زيادة كبرى في المبادلات التجارية بين المغرب وإسرائيل
16:02 - 12 سبتمبر 2022يعمل المغرب وإسرائيل على الرفع من حجم التجارة بينهما، منذ استئناف العلاقات الدبلوماسية في ديسمبر 2020، فيما تكشف الأرقام إحراز تقدم مهم على مستوى التعاون.
وكان المغرب وإسرائيل قد وقعا في فبراير الماضي اتفاقا للتعاون الاقتصادي، بهدف تعزيز علاقاتهما والرفع من قيمة التبادلات التجارية بين البلدين لأربعة أضعاف، لتصل إلى نصف مليار دولار سنويا.
ارتفاع في التجارة البينية
وجاء في إحصائيات الأمم المتحدة المتعلقة بالمعاملات التجارية بين دول العالم، التي تم تحديثها خلال شهر أغسطس الماضي، أن إسرائيل استوردت البضائع من المغرب خلال العام الماضي بما قيمته أكثر من 117 مليون دولار أميركي، بزيادة كبيرة مقارنة بسنة 2020 التي لم تتجاوز فيها صادرات المغرب إلى إسرائيل سقف 20 مليون دولار.
لكن الصادرات الإسرائيلية إلى المغرب، لم تتجاوز خلال العام الماضي 31 مليون دولار أميركي، وفي سنة 2020 لم تتجاوز 15 مليون دولار، وفق إحصائيات الأمم المتحدة، مما يبين أن الصادرات المغربية تفوق نظيرتها الإسرائيلية بأكثر من 3 أضعاف.
وفي تقرير آخر، أعلن معهد اتفاقات أبراهام للسلام أن حجم التجارة بين إسرائيل والمغرب بلغ في يوليو 2022 لوحده 4.7 مليون دولار، وهو ما يمثل ارتفاعا بنسبة 213 في المائة مقارنة بيوليو 2021.
وأضاف المعهد في نفس التقرير، أنه في الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، ارتفعت التجارة الثنائية إلى 24.3 مليون دولار؛ مما يشكل زيادة بنسبة 16 في المائة في التجارة مقارنة بالأشهر السبعة الأولى للعام 2021.
بعثة تجارية للمواكبة
ويرتقب أن تفتح إسرائيل بعثة تجارية في المغرب العام المقبل 2023، وفق ما أعلنت وزيرة الاقتصاد والصناعة الإسرائيلية، أورنا باربيفاي، يفي السادس من سبتمبر الجاري، خلال مؤتمر اقتصادي بإسرائيل.
وأكدت الوزيرة الإسرائيلية، أن حكومة بلادها تسعى لرفع حجم التجارة البينية مع المغرب لتصل إلى 500 مليون دولار، مركزة على الإمكانيات الهائل المتاحة في مجال الشراكة الاقتصادية بين المغرب وإسرائيل.
ويعتقد الباحث الاقتصادي في جامعة ابن طفيل بالقنيطرة، جهاد أيت سوسان، أنه "بالرغم من حداثة الاتفاقيات التجارية والاقتصادية التي وقعت في السنة الجارية، يمكن توقع تضاعف المبادلات التجارية من نحو 120 مليون دولار إلى 500 مليون دولار".
وأضاف سوسان، في تصريحه لـ"موقع سكاي نيوز عربية"، أن "التجارب الدولية عموما تؤكد على أهمية تحديث العلاقات الدبلوماسية، والجيوساسية، والأمنية في تسهيل الصادرات والواردات، والاستثمارات المباشرة ما بين الدول الموقعة".
وأشار إلى أن هذا الأمر يعني أن"التحالف الأمني والعسكري ما بين الدول الباحثة عن تقوية وضعها الجيو - سياسي، يبقى عاملا مؤثرا على العلاقات الاقتصادية والتجارية، ومن المرجح أن يستفيد المغرب على المدى البعيد".
