الغيص: زيادة الإنتاج البسيطة تعطي مجالا أفضل لمراقبة الأسواق
18:30 - 04 أغسطس 2022قال الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، هيثم الغيص، في لقاء خاص مع "سكاي نيوز عربية"، إن زيادة إنتاج النفط "البسيطة" التي أقرها تحالف "أوبك+"، تهدف إلى إعطاء المجال لمراقبة الأسواق بشكل أفضل وأكثر دقة خلال الفترة المقبلة، لاسيما أن الأسواق تشهد حاليا تقلبات حادة وعدم وضوح في الرؤية بشكل كامل، بسبب المخاوف الاقتصادية من جهة ومخاوف شح الإمدادات ونقص الطاقة الإنتاجية الفائضة من جهة أخرى.
وكان تحالف "أوبك+" أقر أمس الأربعاء زيادة طفيفة في الإنتاج بمقدار 100 ألف برميل اعتبارا من أول سبتمبر المقبل، رغم مطالب المستهلكين وخاصة الولايات المتحدة بزيادة أكبر في الإنتاج من أجل خفض الأسعار.
وقال الغيص، الذي تولى مهامه رسميا في أول أغسطس، إن "السوق النفطية تعيش الآن في حالة شد وجذب ما بين المخاوف الاقتصادية العالمية، التي تشمل التضخم، ومخاوف الدخول في ركود اقتصادي، من جانب، ومن جانب آخر المخاوف من شح أو انخفاض القدرة الإنتاجية الاحتياطية، بسبب انخفاض الاستثمارات في قطاع الإنتاج والحفر والاستكشاف على مدار السنوات الماضية كلها".
وقال إنه "في ظل المرحلة الحالية، نحتاج بشكل مستمر لمراجعة البيانات المتعلقة بوضع السوق، والإمدادات، وميزان العرض والطلب، وبالتالي كان خيار (أوبك+) بإطلاق زيادة بسيطة في الإنتاج".
وأضاف: "السؤال كان هل نقوم بالاستنفاد التام للطاقة الإنتاجية الفائضة المحدودة، أم نحافظ على وجودها لحالات الاحتياط والطوارئ إذا احتاجها العالم".
وقال الغيص إن تحالف "أوبك+" سيواصل اجتماعاته الدورية بشكل شهري، حتى يتمكن من مواكبة المتغيرات المتسارعة في الأسواق، "وسنظل في حالة ترقب ومراقبة واستعداد دائم للتدخل حسب اللازم للموازنة بين العرض والطلب إن دعت الحاجة لذلك من خلال هذه الآلية التي نحن مستمرون في تطبيقها منذ عام 2017".
تباطؤ الاقتصاد
يرى الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، هيثم الغيص، أن الحديث عن دخول العالم في ركود اقتصادي، "مبالغ فيه"، وأن "تباطؤ النمو الاقتصادي قد يكون هو التعبير الأصح".
وأضاف: "مرحلة الركود لم نصلها بعد، وإن شاء الله لن نصلها، فالعالم ما زال يخرج من الآثار الاقتصادية السلبية الناتجة عن وباء كورونا، وبالتالي العالم لا يزال في حالة نمو اقتصادي، لكن وتيرة النمو تتم مراجعتها وتخفيضها".
وأشار الغيص إلى أنه في حالة حدوث تباطؤ في النمو الاقتصادي فإن ذلك سينعكس سلبا على الطلب على النفط، "لكن الأمر المميز في اتفاق (أوبك+)، هو مرونة الاتفاق، والآلية المتبعة في الاجتماعات الدورية والشهرية، أو حتى الاجتماعات الاستثنائية لو تطلب الأمر من أجل التدخل للموازنة بين العرض والطلب، على غرار الاتفاق التاريخي بخفض الإنتاج في أبريل 2020 لمواجهة تداعيات كورونا".
وقال الغيص إن "أوبك" تتوقع زيادة الطلب على النفط هذا العام بحوالي 3 ملايين برميل يوميا حتى الآن، وأن هذه الأرقام ستتم مراجعتها وإطلاق البيانات المحدثة في 11 أغسطس، بالتقرير الشهري، ومن المتوقع أن تنخفض قليلا الكميات عن التوقعات السابقة في الشهر الماضي، وهذا شيء طبيعي بين مختلف النشرات، ولا ننسى أننا سندخل بعد قليل في الربع الرابع من السنة حيث يشهد موسميا انخفاضا على الطلب مقارنة مع الصيف، كذلك ستدخل مصافي التكرير حول العالم في جدول الصيانة الدورية وهذا أيضا يسبب انخفاضا في الطلب."
مخاطر نقص الاستثمارات
حذر الأمين العام لـ"أوبك" من مخاطر انخفاض الاستثمارات العالمية في قطاع النفط، مؤكدا أن "أوبك" تطالب منذ فترة طويلة بضخ المزيد من الاستثمارات في مجالات الحفر والاستكشاف والإنتاج، من أجل ضمان توفر قدرة فائضة احتياطية في حالة الحاجة لها.
"ما نشهده اليوم من ارتفاع أسعار النفط، قد يرجع بشكل رئيسي إلى قلة وندرة الاستثمارات في صناعة النفط خلال السنوات الماضية، وهو ما أدى إلى أن الدول سواء في أوبك+ أو غيرها من الدول الأخرى مثل أميركا أو كندا ودول بحر الشمال، ليست لديها قدرة على زيادة الإنتاج".
وقال الغيص إنه في السنوات السابقة على كورونا، كانت هناك استثمارات سنوية في حدود 600 إلى 700 مليار دولار في مجال الحفر والاستكشاف والإنتاج، لكن بعد كورونا، انخفضت هذه الاستثمارات إلى أقل من 300 مليار دولار، مضيفا أنه إلى الآن لم تعد الاستثمارات إلى مستويات ما قبل كورونا.
وأضاف أنه "بحسب توقعات أوبك حتى عام 2045، فإن صناعة النفط ككل تحتاج إلى استثمارات تقدر بأكثر من 12 تريليون دولار للمحافظة على إمداد العالم بالطاقة المطلوبة من النفط، هذا ناهيك عن الغاز ومصادر الطاقة الأخرى".
توقعات 2023
قال الغيص إنه من الصعب إطلاق توقعات لسوق النفط في عام 2023، خاصة أن هناك متغيرات اقتصادية كثيرة تؤثر على السوق، مثل التضخم وطريقة معالجته، وأيضا، وضع وباء كورونا، "فما زلنا في الحقيقة لم نخرج من عنق زجاجة أزمة كورونا وتأثيراتها، فقد رأينا في الربع الأول والثاني من هذا العام موجة إغلاقات في الصين، التي لها تأثير كبير لكونها ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم".
"من الصعب التوقع لمستقبل السوق في العام المقبل، لكنني متفائل، فالوضع الآن أفضل كثيرا مما كنا عليه في العامين الماضيين، ونحن في تحالف أوبك+ الذي يضم 23 دولة مستمرون في اليقظة والمراقبة لأوضاع السوق، وسنلعب دورنا باستمرار حتى يكون السوق في حالة التعافي".
وأضاف: "من المهم أن نشدد على ضرورة ضخ مزيد من الاستثمارات في صناعة النفط ليس فقط من أجل عام 2023، ولكن أيضا للسنوات المقبلة".