مساعي تغيير الكاظمي.. بوّابة الحل أم مناورة لحلفاء إيران؟
23:18 - 06 أغسطس 2022تراجعت قوى "الإطار التنسيقي" في العراق، عن ترشيح القيادي السابق في حزب الدعوة الإسلامية، محمد شياع السوداني، على وقع الاعتصام الذي يقيمه أنصار الزعيم الصدري مقتدى الصدر، في البرلمان العراقي، كما أنها تسعى إلى تغيير رئيس الحكومة الحالية مصطفى الكاظمي.
ومنذ السبت الماضي، يعتصم آلاف من أنصار الصدر في البرلمان العراقي، استجابة لدعوة زعيمهم، الذي طالب أخيرا بحل البرلمان العراقي، وإعادة الانتخابات المبكرة، وهي دعوة لقيت استجابة واسعة من مختلف الأوساط السياسية.
وقال سياسي ضمن "الإطار التنسيقي" لـ"سكاي نيوز عربية" إنه "تم الاتفاق خلال الاجتماع الذي عقده الإطار التنسيقي، قبل أيام على استبدال المرشح محمد شياع السوداني، بشخصية أخرى، أكثر قبولا، بهدف امتصاص غضب الصدر وأنصاره، على أن يتم ترشيح شخصية أخرى، خلال الأيام المقبلة".
وأضاف السياسي الذي رفض الكشف عن اسمه، أن "قوى الإطار ستطلب من السوداني، سحب ترشيحه، لتجنب إحراجها في حال أعلنت العدول عن ترشيحه، فضلاً عن تجنب إحراجه شخصياً"، مشيراً إلى أنه "تم الحديث عن ضرورة تغيير الحكومة الحالية ورئيسها مصطفى الكاظمي، ضمن المسار الانتقالي".
ويرى مراقبون أن لدى قوى الإطار "ثأر" مع رئيس الحكومة الحالية،مصطفى الكاظمي، بداعي عدم توافقه مع ممارسات الفصائل المسلحة، ورغبتها بفرض سطوتها على مقاليد الحكم في البلاد، ومناهضته الضمنية لسياسة إيران، كما أنه شخصية براغماتية، تمكنت من تحقيق نجاحات على المستوى الدبلوماسي، عبر إعادة العلاقات بشكل وثيق بين العراق ومحيطه العربي، وهو ما أغاظ المجموعات الموالية لطهران.
الخبير في الشأن العراقي، والأكاديمي غالب الدعمي، قال إن "تغيير الكاظمي، قد يعقد المشهد السياسي، لجهة عدم ثقة زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بالإطار التنسيقي، فلو رشّح الإطار رئيساً للحكومة، فمن يضمن تحديد الرئيس الجديد موعد إجراء الانتخابات المبكرة، لكن بقاء الكاظمي، مع منحه صلاحيات جديدة من قبل البرلمان، فيما يتعلق بإجراء الانتخابات المبكرة، سيحقق هدف الصدر"، مشيراً إلى أن "الإطار التنسيقي لا يرغب بالكاظمي، لاعتقادهم بوجوده بأنهم لا يحصلون على أصوات انتخابية (لغياب التزوير)". على حد قوله.
الدعمي أضاف في حديث لـ"سكاي نيوز عربية" أن "الإطار التنسيقي تنازل عن رؤاه السابقة، مثل ترشيح السوداني، ويسعى الآن إلى رضا الصدر، وهو موافق على حل البرلمان وإعادة الانتخابات، خاصة وأن هذا التنازل لا يعني بالضرورة خسائر للإطار، لكنه يأتي في مصلحة البلد، وتجنباً للمخاطر المحدقة بالجميع".
ولفت إلى أن "التيار قد يرضا بشخصية موثوقة ومعتدلة لتشكيل حكومة مؤقتة، تهيئ لانتخابات مبكرة، وتمشة الأمور، خاصة وأن الأحزاب الكبيرة موافقة على هذا السيناريو، إذ لم يمانع الكرد والسنة، وربما لديهم بعض الاشتراطات الممكنة".
ووجدت قوى "الإطار التنسيقي" نفسها في غمرة احتجاجات صدرية، لا يمكن التعاطي معها، فضلاً عن تحركات سياسية اتخذها الصدر، مثل رغبته بإعادة الانتخابات، بعد البرلمان الحالي، وهي خطوات لم تكن تتوقعها تلك الأحزاب، على رغم حديثها عن وجود سياسيين مخضرمين في صفوفها.
وإذا أرادت تلك القوى تغيير الكاظمي، فإنها ستكون أمام تحدٍ صعب، وهو توافق الأحزاب الكردية على مرشح لرئاسة الجمهورية، للتصويت عليه، ومن ثم تكليف رئيس الحكومة الجديد، الذي يجب أن يحظى بقبول الصدر، والرأي العام المحلي وكذلك الدولي.
وفي حال عدم ترشيح "الإطار التنسيقي" لشخصية مقبولة وموثوقة، فإن خيار إبقاء الكاظمي سيكون ماثلاً، خاصة وأن الفترة المقبلة هي انتقالية، فضلاً عن أن الحكومة الحالية لديها تجربة اعتُبرت ناجحة في إدارة الأوضاع خلال السنتين الماضيتين، مثل إجرائها الانتخابات المبكرة، وفتح عدة ملفات معقدة، كمحاربة الفساد، وتعزيز العلاقات الخارجية، وتنويع مصادر الدخل، وإطلاق سلسلة إصلاحات اقتصادية.
من جهته، يرى المحلل السياسي، عماد محمد أن "القضية في العراق لا تتعلق ببقاء الكاظمي من عدمه، بل إن المسألة تتعلق أساساً بالثقة المفقودة بين الأحزاب السياسية، واتهامها لبعضها بالتسبب بالأوضاع الحالية، فضلاً عن الشرخ الذي حدث بين القوى الشيعية من جهة، والتيار الصدري من جهة أخرى، وهذا ربما لأول مرة، تصل الأمور إلى هذا المستوى"، مشيراً إلى أنه "يتضح من إشارات الصدر، أنه يفضل بقاء الكاظمي، لعدة اعتبارات، لحين إجراء الانتخابات الجديدة في حال الاتفاق عليه".
ويرى محمد في حديث لـ"سكاي نيوز عربية" أن "الإطار التنسيقي في وضع لا يُحسد عليه، ففضلاً عن الضربات التي تلقاها من الصدر، يدخل الآن في معركة جديدة، لتغيير الكاظمي، وهي مهمة ليست بالسهلة، إذ أن بعض الأحزاب داخل الإطار التنسيقي، تفضل الكاظمي، وقد أجازت تكليفه بتشكيل الحكومة بادئ الأمر، ما يعني أن رغبته هذه قد لا تكون مدخلاً للحل، وإنما تثير الخلافات من جديد".