بعد الفلاحة، صادرات التكنولوجيا
وبحسب الباحث الاقتصادي، فإن المواد الزراعية تشكل أغلبية الصادرات المغربية الموجهة لإسرائيل، إلى جانب المنسوجات وبعض المنتوجات الصناعية، لكن "التعاون الاقتصادي الذي نتج عن التعاون الأمني، سيسمح للمغرب بتصدير المنتوجات الصناعية والتكنولوجية بأقل تكلفة إلى إسرائيل، وهي في حاجة إلى خفض تكاليف الانتاج، في مناخ اقتصادي وسياسي غير مستقر بسبب الأزمة الأوكرانية، وتصاعد هيمنة الصين وتضخم غير مسبوق".
وتابع المتحدث ذاته، أنه بفضل تعزيز التعاون الأمني والعسكري بين المملكة وإسرائيل، "فستستفيد الشركات الإسرائيلية الراغبة في الاستثمار في المغرب من معاملات تفضيلية على المستوى الضريبي، وعلى مستوى تسهيل امتلاك العقارات، إلى جانب مزايا إدارية".
جالية مهمة وقطاعات رائدة
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي، رشيد ساري، أن "تطور العلاقات الاقتصادية والتجارية بين المغرب وإسرائيل فرضته مجموعة من الاعتبارات، أهمها وجود جالية مغربية تقطن بإسرائيل؛ أي نحو مليون يهودي من أصول مغربية يوجدون في إسرائيل".
وشدد ساري، في حديثه لـ"موقع سكاي نيوز عربية"، على ضرورة أن "تتطور العلاقات بين المغرب وإسرائيل في قطاعين كبيرين؛ الأول يتعلق بالقطاع الزراعي الذي أثبتت فيه إسرائيل ريادتها، خاصة بتجاربها في تحويل مناطق صحراوية إلى مناطق زراعية وخضراء، ثم الثاني المرتبط بالقطاع السياحي، وسط توقعات بأن يتمكن المغرب من استقطاب 500 ألف من السياح الإسرائيليين".
ويضيف المصدر أن "هناك مجموعة من القطاعات أثبتت فيها إسرائيل ريادتها على غرار صناعة الأسلحة، إضافة إلى قطاع الخدمات وقطاع الرقمة، الشيء الذي يستدعي استغلال هذه الريادة الإسرائيلية".
وخلص الخبير الاقتصادي، رشيد ساري، إلى أن "المغرب يجب أن يكون قطبا لمجموعة من الاستثمارات الإسرائيلية، لكون المملكة أرضا للاستثمارات ولمجموعة من المشاريع، خاصة بوجود استقرار أمني واستقرار صحي".
سوق استهلاكية كبيرة
في سياق كل هذا الوضع المشجع للاستثمار، يتيح المغرب للشركات الإسرائيلية، الوصول إلى 2.5 مليار مستهلك، بالنظر إلى اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعتها المملكة مع العديد من البلدان؛ بما في ذلك الولايات المتحدة والدول الإفريقية.
ويتوقع الباحث في الاقتصاد، جهاد أيت سوسان، أن "تدخل استثمارات مباشرة من إسرائيل في السنوات القادمة لتنافس المكانة التي طالما احلتها فرنسا واسبانيا كشريكين اقتصاديين تقليديين، ليسمح لإسرائيل من الاستفادة من الانتاجية والتنافسية العالية على الصعيد العالمي، و يسمح كذلك للمغرب من تحويل التكنولوجيا الإسرائيل الى الاقتصاد المحلي".
وأوضح المتحدث أن "المغرب أصبح منصة للإنتاج الصناعي والتكنولوجي، وقطاع المواصلات، والطب، والطاقات المتجددة، نظرا لقدرة المملكة على تحقيق الانتاجية والتنافسية على رغم التحديات السياسية العالمية الراهنة والتخبط الاقتصادي العالمي".