بعد الخلاف.. هل تفشل أوروبا في وضع سقف سعري للغاز الروسي؟
21:24 - 13 سبتمبر 2022هددت الخلافات الأوروبية بشأن مقترح وضع سقف سعري للغاز الروسي، الوصول إلى اتفاق داخل التكتل، على إثر المخاوف من أن تؤدي تلك الخطوة إلى زيادة حدة نقص الإمدادات قبيل الشتاء المقبل.
ووفق وثيقة مسربة نشرت صحيفة "الغارديان" أبرز بنودها، فمن المنتظر أن يتراجع الاتحاد الأوروبي عن فرض حد أقصى لسعر الغاز الروسي، لكنه يمضي قدما في فرض ضرائب على الأرباح المرتفعة لشركات الطاقة.
وعجزت الدول الأوروبية عن الاتفاق حول مقترح تحديد سقف لأسعار الغاز الروسي، الذي يستهدف وضع مزيد من القيود على الطاقة الروسية، خلال اجتماع وزراء الطاقة في الاتحاد الذي عقد الأسبوع الماضي في بروكسل.
يأتي هذا في خضم تصاعد حدة الأزمة بين روسيا والدول الأوروبية في الأيام الماضية، مع تأكيد موسكو على استمرار وقف إمداداتها من الغاز حتى يرفع الغرب عقوباته الاقتصادية.
ومن المتوقع أن تنشر رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، خطة أوروبا للتعامل مع ارتفاع أسعار الكهرباء عندما تلقي خطابها السنوي عن حالة الاتحاد، الأربعاء.
ووفق "الغارديان" لا يزال ممكنا تغيير النص النهائي، لكن المسودة تكشف شكوك المفوضية في الحصول على دعم كاف من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لخيارها بوضع حد أقصى للغاز الروسي ردا على ما وصفته بتسليح الكرملين للإمدادات.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتن هدد بالفعل بوقف صادرات الطاقة نهائيا إلى أوروبا إذا تم الاتفاق على هذه الخطة.
إيقاف مكاسب موسكو
في حديث خاص لموقع "سكاي نيوز عربية"، قال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، لويس ميغيل بوينو، إن "روسيا تستفيد من عدم اليقين في أسواق الطاقة، ويجب حرمانها من تحقيق مكاسب بعد عدوانها غير المبرر على دولة أخرى، ونعمل مع شركائنا الدوليين من أجل تحقيق هذه الأهداف".
وأضاف "بوينو" إنه "بصفتنا عضوا في مجموعة السبع، فالاتحاد الأوروبي يدعم ضرورة وضع حد أقصى لسعر النفط الروسي على الصعيد الدولي".
وشدد على أن الفكرة المقترحة في الاتحاد الأوروبي لوضع سقف لأسعار الغاز تستهدف حماية المستهلك الأوروبي.
كانت النرويج التي أصبحت المزود الرئيسي للغاز الطبيعي في أوروبا، عبرت عن شكوكها بشأن تحديد سقف لأسعار الغاز والذي اقترحته غالبية دول الاتحاد الأوروبي.
كما وقفت دول هنغاريا وسلوفاكيا والنمسا التي تستورد كميات كبيرة من الغاز من روسيا، ضد فرض سقف على الغاز الروسي خشية من الرد الروسي بوقف الإمدادات، في حين تخشى ألمانيا أن يؤدي القرار إلى الانقسام.
وقال "بوينو" إنه كما كان متوقعا، تستخدم روسيا الطاقة كسلاح ضد الاتحاد الأوروبي وذلك دليل على أنها أصبحت موردا غير موثوق به، ولذلك كان الرد الأوروبي واضحا برفض هذا التصرف والعمل عن كثب للتخلص من اعتماده على الإمدادات الروسية في أسرع وقت ممكن.
أضرار بالغة
بدوره، يؤكد مدير أبحاث الاقتصاد الكلي العالمي بالمعهد الوطني البريطاني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية، كورادو ماكشياريلي، لـ"سكاي نيوز عربية"، أنه من المحتمل أن يؤدي قطع إمدادات الغاز الروسي عن جميع أنحاء أوروبا إلى أضرار بالغة و"اختناقات" للبنية التحتية، مما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار ونقص حاد في الطاقة في بعض البلدان.
وأوضح أن التأثير على دول مثل ألمانيا وإيطاليا قد يكون كبيرا، نظرا لاعتمادها على الصادرات الروسية، ولكن هذا سيعتمد على نوع الاختناقات التي لا تزال قائمة في وقت الإغلاق وقدرة السوق على التكيف وإيجاد مصادر طاقة بديلة.
بدائل الغاز الروسي
وبشأن بدائل أوروبا للخروج من أزمة الطاقة الراهنة، أوضح متحدّث الاتحاد الأوروبي أن التكتل ينظر لذلك عبر بُعدين، داخليا وخارجيا:
* خارجيا: يعمل الاتحاد الأوروبي مع الشركاء الدوليين من أجل تعزيز التعاون في مجال الطاقة، مشيرا إلى أن لدى الاتحاد الأوروبي شراكة مميزة في هذا الصدد مع عدد من الموردين بما في ذلك في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
في هذا السياق، زار رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي شارل ميشيل الجزائر وقطر قبل أيام.
وقال "بوينو"، إن الاتحاد سيتمكن من استبدال جزء كبير من الإمدادات الروسية بفضل هذه الشراكات، بعدما وصل إلى الاتحاد الأوروبي رقما قياسيا من الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة الأميركية خلال الشهور الماضية، بجانب توقع استيراد 50 مليار متر مكعب في الشهور المقبلة.
"في الواقع، كان يمثل الغاز الروسي 40 بالمئة من كل الغاز المستورد في بداية الحرب على أوكرانيا، بينما أصبح يمثل اليوم 9 بالمئة فقط"، حسبما ذكر المتحدث باسم الاتحاد.
* داخليا: التركيز على الخطوات الضرورية لتوفير الطاقة ولخفض الاستهلاك قبل الشتاء المقبل.
وفي هذا الصدد، يرى "بوينو" أن الاتحاد الأوروبي "في المسار الصحيح"، بعدما جرى ملء مخازن الغاز بنسبة 85 بالمئة على المستوى الأوروبي، كما تمكنت بعض الدول مثل ألمانيا من ملء هذه المخازن بنسبة 90 بالمئة قبل الموعد المحدد.