وسلاما عليك يا فلوجة.. قصة الغرنيكا العراقية
22:09 - 24 مارس 2013في محاولة من مجموعة ناشطات عراقيات لتوثيق أحداث الفلوجة، بعد مرور 10 أعوام على الغزو الأميركي للعراق، أنتجت مجموعة "تضامن المرأة العراقية" تسجيلاً صوتياً يتضمن أحداثاً شهدتها المدينة التي أصبحت في نوفمبر 2004 موقعاً لأعنف معركة دموية في الصراع في العراق.
وقامت الناشطة والكاتبة العراقية هيفاء زنكنة وزميلتها زينب خان بتنفيذ تسجيل صوتي لقصائد وأغان مختلفة وشهادات وتقارير إخبارية عن قصة مدينة المساجد، التي يوجد فيها وفي ضواحيها أكثر من 200 مسجد وجامع، ويقطنها أكثر من 300 ألف نسمة، وصدر في قرص مدمج (سي دي) بعنوان "سلاماً عليك يا فلوجة".
في بداية الغزو الأميركي للعراق في العام 2003 لم تتأثر المدينة، التي تقع على نهر الفرات وتبعد 70 كيلومتراً إلى الغرب من بغداد، بالغزو وكانت مسالمة إلى حد بعيد.
تقول هيفاء زنكنة، في تصريح خاص لسكاي نيوز عربية، عن هذا العمل الإبداعي إنه جاء "لتوثيق ما حدث في الفلوجة بطريقة مختلفة.. وتوثيق المجزرة في المدينة بشكل تدريجي"، مشيرة إلى أنها وزميلاتها اتبعن قلوبهن في المسألة.
وأوضحت أنها، نظراً لاهتماماتها الفنية، لجأت إلى فكرة "الكولاج" أو إعادة تركيب الصور بعد تقطيعها لتقديم قصة الفلوجة التي بدأت بتظاهرة للأطفال للمطالبة بخروج القوات الأميركية من المدرسة التي كانت تتمركز فيها تلك القوات.
وأشارت إلى أن معركة الفلوجة أدت إلى تدمير نحو 70 في المائة من المدينة، التي كانت مسالمة إلى حد بعيد خلال العام الأول من الغزو.
وقالت زنكنة إنه بالإضافة إلى المضامين والاهتمامات الفنية، فقد تم تتبع أغاني المقاومة التي ظهرت إثر المعركة في الفلوجة، فجمعت مجموعة النساء الناشطات عددا منها، بما فيها الأغاني التي لم يتح لها أن تنتشر، لأسباب منها أنها كانت ممنوعة، وصار يتم تناقلها وتبادلها على الهواتف الخلوية.
وأوضحت زنكنة أن السلطات الأميركية "كانت تحظرها بهدف إسكات الصوت المعبر عن المقاومة".
يبدأ التسجيل الصوتي الذي جاء على شكل (سي دي) مدته نحو نصف ساعة، بأصوات أطفال يلعبون في المدرسة، ثم تتداخل أصواتهم بأصوات الطائرات المروحية المقاتلة، لتطغى في النهاية على أصوات الأطفال.
وبعد ذلك، تقرأ بيداء عبيد قصيدة الشاعر العراقي معروف الرصافي بعنوان "يوم الفلوجة"، وهي قصيدة ألفاها الشاعر في أوائل أربعينيات القرن العشرين، حين خاض أهالي المدينة ذاتها معركة في العام 1941 ضد القوات البريطانية التي كانت تستعمر العراق آنذاك.
ففي الثالث والعشرين من إبريل 2004، تجمع نحو 200 رجل وطفل خارج مدرسة القائد الابتدائية في الفلوجة احتجاجاً على احتلالها من قبل القوات الأميركية، وطالبوا بإخلائها وإعادة افتتاحها أمام الدراسة، فأطلقت القوات الأميركية النار على المتظاهرين وقتلت 17 شخصاً، بينهم 3 أطفال أعمارهم أقل من 11 سنة، وجرحت أكثر من 70، وأطلقت النار كذلك على طواقم الإسعاف الذين حاولوا معالجة المصابين وإجلاء القتلى.
ويتضمن الشريط المسجل شهادات صحفيين أجانب، من بينها شهادة لمراسل الدايلي ميرور كريس هيوز، يروي فيها كيف قامت القوات الأميركية بإطلاق النار على المتظاهرين الذين احتجوا بعد أسبوع على تلك الحادثة من دون سابق إنذار.
في العام 2004، شكلت معركة الفلوجة التي قادتها القوات الأميركية في العراق، وتم فيها استخدام اليورانيوم المخصب، أكبر هجوم تقوم به القوات الأميركية منذ حرب فيتنام.
وقالت زنكنة إن الفلوجة "أصبحت رمزاً للمقاومة العراقية، مثل الغرنيكا الإسبانية، وكتب عنها كثير من الأعمال الأدبية علاوة على تنفيذ العديد من الأعمال الفنية التي تتناول موضوعها".
وأوضحت الكاتبة العراقية أنها بهذا العمل إنما تحاول الوصول إلى جيل مختلف، وهو جيل أقرب إلى الموسيقى، مشيرة إلى أنها استلهمت في العمل التجربة الفلسطينية ونوعية المقاومة والأنشطة الثقافية التي رافقت التجربة الفلسطينية.
وفي التسجيل كذلك، تقاسيم على العود وأغان تمجد المقاومة في الفلوجة بإلقاء صباح الجنابي، بالإضافة إلى شهادات شهود عيان عن أحداث الفلوجة وما تعرض له المواليد الجدد من أمراض وتشويه جراء استخدام أسلحة جديدة، ومن بينهم مراسل "سي إن إن" في العراق آنذاك، وشهادة الكاتب والأكاديمي الأميركي نعوم تشومسكي.
تأتي تلك الشهادات والأخبار المتعلقة بالفلوجة بينما يسمع في الخلفية صوت المروحيات الأميركية المقاتلة، وخصوصاً طائرات الأباتشي التي كانت تحوم في الأجواء فوق رؤوس الناس.