كيف تحول احتمال الموت على قوارب الهجرة السرية فرصة للحياة؟
11:16 - 08 أغسطس 2022تمكنت الفرق الأمنية في تونس من إحباط 17 محاولة هجرة غير شرعية في ليلة واحدة.
ونجحت قوات خفر السواحل، أمس السبت، أيضا في إنقاذ 225 مهاجرا غير شرعي، من بينهم نساء وأطفال، كانوا على متن قوارب متهالكة عثر عليها في شرق جزيرة قوريا بمحافظة المنستير الساحلية وفي سواحل محافظة سوسة وقد كانت بصدد محاولة الإبحار خلسة باتجاه إيطاليا.
وبعد إحباط عمليات الهجرة السرية ألقت قوات الأمن القبض على عدد من المتورطين في تنظيم رحلات الموت الحاملين للجنسية التونسية وجنسيات دول أفريقية أخرى.
وأكد الناطق الرسمي باسم الحرس الوطني حسام الدين الجبابلي في بيان له " أنهم ضبطوا مع المهاجرين مبلغاً مالياً من "العملة الأجنبية" كما تمكنوا من القبض على أشخاص كانوا بصدد التحضير للقيام بعمليات اجتياز للحدود البحرية خلسة".
ومن جهته قال مسؤول الأمن الداخلي بمحافظة المنستير مراد بن صالح، في تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية، إن "اللافت في محاولات الهجرة السرية أنها كانت تضم عائلات بأكملها ونساء وأطفال قصر ورضع وهي ظاهرة غريبة ربما تقف وراءها الظروف الاقتصادية".
وأضاف أنهم يعملون بشكل مكثف على مراقبة السواحل خاصة كل ما تحسنت الأحوال الجوية وارتفعت محاولات الهجرة السرية التي أصبحت تشمل جنسيات مختلفة أفريقية وأسيوية لافتا إلى أن عمليات الحرقة كما يسمي التونسيون الهجرة السرية ارتفعت معدلاتها في الآونة الأخيرة ولا تتحمل مسؤوليتها الوحدات الأمنية وحدها بل الدولة بهياكلها المختلفة بسبب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تعيشها تونس والأحكام المخففة التي تسلط على منظمي رحلات الهجرة السرية ما يجعل نسبة العود إلى جرائم تهريب البشر مرتفعة.
وأردف بن صالح: لاحظنا أن جل الشباب في تونس يحلم بالهجرة رغم عواقبها غير المضمونة وذلك بسبب ارتفاع معدلات البطالة وتخلي الدولة والعائلة عن دورها الثقافي والاجتماعي والتربوي تجاه الشباب العاطل عن العمل.
هذا وأكد المسؤول الأمني أن شبكات دولية تنشط في تنظيم رحلات الهجرة غير الشرعية من المياه التونسية التي تمثل منطقة عبور لتهريب البشر من جنسيات مختلفة نحو القارة الأوروبية داعيا إلى وضع تشريعات وأحكام أكثر صرامة لزجر مجرمي تهريب البشر.
يشار إلى أن وتيرة رحلات الهجرة السرية من السواحل التونسية نحو السواحل الأوروبية ترتفع سنويا كلما تحسنت الأحوال الجوية وتعتبر إيطاليا بوابة عبورها نحو أوروبا انطلاقا من السواحل التونسية أو الليبية.
وكانت إحصائيات وزارة الداخلية الإيطالية قد أعلنت وصول 34 ألف شخص بحرا إلى إيطاليا منذ بداية العام 2022.
وعلق الناشط في المجتمع المدني والناطق باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر بأن الأرقام التي رصدوها في المنتدى وشهادات المهاجرين التي وثقوها تعكس رغبة الشباب التونسي في الهجرة مهما ارتفعت الكلفة المادية وعلت مخاطر المغامرة جراء تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والخدمات العامة.
وأضاف في تصريحات للموقع أن ندرة فرص الهجرة عبر المسالك القانونية أمام الباحثين عن العمل في أوروبا دفعت بالكثيرين نحو مغامرة مجهولة على قوارب الموت خاصة مع ظهور نشاط مكثف لشبكات استقطاب الراغبين في الهجرة غير القانونية عبر منصات التواصل الاجتماعي.
يأتي هذا بينما اعتبر الباحث في علم الاجتماع فؤاد الغربالي في تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية أن الأسباب الدافعة للهجرة تعد قديمة رغم أشكالها المتجددة وأبرزها غياب العرض السياسي الذي يبعث الأمل في نفوس الشباب حيث أن سنوات عدم الاستقرار السياسي والأزمات الاقتصادية مثلت عوامل دافعة للشباب للهجرة خاصة وأن دائرة توقعات الأجيال الجديدة في مجتمعنا توسعت ليطمح أكثر في الانخراط في مجتمع الاستهلاك والحصول على الرفاهية والخدمات الجيدة مقارنة بشباب الثمانينات.
وأرجع أستاذ علم الاجتماع ركوب الشباب والعائلات للمخاطر من أجل الهجرة باختلاف النظرة للمخاطر بين المستقرين ماديا واجتماعيا والحالمين بالاستقرار الذين باتو ينظرون رمزيا لاحتمال الموت على قوارب الهجرة فرصة لحياة أفضل.