مناورات الصين.. لماذا تستعرض بكين أسلحتها النووية؟
19:58 - 10 أغسطس 2022يواصل الجيش الصيني مناوراته العسكرية في محيط جزيرة تايوان من 6 اتجاهات، على الرغم من أن موعد انتهائها كان مقررا يوم الأحد الماضي، وسط استعراض القوة النووية، والصواريخ البالستية وفرط الصوتية بينها "دي إف 17"، و "دي إف 41" العابرين للقارات.
كما وجهت بكين، انتقادات لاذعة لليابان، بمناسبة إحياء ذكرى قنبلة هيروشيما، متهمة إياها باستخدام "المظلة النووية" الأميركية بشكل دائم.
ورغم أن الجيش الصيني بدأ مناوراته في 4 أغسطس في 6 مناطق بمضيق تايوان، وأعلن انتهاؤها ظهر يوم 7 أغسطس، لكنه استمر في تنفيذها في الجانب الشرقي من الخط الفاصل بين البر الرئيسي وجزيرة تايوان.
ووفق بيان لقيادة المنطقة القتالية الشرقية التابعة للجيش الصيني، فإن القوات المشاركة في المناورات تنفذ تدريبات عمليات "حصار مشترك" و"دفاع مشترك".
وتدريبات الجيش الصيني استخدم خلالها صواريخ نووية وفرط الصوتية والطائرات والسفن الحربية، وجاءت ردا على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، لتايوان.
وتقول صحيفة "غلوبال تايمز" الحكومية الصينية، إن التدريبات العسكرية للجيش الصيني قرب تايوان ستصبح روتينية، ولن تتوقف حتى يتم لم شمل الجزيرة والبر الرئيسي للصين.
اليابان والأسلحة النووية
ووسط إحياء اليابان للذكرى الـ 77 لكارثة هيروشيما وناغازاكي، وجهت الصين انتقادات إلى طوكيو، وقالت إنها تستخدم "المظلة النووية" الأميركية دائما وتعرقل تخلي واشنطن عن سياسة البدء باستخدام الأسلحة النووية، رغم أنها الدولة الوحيدة في العالم التي تم قصفها بالقنابل الذرية.
وتلك التصريحات أدلى بها المتحدث باسم الخارجية الصينية تعليقا على تصريحات لرئيس وزراء اليابان فوميو كيشيدا، عن أن مأساة قصف هيروشيما بقنبلة نووية يجب ألا تتكرر أبدا.
وخلال تقرير لصحيفة "غلوبال تايمز" التابعة للحكومة الصينية، استعرضت بكين قوتها وعقيدتها النووية، إذ قالت إن الصين تواصل تطوير ترسانتها النووية ووسائل الإطلاق من البر والبحر والجو، لكنها أوضحت أن ترسانة الصين النووية تمثل واحدة من أهم أسرار الدولة وأن أي تقارير أميركية بشأنها تظل مجرد تكهنات.
وأضافت في تقرير، يوم الثلاثاء، إن الصين تمثل واحدة من الدول النووية الخمس في العالم التي تعترف بامتلاك الأسلحة النووية، إضافة إلى روسيا والولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة.
وتمتلك الصين رابع أضخم قوة نووية في العالم وتضم ترسانتها النووية 350 قنبلة نووية وفقا للإحصائيات المعلنة، حسبما ذكر تقرير لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام.
لكن بكين تطور ترسانتها النووية في إطار من السرية التي تعني أنها تمتلك قدرات أكبر عن المعلن عنه، وفق تقرير لوزارة الدفاع الأميركية.
وأشار التقرير إلى أن ترسانة الصين النووية يمكن أن تتساوي مع الترسانة النووية الأميركية بحلول عام 2050، علما بأن واشنطن تمتلك 5 آلاف و428 قنبلة نووية وفقا لإحصائيات عام 2022.
وعن عقيدة الصين النووية، تقول "غلوبال تايمز"، إن بكين أخذت عهدا على نفسها بعدم البدء باستخدام الأسلحة النووية لمهاجمة دول أخرى، وأنها تطور ترسانتها النووية كسلاح ردع للحيلولة دون تعرضها لهجوم نووي من أعدائها.
ويقول المحلل العسكري والاستراتيجي العميد طارق الحريري، إن الأزمة الحالية بين بكين وتايبيه تتجه إلى التهدئة وليس التصعيد، وذلك لأن طبيعة التخطيط الاستراتيجي للصين أو البر الرئيسي الصيني، يقوم على تعميق المصالح والمنافع الاقتصادية بين الطرفين، لافتاً إلى أن حجم الاستثمارات التايوانية في الصين خلال العقود الثلاثة المنصرمة تقترب من 200 مليار دولار، والتبادل التجاري بينهما خلال عام 2020 وحده، بلغ 166 مليار دولار، وإن هناك نحو مليون تايواني يقيمون في الصين الشعبية بشكل دائم، لإدارة أعمالهم الصناعية والتجارية والخدمية".
ويضيف الحريري لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن" التدريبات العسكرية الصينية كان الهدف منها رسالة من بكين للعالم وبخاصة واشنطن بأنه لا تنازل عن مبدأ "الصين الموحدة" وأن بكين "لن تسمح لأحد باللعب في تلك المنطقة".
ويردف أن هذا المبدأ يقوم على عقيدة صينية راسخة بأن " تايوان جزء لا يتجزأ من البر الرئيسي"، وقد تريد فرض نموذج "مدينة هونغ كونغ التي تقع على ساحل الصين الجنوبيّ، وتتمتع باستقلاليَّة عاليةً ونظاماً سياسياً مختلفاً عن ذاك في البر الصيني".
وأوضح:"بكين ليس لديها مانع في منح تايوان حرية سياسية واقتصادية على غرار هونغ كونغ بشرط أن تكون (بكين) المظلة الأم التي تجمع الأنظمة الثلاث تحت راية واحدة وهي الصين الموحدة، وذلك للحفاظ على تماسك المنظومة ومبدأ الدولة الأم".
وعن التدريبات الصينية وهل هي محاولة بداية للتدخل العسكري أم محاولة للضغط فقط على تايبيه؟ يقول العميد طارق الحريري، إنها "رسالة لواشنطن في المقام الأول، فالصراع الأساسي في تلك المنطقة هو صراع بين بكين وواشنطن التي تحاول عرقلة التمدد الاقتصادي الصيني حول العالم وتتخذ من أزمة تايوان ذريعة لتنفيذ هذا المخطط".
ويلفت المحلل العسكري إلى أن: “الصين استخدمت كل أدواتها المتاحة الحالية ومنها الأسلحة النووية وفرط الصوتية والعابرة للقارات لإرسال تلك الرسالة لأميركا، وقد تكون اتبعت في مناوراتها العسكرية استراتيجية الحرب الرمادية التي تقع ما بين الحرب الصلبة والناعمة" بهدف الحفاظ على الصين الواحدة".