطن وبيونغيانغ، وعلا صوت الوعيد من الجانبين.