تعاون جماعات الانفصال والإرهاب.. الكاميرون على جبهتين
22:27 - 09 سبتمبر 2022جدد الهجوم الدامي لحركة انفصالية على حافلة، ومقتل 6 أشخاص في فاكو جنوب غرب الكاميرون، الانتباه لمعاناة البلد الواقع على الساحل الإفريقي الغربي من خطر الانفصاليين إلى جانب الجماعات الدينية المتطرفة، وانعكاس هذا على دول الجوار.
وحسب ما أعلنه وزير الإعلام الكاميروني رينيه إيمانويل سادي، فإن الإرهابيين (مصطلح تستخدمه السلطات للإشارة إلى الانفصاليين الناطقين بالإنجليزية) هاجموا حافلة نقل تابعة لشركة غولدن إكسبرس في مويوكا بمقاطعة فاكو؛ ما أدى إلى مقتل امرأة وخمسة رجال، وجرح 8 آخرين.
وتتوزع جماعات العنف على خريطة الكاميرون؛ ففي الجنوب الغربي المعروف باسم "الكاميرون الإنجليزي" ترتع جماعات تسعى إلى فصله بحجة التهميش، وفي الشمال الشرقي المعروف باسم "الكاميرون الفرنسي" تتسلل إليه جماعات إرهابية، مثل جماعة "بوكو حرام" من نيجيريا على حدودها الشمالية الغربية، وتنظيم "داعش" من تشاد على الحدود الشمالية الشرقية.
وأودى العنف الانفصالي في الجنوب خلال مواجهة الحكومة الناطقة بالفرنسية مع الحركات الانفصالية الناطقة بالإنجليزية إلى مقتل الآلاف ونزوح أكثر من 700 ألف شخص، وفق معهد الدراسات الأمنية "ISS".
بذور الصراع
الهجوم الذي نفذه الانفصاليون في مويوكا يأتي قبيل أيام من ذكرى إعلانهم في الكاميرون الجنوبية ما يسمى بدولة "أمبازونيا" المستقلة، أكتوبر 2017.
وجنوب الكاميرون، أو "أمبازونيا"، والتي يأتي اسمها من خليج جنوب غرب البلاد، تعود بذور أزمتها إلى عام 1858 حين أسس المبشر البريطاني ألفريد ساكر، مستوطنة للعبيد المحررين في الخليج، تسمت باسم "فيكتوريا"، وتنازلت بريطانيا عنها لألمانيا 1887، وبعد هزيمة الأخيرة في الحرب العالمية الأولى قسمت عصبة الأمم البلاد بين الانتدابين الفرنسي والإنجليزي.
وفي وقت لاحق، خيَّرت الأمم المتحدة الجنوب الغربي بين نيجيريا المجاورة أو الشمال الشرقي "الكاميرون الفرنسي"، واختارت الانضمام للأخيرة التي نالت استقلالها 1961، وكانت أكثر تطورا؛ وهو ما خلق تهم لها بتهميش الكاميرون الجنوبي، واندلاع صراع للانفصال.
وتقدر مجموعة الأزمات الدولية (ICG) وجود 10 مجموعات انفصالية تسيطر على مساحة كبيرة من الريف جنوب الكاميرون، أبرزها: مجلس الدفاع في أمبازونيا (ASC)، ومجلس أمبازونيا العسكري (AMC)، وقوات أمبازونيا العسكرية (AMF)، وقوات استعادة أمبازونيا(ARF)
التعاون بين الانفصالي والإرهابي
رغم اختلاف الأيديولوجيا، لكن يجمع حركات انفصالية وحركات دينية إرهابية الاشتراك في تجارة السلاح، واللعب على وتر الصراعات العرقية واللغوية.
وتسببت فوضى السلاح في تأجيج هذه الصراعات وزيادة معدل الجريمة، ويقدر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي التابع لمفوضية الاتحاد الإفريقي أن 120 ألف قطعة من الأسلحة الصغيرة والخفيفة على الأقل متداولة بشكل غير قانوني.
وتنتشر خلايا لتنظيم "ولاية داعش غرب إفريقيا"، في البلاد، فيما تشن "بوكو حرام" هجمات على المدنيين في بلدات أقصى الشمال.
الجيش على جبهتين
يعلق المحلل السياسي التوغولي محمد مادي غابكاتي، بأن المشكلة الكاميرونية ليست سوى نتيجة تقسيم البلاد بين الفرنسيين والبريطانيين، وغياب العدالة في المناطق الجنوبية.
واعتبر غابكاتي أن غياب لغة الحوار، بين ياوندي ومناطق الكاميرون الجنوبية، سيؤدي لارتفاع موجة العنف، والحوار هو حل سريع لمعالجة العنف الانفصالي، لافتا إلى أن الجيش مجبر على تنفيذ عملياته على عدة جبهات في الجنوب والشمال؛ ما يشكل إنهاكا له وتحديا كبيرا.