الانتخابات العراقية المبكرة.. من المستفيد ومن الرافض؟
18:55 - 11 أغسطس 2022أصبح سيناريو إجراء انتخابات مبكرة في العراق، ماثلًا للعيان، في ظل الأزمة السياسية الراهنة والتصعيد المتبادل بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وقوى الإطار التنسيقي، المدعومة من إيران.
ومنذ أيام يعتصم أنصار الصدر، في مبنى البرلمان العراقي، احتجاجًا على ترشيح قوى الإطار التنسيقي، القيادي السابق في حزب الدعوة، محمد شياع السوداني، لرئاسة الحكومة المقبلة.
وفي آخر خطوات الصدر، أمهل مجلس القضاء الأعلى، أسبوعًا لحل البرلمان، على أن يدعو رئيس الجمهورية إلى انتخابات مبكرة.
ويلاقي هذا المسار، قبول أغلب الأحزاب السياسية، لكنّ هناك اعتراضات تتعلق بالآلية والتوقيت، مِن قبل قوى الإطار التنسيقي، التي تسعى إلى تشكيل حكومة جديدة، تأخذ على عاتقها تهيئة الأمور للانتخابات المبكرة، وهو ما لا يرضاه الصدر.
في ظل تلك التطورات، بدأت أحزاب عراقية، إعادة تموضعها، استعدادًا للانتخابات المقبلة، مثل مراجعة بعض الأخطاء، وتحسس العمق الجماهيري، بشكل أكبر، ودراسة الأجواء المحلية والإقليمية، فضلًا عن تتبع الوعي الحاصل والمتراكم، عقب الاحتجاجات التي شهدها العراق، وذلك عبر حوارات وندوات واجتماعات متكررة.
رهن القانون الانتخابي
في هذا السياق، يرى الخبير في الشأن السياسي، مهند الجنابي، أن "الانتخابات المقبلة مرهونة بالقانون الجديد الخاص بها، الذي تسعى بعض القوى إلى إقراره، وفيما إذا كان سيُعتمد الفائز الأكبر، أو اعتماد معادلة (سانت ليغو) الذي يعتمد على القائمة الفائزة"، مشيرًا إلى أن "قوى الإطار التنسيقي، التي كانت مستفيدة من نظام (سانت ليغو) من الصعوبة أن تعود إليه، لذلك أعتقد بأنّ أي انتخابات ستحصل ستكون وفق القانون الحالي، مع إجراء بعض التعديلات الطفيفة التي أوصت بها المحكمة الاتحادية".
وأضاف الجنابي، في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أنه "بعد التحولات التي شهدها العراق خلال السنوات الماضية، آن الأوان لأن يكون للثقافة السياسية دور حاسم ومهم"، مؤكدًا أن "القانون الأخير للانتخابات (شُرع عام 2019)، سيزيد من فرص الأحزاب الجديدة بشكل أكبر، ويقتطع من جرف القوى التقليدية، مثل الإطار التنسيقي، وغيره، وهذا أيضًا مرهون بالمشاركة الواسعة للجماهير".
ولفت الجنابي إلى أن "الأزمة السياسية الحالية، زادت من حنق الشارع العراقي، على الأحزاب التقليدية، ورفعت منسوب تأييد القوى الناشئة، كبديل وطني قادر على إحداث تغيير جذري".
ولم تبدِ الأحزاب الكبيرة، مثل تحالف "السيادة" برئاسة خميس الخنجر، ورئيس البرلمان، محمد الحلبوسي، أو الحزب الديمقراطي الكردستاني، أي معارضة على إجراء الانتخابات المبكرة، لكن بعضها قدم شروطًا خاصة به، وهو ما أوحى بقدرة الأحزاب الكبيرة، على الصمود، والثقة التامة بجماهيرها.
لكن قوى "الإطار التنسيقي" المدعومة من إيران، ورغم عدم معارضتها إجراء الانتخابات المبكرة فإنها تريد انتزاع شروطٍ إضافية من الصدر، وفرض المزيد من الضغوط عليه، لفرض رؤيتها حول إدارة المرحلة الانتقالية.
ويمثل قانون الفائز الأعلى، الذي شرّعه البرلمان العراقي، تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية، كابوسًا لقوى "الإطار التنسيقي" التي مُنيت بخسارة كبيرة، لمقاعدها النيابية، خلال انتخابات العام الماضي، وهو ما دعاها إلى التفكير مجددًا بالعودة إلى القانون السابق، الذي يجعل المحافظة دائرة انتخابية واحدة.
الأحزاب الكبيرة
من جهته، يرى عضو شبكة شمس لمراقبة الانتخابات، أحمد العبيدي، أن "الأحزاب الكبيرة، مثل التيار الصدري، والحزب الديمقراطي الكردستاني، وحتى تحالف السيادة، تمتلك مناطق نفوذ وجغرافيا واضحة، غير مختلطة، لذلك فإن موقفها من الانتخابات المبكرة، يبدو تصالحيًّا، وليس هناك رفض قاطع".
ويرى العبيدي، في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أن "قوة وثقل القوى التقليدية، مرهون بتعديل قانون الانتخابات الحالي، وفي حال حصلت تعديلات، فإنها ستكون قطعًا بصالحهم، بداعي وجودهم في البرلمان وغياب نواب التيار الصدري، وهو ما لا يريده الصدر، الذي رفض حتى عقد جلسة لمجلس النواب".
ورغم امتلاك "الإطار التنسيقي" الآن نحو 130 نائبًا فإنه يتألف من نحو (8) أحزاب صغيرة ومتوسطة، أبرزها ائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي، ومنظمة بدر، برئاسة هادي العامري، فضلًا عن حيدر العبادي، وعمار الحكيم، وقيس الخزعلي وآخرين.
ومنذ أيام، تجري مبعوثة الأمم المتحدة لدى العراق جينين بلاسخارت، زيارات إلى القادة السياسيين، بهدف إقناعهم بمسار الحوار، وعدم الذهاب نحو سيناريوهات معقدة أكثر، بما فيها إعادة الانتخابات.
وحسب مصدر سياسي، فإن "الإشارات المبدئية، بشأن سيناريو إعادة الانتخابات، كانت محايدة، وتسعى إلى سبر أغوار القرار العراقي، لكن كان هناك تأكيد من قبل المجتمع الدولي، مثل الولايات المتحدة، على ضرورة الاتفاق السياسي، واعتماد آليات واضحة لحل النزاعات والخلافات، فضلًا عن دعوات وتأكيدات على مسألة ضم الجميع تحت مظلة تلك الانتخابات، وعدم إقصاء أي طرف".
وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه لـ"سكاي نيوز عربية"، أن "إيران تميل الآن نحو تشكيل حكومة جديدة، ومن ثم المضي نحو المسار الآخر، وهو الانتخابات المبكرة، وهذا واضح من تحركات حلفائها في العراق، فيما يبرز موقف المجتمع الدولي والإقليمي، كأحد العوامل المأخوذة بنظر الاعتبار، بالنسبة إلى السياسيين العراقيين، وهو موقف يسعى إلى فهم طبيعة الصراع، لكنه بالتأكيد يدفع نحو الحلول الأفضل، والمتفق عليها".